( ومن ) مزدلفة ( بعد نصف الليل ) ولم يعد ( أو قبله ) ولو لغير عذر ( وعاد ) إليها ( قبل الفجر ) ( فلا شيء عليه ) أي لا دم عليه ، أما الحالة الأولى فلخبر الصحيحين عن ( دفع منها ) أي من { عائشة سودة رضي الله عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم وأم سلمة } وأما في الثانية فكما لو أن عرفة قبل الغروب ( ثم عاد إليها قبل الفجر ومن لم يكن بها في النصف الثاني ) سواء أكان بها في الأول أم لا ( أراق دما وفي وجوبه ) أي الدم بترك المبيت ( القولان ) السابقان في وجوبه على من لم يجمع بين الليل والنهار دفع من بعرفة ، وقضية هذا البناء عدم وجوب الدم فيكون مستحبا كما لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة ، لكن رجح المصنف في بقية كتبه الوجوب ، وقال السبكي : إنه المنصوص في الأم والصحيح من جهة المذهب : أي ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح ويسقط المبيت بها فلا إثم بتركه ولا دم لعذر مما يأتي في مبيت منى قياسا عليه ، ومن العذر هنا الاشتغال بالوقوف بأن انتهى إلى عرفة ليلة النحر واشتغل بالوقوف بها لاشتغاله بالأهم ، وقيده الزركشي بما إذا لم يمكنه الدفع إلى مزدلفة ليلا وإلا وجب جمعا بين الواجبين وهو ظاهر ، ولو عرفة إلى مكة لطواف الركن بعد نصف الليل وفات المبيت لأجل ذلك لم يلزمه شيء لاشتغاله بالطواف كاشتغاله بالوقوف ، ونظر فيه الإمام بأنه غير مضطر إليه بخلاف الوقوف ، ويأتي فيه ما مر عن أفاض من الزركشي وإن رد ذلك بأن كثرة الأعمال عليه في تلك الليلة ويومها اقتضت مسامحته بذلك لجريان ذلك في الأولى أيضا . قال الزركشي : ظاهر ذلك أنه لا فرق بين أن يمر بمزدلفة أم لا : أي قبل النصف ، وإلا فمروره بها بعده يحصل المبيت ، وبحث أن الأعذار هنا تحصل ثواب الحضور كما مر في صلاة الجماعة ، والذي مر أن المذهب عدم الحصول والمختار الحصول ، على أن الفرق أن فرض الكفاية أو السنة يسامح فيه ما لا يسامح في فرض العين فلا قياس ومن ثم كثرت الأعذار ثم لا هنا .