( وهو في العشر الأواخر من رمضان أفضل ) منه في غيره ، وليس هذا مكررا بما مر في الباب السابق إذ ذاك في استحبابه في رمضان وما هنا في الحكم عليه بكونه فيه أفضل من غيره ، وأشار إلى حكمة أفضليته هنا بقوله ( لطلب ليلة القدر ) التي هي فيه أي فيحييها بالصلاة والقراءة وكثرة الدعاء فإنها أفضل ليالي السنة قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وفي الصحيح { من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } ( وهي من خصائص هذه الأمة ) والتي يفرق فيها كل أمر حكيم وباقية إلى يوم القيامة إجماعا وترى حقيقة فيتأكد طلبها والاجتهاد في إدراكها كل عام وإحياء ليلها كله بالعبادة والدعاء ، والمراد برفعها في خبر { فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم } رفع علم عينها وإلا لم يؤمر فيه بالتماسها ، ومعنى { عسى أن يكون خيرا لكم } : أي لترغبوا في طلبها والاجتهاد في كل الليالي وليكثر فيها وفي يومها من العبادة بإخلاص وصحة يقين ، ومن قوله : { اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا } ، ويسن لمن رآها أن يكتمها ، وما نقل في شرح مسلم من أنه لا ينال فضلها إلا من اطلع عليها ، فمن قامها ولم يشعر بها لم ينل فضلها ، رده جمع بتصريح المتولي بخلافه وبأن في مسلم { من قام ليلة القدر فوافقها } وتفسير الموافقة بالعلم غير مساعد عليه من اللغة ، وفيه عن ابن مسعود " من يقم الحول يصبها " وبقول أصحابنا : يسن التعبد في كل ليالي الشهر ليحوز الفضيلة بيقين . نعم يحمل قول من قال لم ينل فضلها على الكامل فلا ينافيه ما ذكر . وسميت ليلة القدر لأنها ليلة الحكم والفصل ، وقيل لعظم قدرها ( وميل الشافعي ) رضي الله عنه ( إلى أنها ليلة الحادي والعشرين )
[ ص: 215 ] ( أوالثالث والعشرين ) منه يدل على الأول خبر الصحيحين وعلى الثاني خبر مسلم وهذا نص المختصر ، والأكثرون على أن ميله إلى أنها ليلة الحادي والعشرين لا غير ، والأصح أنها تلزم ليلة بعينها وأرجاها بعد ما مر بقية أو تارة وفيها للعلماء نحو ثلاثين قولا ، وعلامتها عدم الحر والبرد فيها ، وأن تطلع الشمس صبيحتها بيضاء بلا كثير شعاع ، وحكمة ذلك أنه علامة لها ، أو أن ذلك لكثرة اختلاف الملائكة ونزولها وصعودها فيها فسترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها " وفائدة معرفة صفتها بعد فوتها بعد طلوع الفجر أنه يسن أن يكون اجتهاده في يومها كاجتهاده فيها ، وليجتهد في مثلها من قابل بناء على عدم انتقالها ، وقد نقل في زوائد الروضة عن نصه في القديم أن من شهد العشاء والصبح في جماعة فقد أخذ بحظه منها . وعن أبي هريرة مرفوعا { من صلى العشاء الآخرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر }


