( ويجب ) على الواطئ ( معها ) أي الكفارة ( قضاء يوم الإفساد ) ( على الصحيح ) لأنه إذا وجب على المعذور فعلى غيره أولى ، ولما رواه أبو داود { أنه صلى الله عليه وسلم أمر به الأعرابي } ، والثاني لا يجب لجبر الخلل بالكفارة ( وهي ) يعني كفارة الوقاع في رمضان ككفارة الظهار لقوله عليه الصلاة والسلام { من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر } وكفارة الظهار مرتبة بالإجماع ولأن فيها صوما متتابعا فكانت مرتبة كالقتل ولأنها كفارة ذكر فيها الأغلظ أولا وهو العتق فكانت مرتبة بخلاف كفارة اليمين ، وقد أشار إلى ترتيبها بقوله ( عتق رقبة ) مؤمنة ( فإن لم يجد ) ها ( فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع ) صومهما ( فإطعام ستين مسكينا ) أو فقيرا للخبر المار أول الفصل ، وسيأتي الكلام على صفتها في كتاب الكفارة إن شاء الله تعالى ، ولو شرع في الصوم ثم وجد الرقبة ندب له عتقها ، ولو شرع في الإطعام ثم قدر على الصوم ندب له ( فلو عجز عن الجميع ) أي جميع خصالها المذكورة ( استقرت ) الكفارة ( في ذمته في الأظهر ) لأنه صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي بأن يكفر بما دفعه إليه مع إخباره بعجزه فدل على ثبوتها في الذمة كما مر إيضاحه ، والثاني لا بل تسقط كزكاة الفطر ( فإذا قدر على خصلة ) منها ( فعلها ) كما لو
[ ص: 205 ] كان قادرا عليها حال الوجوب ، وكلام التنبيه يقتضي أن الثابت في ذمته هو الخصلة الأخيرة ، وكلام القاضي أبي الطيب يقتضي أنه إحدى الخصال الثلاث وأنها مخيرة ، وكلام الجمهور أنها الكفارة وأنها مرتبة في الذمة وبه صرح ابن دقيق العيد وهو المعتمد ، ثم إن قدر على خصلة فعلها أو أكثر رتب ( والأصح أن له العدول عن الصوم إلى الإطعام لشدة الغلمة ) بغين معجمة مضمومة ولام ساكنة شدة الحاجة للنكاح ، لأن حرارة الصوم وشدة الغلمة قد يفضيان به إلى الوقاع ولو في يوم واحد من الشهرين وذلك مقتض لاستئنافهما وفيه حرج شديد ، والثاني لا لقدرته على الصوم فامتنع عليه العدول عنه كصوم رمضان ( و ) الأصح ( أنه ) ( لا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله ) الذين تلزمه مؤنتهم كالزكوات وسائر الكفارات . وأما قوله عليه الصلاة والسلام في الخبر { أطعمه أهلك } ففي الأم يحتمل أنه لما أخبره بفقره صرفه له صدقة أو أنه ملكه إياه وأمره بالتصدق ، فلما أخبره بفقره أذن له في صرفها لهم للإعلام بإنها إنما تجب بعد الكفاية أو أنه تطوع بالتكفير عنه ، وسوغ له صرفها لأهله إعلاما بأن لغير المكفر التطوع بالتكفير عنه بإذنه وأن له صرفها لأهل المكفر عنه : أي وله فيأكل هو وهم منها كما نقله القاضي وغيره عن الأصحاب ، وحاصل الاحتمالين الأولين أنه صرف له ذلك تطوعا . قال ابن دقيق العيد : وهو الأقرب ، ويصح أن يكون المصنف احترز عن هذه المسألة بقوله وأنه لا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله لأن الصارف فيها إنما هو الأجنبي . نعم يبقى الكلام على ما تقرر في العدد المصروف إليه فيجوز كون عدد الأهل ستين مسكينا .


