الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو شرطا العمل نصفين والمال أثلاثا جاز ) وفي القياس : لا يجوز ; لأن الضمان بقدر العمل ، فالزيادة عليه ربح ما لم يضمن فلم يجز العقد لتأديته إليه ، وصار كشركة الوجوه ، ولكنا نقول : ما يأخذه لا يأخذه ربحا لأن الربح عند اتحاد الجنس ، وقد اختلف لأن رأس المال عمل والربح مال فكان بدل العمل والعمل يتقوم بالتقويم فيتقدر بقدر ما قوم به فلا يحرم ، [ ص: 188 ] بخلاف شركة الوجوه ; لأن جنس المال متفق والربح يتحقق في الجنس المتفق ، وربح ما لم يضمن لا يجوز إلا في المضاربة .

التالي السابق


( قوله ولو شرطا العمل نصفين ) يعني التساوي في العمل والربح أثلاثا ( جاز ) بشرط كون المشروط له مشروطا عليه العمل ( وفي القياس لا يجوز ) وهو قول زفر ( لأن الضمان هنا إنما هو بقبول العمل ) أي لأنه لا مال عقدت الشركة عليه فزيادة الربح لأحدهما ( ربح ما لم يضمن فلم تجز ) كما لم تجز شركة الوجوه مع شرط [ ص: 188 ] التفاضل في ربح ما يباع مما اشترى بالوجوه ، وأما كون التفاضل يجري فيها إذا شرطا التفاوت في ملك المشتري ، فإن اشتركا على أن ما اشتراه كل منهما يكون للآخر ربعه فقط ، فينقسم الربح على قدر ملكهما فذلك في الحقيقة عدم التفاوت في الربح .

قلنا : المأخوذ من هذه الشركة ليس ربحا حقيقة ; لأن حقيقة الربح إنما تكون عند اتحاد جنس الربح وما به الاسترباح ، وهو هنا مختلف ; لأن رأس المال عمل والربح مال ، وإنما يقال له ربح مجازا ، وإنما هو بدل عمله والعمل يتقدر بالتقدير : أي بحسب التراضي ، فما قدر لكل هو ما وقع عليه التراضي أن يجعل بدل عمله فلا يحرم خصوصا إذا كان أحذق في العمل وأهدى ، وعلى هذا اتجه خلاف بعض المشايخ فيما لو شرطت الزيادة لأكثرهما عملا .

وصححوا الجواز لأن الربح لضمان العمل لا بحقيقة العمل ، ولذا لو مرض أحدهما أو غاب فلم يعمل وعمل الآخر كان الربح بينهما بلا خلاف يعلم .

وقوله ( بخلاف شركة الوجوه ; لأن جنس المال متفق ) فإن الربح بدل ما هو مال فيتحقق بالتفاوت في الربح ربح ما لم يضمن ، وهو لا يجوز إلا في المضاربة على خلاف القياس . هذا وقول المصنف لم يجز العقد وصار كشركة الوجوه يعطي ظاهره بطلان العقد بشرط الزيادة .

والوجه أن تبطل الزيادة فقط ويستحق مثل الأجر ، فإنه نص في شركة الوجوه التي شبه بها على ذلك في شرح الطحاوي فقال : وينبغي أن يشترط الربح بينهما على قدر الضمان وإن شرطا الربح بخلاف الضمان بينهما فالشرط باطل ويكون الربح بينهما على قدر ضمانهما




الخدمات العلمية