الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها ) لأن احتباسها ليس لحق الزوج بل لحق الشرع فإن التربص عبادة منها . [ ص: 406 - 408 ] ألا ترى أن معنى التعرف عن براءة الرحم ليس بمراعى فيه حتى لا يشترط فيها الحيض فلا تجب نفقتها عليه ، ولأن النفقة تجب شيئا فشيئا ولا ملك له بعد الموت فلا يمكن إيجابها في ملك الورثة ( وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية مثل الردة وتقبيل ابن الزوج فلا نفقة لها ) لأنها صارت حابسة نفسها بغير حق فصارت كما إذا كانت ناشزة ، بخلاف المهر بعد الدخول لأنه وجد التسليم في حق المهر بالوطء ، وبخلاف ما إذا جاءت الفرقة من قبلها بغير معصية كخيار العتق وخيار البلوغ والتفريق لعدم الكفاءة لأنها حبست نفسها بحق وذلك لا يسقط النفقة كما إذا حبست نفسها لاستيفاء المهر .

التالي السابق


( قوله ألا يرى أن معنى التعرف عن براءة الرحم ليس مراعى فيها ) استيضاح على أن وجوبها لحق الشرع عبادة فإنها لو لم تحض فيها انقضت العدة ما لم يظهر حمل ، وكذا يدل عليه وجوبها بالموت قبل الدخول ، ويعارض ذلك انقضاؤها إذا لم تعلم بموته حتى مضت مدة العدة . وأنت إذا أنعمت النظر فيما ذكرنا في باب العدة في مسألة تداخل العدتين ظهر لك جواب هذا فارجع إليه وأتقنه .

( قوله وكل فرقة جاءت من قبل الزوجة بمعصية ) احترز به عما يجيء من قبل الزوج مطلقا وعما يجيء من قبلها بغير معصية فإن لها النفقة فيهما . والحاصل أن الفرقة إما من قبله أو قبلها ، ففي الأول لها النفقة مطلقا سواء كانت بغير معصية مثل الفرقة بطلاقه أو لعانه أو عنته أوجبه بعد الخلوة ، ويشكل على إيجاب النفقة للملاعنة ما قدمناه في باب اللعان في الحديث { من أنه صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها بيتا ولا قوتا عليه } أو بمعصية مثل الفرقة بتقبيله بنت زوجته ، أو إيلائه مع عدم فيئه حتى مضت أربعة أشهر ، أو إبائه الإسلام إذا أسلمت هي ، أو ارتد هو فعرض عليه الإسلام فلم يسلم لأن بمعصيته لا تحرم هي النفقة وأما الثاني فإما بمعصية مثل تمكينها ابن الزوج أو إبائها إذا أسلم هو وهي وثنية أو مجوسية وردتها فلا تجب لها نفقة لأنها والحالة هذه حابسة نفسها بغير حق فكانت كالناشزة ، وإما بغير معصية مثل الفرقة بخيار البلوغ والعتق وعدم الكفاءة ووطء ابن الزوج لها مكرهة تجب لأنها حبست نفسها بحق لها أو عذرت شرعا فيه ، ولها السكنى في جميع الصور لأن القرار في منزل الزوج حق عليها فلا يسقط بمعصيتها ، أما النفقة فحق لها فتجازى بسقوطه بمعصيتها .

( قوله بخلاف المهر بعد الدخول ) يعني أنه يجب لها وإن جاءت الفرقة من جهتها بمعصية لأنه وجد الموجب له وهو تسليم نفسها فتقرر الحق لها فيه قبل طرو المعصية .




الخدمات العلمية