الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن كانا أسيرين فقتل أحدهما صاحبه أو قتل مسلم تاجر أسيرا ) فلا شيء على القاتل إلا الكفارة في الخطإ عند أبي حنيفة ، وقالا : ( في الأسيرين الدية في الخطإ والعمد ) ; لأن العصمة لا تبطل بعارض الأسر كما لا تبطل بعارض الاستئمان على ما بيناه ، وامتناع القصاص ; لعدم المنعة ويجب الدية في ماله لما قلنا . ولأبي حنيفة أن بالأسر صار تبعا لهم ; لصيرورته مقهورا في أيديهم ، ولهذا يصير مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم فيبطل به الإحراز أصلا وصار كالمسلم الذي لم يهاجر إلينا ، [ ص: 22 ] وخص الخطأ بالكفارة ; لأنه لا كفارة في العمد عندنا .

التالي السابق


( قوله : وإن كانا ) أي المسلمان ( أسيرين فقتل أحدهما صاحبه أو قتل مسلم تاجر أسيرا فلا شيء على القاتل ) من أحكام الدنيا ( إلا الكفارة في الخطإ عند أبي حنيفة ) ، وإنما عليه عقاب الآخرة في العمد ( وقالا : في الأسيرين الدية في الخطإ والعمد ; لأن العصمة لا تبطل بعارض الأسر كما لا تبطل بالاستئمان على ما بيناه ) يعني من قوله ; لأن العصمة الثابتة بالإحراز بدار الإسلام لا تبطل بعارض الدخول بالأمان فكان الأسيران كالمستأمنين ( و ) أما ( امتناع القصاص فلعدم المنعة ) كما ذكرنا ( وتجب الدية في ماله ; لما قلنا ) أن العواقل لا تعقل العمد .

هذا وقياس ما نقل قاضي خان عنهما في المسلمين المستأمنين من وجوب القصاص في العمد أن يقولا به في الأسيرين ; لأن الوجه يعمهما ( ولأبي حنيفة ) وهو الفرق بين الأسيرين والمستأمنين ( أن بالأسر صار تبعا لهم لصيرورته مقصورا في أيديهم حتى يصير مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم فيبطل به الإحراز أصلا ) ; لأن الأصل غير معصوم فكذا تبعه ( وصار كالمسلم الذي لم يهاجر إلينا ) في سقوط عصمته الدنيوية بجامع كون كل منهما مقهورا في أيديهم [ ص: 22 ] و ) إنما ( خص الكفارة بالخطإ ; لأنه لا كفارة في العمد عندنا ) كما يعرف في موضعه إن شاء الله تعالى . هذا والأقرب أن يجري فيهما حديث الشبهة كما تقدم على ما فيه .




الخدمات العلمية