الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن مكاتبا قتل عمدا وله وارث في كسبه غير المولى أو ليس له وارث غيره ولم يترك وفاء في قيمته ، ولا وفاء بالمكاتبة فلا قصاص فيه ; لأن في إيجاب القصاص ضررا على المكاتب ، وفي إيجاب القيمة توفر المنفعة عليه ; لأنه يؤدي عنه كتابته فيحكم بحريته وحق المقتول في بدل نفسه مقدم على حق غيره فإيجاب ما ينتفع به المقتول أولى من إيجاب القصاص الذي لا منفعة فيه للمقتول ، ولا لمن له القصاص بسببه إذا ترك وارثا غير المولى واشتباه من له القصاص يمنع وجوب القصاص ، وإن ترك وفاء وله ولد حر فلا قصاص فيه أيضا ، وإن اجتمع في طلبه الولي والولد لاشتباه المستوفي كان على قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما يؤدي كتابته فيحكم بحريته والقصاص لولده ، وعلى قول زيد بن ثابت رضي الله عنه يموت عبدا فيكون القصاص لمولاه واختلاف الصحابة يورث الشبهة ولأن المولى يأخذ بدل الكتابة من تركته فيحكم بحريته فباعتبار ابتداء القتل القصاص للمولى ; لأنه جناية على ملكه وباعتبار المآل القصاص للوارث ; لأنه يحكم بموته حرا فلاشتباه المستوفي كذلك ، وكذلك إن اجتمعا على استيفاء القصاص ; لأن أصل الفعل لم يكن موجبا للقصاص فباجتماعهما لا يصير موجبا ، وإن لم يدع المكاتب شيئا فلا قصاص في هذا الوجه للمولى ومراده من هذا الفصل إذا لم يكن في قيمته وفاء بالكتابة أما إذا كان في قيمته وفاء بها ، فقد ذكر قبل هذا أنه لا يجب القصاص أيضا ، وإن ترك وفاء ، ولا وارث له غير المولى فللمولى القصاص في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ; لأنه متعين للاستيفاء مات حرا أو عبدا ، وفي قول محمد رحمه الله لا قصاص فيه لاشتباه السبب ، وقد بينا المسألة في كتاب المكاتب .

التالي السابق


الخدمات العلمية