: مسجد ولبث ونية ومعتكف ، وقد شرع في أولها فقال ( وإنما يصح الاعتكاف ، في المسجد ) للاتباع رواه الشيخان وللإجماع ولقوله تعالى { وللاعتكاف أربعة أركان ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } إذ ذكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطا في منع مباشرة المعتكف
[ ص: 216 ] لمنعه منها ولو خارج المسجد ولمنع غيره منها فيها فتعين كونها شرطا لصحة الاعتكاف ، ، ولا فرق بين سطحه وصحنه ورحبته المعدودة منه ، وأفهم كلامه عدم صحته فيما وقف جزؤه شائعا مسجدا أو في مسجد أرضه مستأجرة وهو كذلك ، وما رجحه ( ولا يفتقر شيء من العبادات إلى المسجد إلا التحية والاعتكاف والطواف ) الإسنوي من قول بعضهم : كما يصح على سطحه وجدرانه ظاهر وإن قال ( لو بنى فيه مسطبة ووقفها مسجدا صح ) الزركشي بالصحة وإن لم يبنها به إذ المسجد هو البناء الذي في تلك الأرض لا الأرض ومن هنا يعلم مسجدا كعكسه وعدم صحة وقف المنقول مسجدا كما سيأتي في كتاب الوقف . قال ( صحة وقف العلو دون السفل ) العز بن عبد السلام : فإن كان كذلك في الباطن فله أجر قصده واعتكافه وإلا فقصده فقط ( و ) المسجد ( الجامع ) وهو ما تقام الجمعة فيه ( أولى ) بالاعتكاف من غيره خروجا من خلاف جماعة من الصحابة وغيرهم في إيجابه لكثرة ( لو اعتكف فيما ظنه مسجدا )
[ ص: 217 ] لكثرة الجماعة فيه وللاستغناء عن الخروج للجمعة ، وشمل كلامه أخذا من العلة الأولى ما لو كان غيره أكثر جماعة منه وكان زمان الاعتكاف دون أسبوع أو كان المعتكف ممن لا تلزمه الجمعة ، وهو الأوجه كما قال الأذرعي إنه قضية إطلاق والجمهور ، وإن اقتضى قول الشافعي الرافعي إن مراعاة الجمعة أظهر عند خلافه إذ الخروج من الخلاف أولى ، الشافعي لا يؤيد اعتبار مراعاة الجمعة لأن مراد النص سلب وجوب الجامع مطلقا على من لا تلزمه الجمعة ، بخلاف غيره فقد تجب عليه ، ولذلك حذف ( والنص على أن من لا تلزمه الجمعة يعتكف حيث شاء من المساجد ) المصنف في الروضة ما ذكره الرافعي وأطلق أولوية الجامع من غير تفصيل . نعم قد وهو ممن تلزمه ولم يشترط الخروج لها ، إذ خروجه لها يقطع التتابع لتقصيره بعدم اعتكافه في الجامع ، ويؤخذ منه كما قاله ( يجب الجامع في الاعتكاف كأن نذر زمنا متتابعا فيه يوم جمعة ) الأذرعي عدم بطلان تتابعه بالخروج لها فيما لو كانت الجمعة تقام بين أبنية القرية في غير جامع ، ومثله ما لو كانت صغيرة لا تنعقد الجمعة بأهلها فأحدث بها جامع وجماعة بعد نذره واعتكافه ، لم يضر إن كان الذي ذهب إليه يصلي فيه أولا ، فإن صلى أهل كل منهما في ذلك في وقت واحد بطل تتابعه كما أفتى به ( ولو استثني الخروج لها وفي البلدة جامعان فمر على أحدهما وذهب إلى الآخر ) القفال ، أما إذا لم يشرط التتابع فلا يجب الجامع لصحة اعتكافه في سائر المساجد لمساواتها له في الأحكام ، ويستثنى من أولوية الجامع ما لو عين غيره فالمعين أولى إن لم يحتج لخروجه للجمعة .