( فإذا ) دفعوا إلى منى و ( بلغوا المشعر الحرام ) هو بفتح الميم في الأشهر وحكي كسرها : جبل صغير آخر المزدلفة اسمه قزح بضم القاف وبالزاي ، وسمي مشعرا لما فيه من الشعار وهي معالم الدين ( الحرام ) أي المحرم ( وقفوا ) عليه ندبا كما في المجموع [ ص: 303 ] ووقوفهم عليه أفضل من وقوفهم بغيره من مزدلفة ومن مرورهم من غير وقوف وذكروا الله تعالى ( ودعوا إلى الأسفار ) مستقبلين القبلة للاتباع رواه مسلم ; ولأنها أشرف الجهات ويكثرون من قولهم : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ومن لم يتمكن من صعود الجبل وقف بجنبه ، ولو فاتت هذه السنة لم تجبر بدم ، ويكون من جملة دعائه : اللهم كما أوقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } إلى قوله { واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } ومن جملة ذكره : الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ( ثم يسيرون ) قبل طلوع الشمس بسكينة ووقار وشعارهم التلبية والذكر ، ويكره تأخير السير حتى تطلع الشمس ، فإذا وجدوا فرجة أسرعوا ، فإذا بلغوا وادي محسر وراء موضع فاصل بين مزدلفة ومنى أسرع كل راكبا أو ماشيا قدر رمية حجر حتى يقطع عرض الوادي { ; لأنه عليه الصلاة والسلام لما أتى بطن محسر حرك قليلا } وبعد قطعهم وادي محسر يسيرون بسكينة ( فيصلون منى بعد طلوع الشمس ) وارتفاعها قدر رمح ( فيرمي كل شخص ) راكبا أو ماشيا ( حينئذ ) أي حين وصوله ( سبع حصيات ) أي رميات ( إلى جمرة العقبة ) للاتباع .
رواه مسلم ، وهو تحية منى فلا يبتدأ فيها بغيره ، وتسمى أيضا الجمرة الكبرى وليست من منى بل حد منى من الجانب الغربي جهة مكة ، والسنة لرامي هذه الجمرة أن يستقبلها ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه كما صححه المصنف خلافا للرافعي في قوله إنه يستقبل الجمرة ويستدبر الكعبة ، هذا في رمي يوم النحر .
أما في أيام التشريق فقد اتفقا على استقبال الكعبة كما في بقية الجمرات ويحسن إذا وصل إلى منى أن يقول ما روي عن بعض السلف : اللهم هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وابن عبدك أسألك أن تمن علي بما مننت به على أوليائك ، اللهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين ، قال : وروي أن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما أنهما لما رميا جمرة العقبة قالا : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا .


