( وشرطه النصاب ) ولو بالضم كما مر ( والنقد ) أي الذهب والفضة وإن لم يكن مضروبا ( على الذهب ) لأنه مال مستفاد من الأرض فاختص بما تجب فيه الزكاة قدرا ونوعا كالمعدن ، والثاني لا يشترطان للخبر المار ، والطريق الثاني القطع بالأول ( لا الحول ) فلا يشترط بلا خلاف ( وهو ) أي الركاز بمعنى المركوز ( الموجود الجاهلي ) في موات مطلقا سواء أكان بدار الإسلام أم بدار الحرب إن كانوا يذبون عنه ، وسواء أحياه الواجد أم أقطعه أم لا ، والمراد بجاهلي الدفن ما قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ، ويعتبر في كونه ركازا أن لا يعلم مالكه بلغته الدعوة وعاند ، وإلا فهو فيء كما في المجموع عن جمع وأقره ، وقضيته أن دفين من أدرك الإسلام ، ولم تبلغه الدعوة ركاز ، وخرج ما دون النصاب من النقدين وما يوجد من غيرهما فلا شيء فيه لما مر ، وقد علم مما تقرر أن المدار على الدفن والضرب دليله ، ولا نظر إلى احتمال أخذ مسلم له ودفنه ; لأن الأصل والظاهر عدم الأخذ ثم الدفن ، وإلا فلو نظرنا لذلك لم يكن لنا ركاز بالكلية ، فقد قال السبكي : الحق أنه لا يشترط العلم بكونه من دفنهم بل يكتفى بعلامة من ضرب أو غيره وهو متعين ، ولا بد أن يكون الموجود مدفونا ، فلو وجده ظاهرا .
وعلم أن السيل والسبع ونحو ذلك أظهره فركاز ، أو أنه كان ظاهرا فلقطة ، فإن شك كان كما لو تردد في كونه ضرب الجاهلية أو الإسلام ، قاله الماوردي ( فإن ) ( وجد ) دفين ( إسلامي ) بأن كان عليه اسم ملك من ملوك الإسلام أو قرآن ( علم مالكه ) بعينه ( فله ) لا لواجده فيجب رده على مالكه إذ مال المسلم لا يملك بمجرد الاستيلاء عليه ( وإلا ) بأن لم يعلم مالكه ( فلقطة ) يعرفه واجده كما يعرف اللقطة الموجودة على وجه الأرض ( وكذا إن ) ( لم يعلم من أي الضربين ) الجاهلي والإسلامي ( هو ) ولم يوجد [ ص: 99 ] عليه أثر كتبر وحلي وإناء ، أو كان يضرب مثله في الجاهلية والإسلام فيكون لقطة يفعل به ما مر ( وإنما ) ( يملكه ) أي الركاز ( الواجد وتلزمه الزكاة ) فيه ( إذا وجده في موات ) أو في خرائبهم أو قلاعهم أو قبورهم ( أو ) وجده في ( ملك أحياه ) ; لأنه ملك الركاز بإحيائه الأرض ، ولو وجده في أرض الغانمين كان لهم ، أو في أرض الفيء فلأهله ، أو في دار الحرب في ملك حربي فهو له ، أو في أرض موقوفة عليه فاليد له كما قاله البغوي وأقره .
( فإن ) ( وجد ) أي الركاز ( في مسجد أو شارع ) أو طريق نافذ ( فلقطة ) ; لأن اليد للمسلمين عليه ، وقد جهل مالكه ، ولأن الظاهر أنه لمسلم أو ذمي ولا يحل تملك مالهما بغير بدل قهرا ( على المذهب ) وقيل الموجود في الشارع ركاز فلو سبل مالكه طريقا أو مسجدا ، أو سبل الإمام أرضا من بيت المال كذلك كان لقطة أيضا ; لأن اليد للمسلمين وزالت يد المالك كما قاله الغزي خلافا للأذرعي لأنه جاهلي في مكان غير مملوك فأشبه الموات ( أو في ملك شخص فللشخص إن ادعاه ) بلا يمين كأمتعة الدار إن لم يدعه واجده وإلا فلا بد من اليمين والتقييد بدعوى المالك هو المعتمد كما ذكراه وإن شرط السبكي وابن الرفعة أن لا ينفيه وإن لم يدعه وصوبه الإسنوي كسائر ما بيده فقد رد بالفرق بينهما إذ يده ثم ظاهر معلومة له غالبا بخلافه فاعتبر دعواه له لاحتمال أن غيره دفنه ( وإلا ) أي وإن لم يدعه بأن سكت عنه أو نفاه ( فلمن ملك منه ) أو ورثته فإن نفاه بعضهم سقط حقه وسلك بالباقي ما مر ( وهكذا حتى ينتهي إلى المحيي ) للأرض فيكون له وإن لم يدعه ; لأنه بإحيائها ملك ما فيها ولا يدخل في البيع ; لأنه منقول فيسلم إليه ، ويؤخذ منه خمسه يوم ملكه ويلزم زكاة الباقي في السنين الماضية .
ولو أيس من مالكه فقيل يتصدق الإمام به [ ص: 100 ] أو من هو بيده لكن في المجموع عن الأصحاب لو وجد ركازا بدار الإسلام أو العهد وعرف مالك أرضه لم يملكه واجده بل يجب حفظه ، فإن أيس من مالكه كان لبيت المال كسائر الأموال الضائعة ، وإنما لم يكن لقطة كما لو وجده بنحو طريق ; لأنه وجده في ملك فكان لمالكه بخلافه ، ثم وفارق هذا ما قبله بما علم مما تقرر ، وقيل إن هذا فيما إذا عرف مالكه ثم أيس من وجوده ، وذاك فيما إذا جهلت عين مالكه ثم أيس من ذلك ، ووجه ذلك أن الوجود بعد اليأس من الوجود بعد المعرفة أقرب منه بعد اليأس من الوجود بعد الجهل بالعين فلذلك راعينا تلك الأقربية وجعلناه ملك بيت المال حتى يسهل غرمه لواجده إذا جاء بخلافه في الحالة الأخرى لبعد وجوده فمكنا واجده من التصرف بما مر ، ولا ينافي ما تقرر قولهم لو ألقى هارب أو ريح ثوبا بحجره مثلا أو خلف مورثه وديعة وجهل مالك ذلك لم يتملكه بل يحفظه ; لأنه مال ضائع لحمله على ما قبل اليأس وحينئذ فلا فرق في وجوب حفظه بين معرفة مالكه ثم الجهل به والجهل به من أصله ولا يعكر على ذلك قولهم الآتي في اللقطة : وما وجد بأرض مملوكة فلذي اليد فيها ، فإن لم يدعه فلمن قبله وهكذا إلى المحيي ، فإن لم يدعه فلقطة ; لأن المراد لم يدعه هنا أنه نفى مالكه عنه ، وحينئذ فيستند إلى وجوده في الأرض قبل الإحياء


