( وإذا قتل رجل من أهل العدل باغيا فإنه يرثه ، فإن قتله الباغي وقال قد كنت على حق وأنا الآن على حق ورثه ، وإن قال قتلته وأنا أعلم أني على الباطل لم يرثه ، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ) وقال أبو يوسف : لا يرث الباغي في الوجهين وهو قول الشافعي . وأصله أن العادل إذا أتلف نفس الباغي أو ماله لا يضمن ولا يأثم ; لأنه مأمور بقتالهم دفعا لشرهم ، والباغي إذا قتل العادل لا يجب الضمان عندنا ويأثم .
وقال الشافعي رحمه الله في القديم : إنه يجب ، وعلى هذا الخلاف إذا تاب المرتد ، وقد أتلف نفسا أو مالا . له أنه أتلف مالا معصوما أو قتل نفسا معصومة فيجب الضمان اعتبارا بما قبل المنعة . ولنا إجماع الصحابة ، رواه الزهري . [ ص: 107 ] ولأنه أتلف عن تأويل فاسد ، والفاسد منه ملحق بالصحيح إذا ضمت إليه المنعة في حق الدفع كما في منعة أهل الحرب وتأويلهم ، وهذا ; لأن الأحكام لا بد فيها من الإلزام أو الالتزام ، ولا التزام لاعتقاد الإباحة عن تأويل ، ولا إلزام لعدم الولاية لوجود المنعة ، والولاية باقية قبل المنعة وعند عدم التأويل ثبت الالتزام اعتقادا ، بخلاف الإثم ; لأنه لا منعة في حق الشارع ، إذا ثبت هذا فنقول : قتل العادل الباغي قتل بحق فلا يمنع الإرث . ولأبي يوسف رحمه الله في قتل الباغي العادل أن التأويل الفاسد إنما يعتبر في حق الدفع والحاجة هاهنا إلى استحقاق الإرث فلا يكون التأويل معتبرا في حق الإرث . ولهما فيه أن الحاجة إلى دفع الحرمان أيضا ، إذ القرابة سبب الإرث فيعتبر الفاسد فيه ، إلا أن من شرطه بقاءه على ديانته ، فإذا قال : كنت على الباطل لم يوجد الدافع فوجب الضمان .


