( وشرط الواصل كونه في منفذ ) بفتح الفاء كما ضبطه المصنف كالمدخل والمخرج ( مفتوح فلا يضر وصول الدهن ) إلى الجوف ( بتشرب المسام ) وهي ثقب البدن ( ولا ) يضر ( الاكتحال وإن وجد طعمه ) أي الكحل ( بحلقه ) كما لا يضر الانغماس في الماء وإن وجد أثره بباطنه لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد وهو صائم فلا يكره الاكتحال له .
والمسام جمع سم بتثليث السين والفتح أفصح ، قال الجوهري : ومسام الجسد ثقبه ( وكونه ) أي الواصل ( بقصد ، فلو وصل جوفه ذباب أو بعوضة أو غبار الطريق وغربلة الدقيق لم يفطر ) وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم أو غيره لما فيه من المشقة الشديدة ، بل لو فتح فاه عمدا حتى دخل جوفه لم يفطر أيضا لأنه معفو عن جنسه ، وشبهه الشيخان بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمدا ، وقضيته تصحيح أن محل عدم الإفطار به : أي عند
[ ص: 169 ] التعمد إذا كان قليلا ، ولكن ظاهر كلام الأصحاب عدم الفرق وهو الأوجه ، ولو فعل مثل ذلك وهو في الماء فدخل جوفه وكان بحيث لو سد فاه لم يدخل أفطر لقول الأنوار : ولو فتح فاه في الماء فدخل جوفه أفطر ، ويوجه بأن ما مر إنما عفي عنه لعسر وهذا ليس كذلك ، وفيه لو وضع شيئا فيه عمدا : أي لغرض بقرينة ما يأتي وابتلعه ناسيا لم يفطر ، ويؤيده قول الدارمي لو كان بفيه أو أنفه ماء فحصل له نحو عطاس فنزل به الماء جوفه أو صعد لدماغه لم يفطر ، ولا ينافيه ما يأتي من الفطر بسبق الماء الذي وضعه في فيه لأن العذر هنا أظهر وقد مر عدم فطره بالرائحة وبه صرح في الأنوار ، ويؤخذ منه أن وصول الدخان الذي فيه رائحة البخور أو غيره إلى الجوف لا يفطر به وإن تعمد فتح فيه لأجل ذلك وهو ظاهر ، وبه أفتى الشمس البرماوي لما تقرر أنها ليست عينا : أي عرفا ، إذ المدار هنا عليه وإن كانت ملحقة بالعين في باب الإحرام .
ألا ترى أن ظهور الريح والطعم ملحق بالعين فيه لا هنا ، وقد علم من ذلك أن فرض المسألة أنه لم يعلم انفصال عين هنا ، ولو خرجت مقعدة المبسور ثم عادت لم يفطر ، وكذا إن أعادها على الأصح لاضطراره إليه كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم ، ذكره البغوي والخوارزمي ، ويوجه أيضا بأنه كالريق إذا ابتلعه بعد انفصاله عن الفم على اللسان وبه يفارق ما لو أكل جوعا ، وجمع المصنف الذباب وأفرد البعوضة تبعا لنظم الآية أو لأن البعوضة لما كانت أصغر جرما من الذبابة وأسرع دخولا منها مع أن جمع الذباب مع كبر جرمه وندرة دخوله بالنسبة لها لا يضر علم أن جمع البعوض لا يضر بالأولى فأفرد البعوض وجمع الذباب لفهم الأول من الثاني بالأولى .


