ولو نفر من منى  ولم يطف الوداع  جبر بالدم لتركه نسكا واجبا  ،  فعلم أنه لو أراد الرجوع إلى بلده من منى  لزمه طواف الوداع وإن كان قد طافه قبل عوده من مكة  إلى منى  كما صرح به في المجموع ( ولا يمكث بعده ) مما يتعلق به من ركعتيه والدعاء المحبوب عقبه عند الملتزم  وإتيان زمزم  والشرب من مائها لخبر  مسلم  السابق  ،  فإن مكث لغير حاجة أو حاجة لا تتعلق بالسفر كالزيارة والعيادة وقضاء الدين  فعليه إعادته  ،  لا إن اشتغل بركعتي الطواف أو بأسباب الخروج كشراء الزاد وأوعيته وشد الرحل أو أقيمت الصلاة فصلاها معهم كما في زيادة الروضة  ،  قال في المهمات : وتقدم في الاعتكاف أن عيادة المريض إذا لم يعرج لها لا تقطع الولاء بل يغتفر صرف قدرها في سائر الأغراض  ،  وكذا صلاة الجنازة فيجري ذلك هنا بالأولى  ،  وقد نص عليه  الشافعي  في الإملاء  ،  ولو مكث مكرها بأن ضبط أو هدد بما يكون إكراها فهل الحكم كما لو مكث مختارا  فيبطل الوداع أو نقول الإكراه يسقط إثر هذا اللبث  ،  فإذا أطلق وانصرف في الحال جاز ولا تلزمه الإعادة  ،  ومثله لو أغمي عليه عقب الوداع أو جن  لا بفعله المأثوم به  ،  والأوجه لزوم الإعادة في جميع ذلك إن تمكن منها وإلا فلا  ،  والمعتمد أنه ليس من مناسك الحج ولا العمرة كما قالاه بل هو عبادة مستقلة خلافا لأكثر المتأخرين  ،  وتظهر فائدة الخلاف في أنه هل يفتقر إلى نية أو لا وفي أنه هل يلزم الأجير فعله أو لا  ،  ولا يدخل تحت غيره من الأطوفة بل لا بد من طواف يخصه  ،  حتى لو أخر طواف الإفاضة وفعله بعد أيام وأراد الخروج عقبه  لم يكف كما ذكره الرافعي  في أثناء تعليل ( وهو واجب ) لخبر { أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت  إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض   } ( يجبر تركه بدم ) وجوبا كسائر الواجبات ( وفي قول سنة لا يجبر ) بدم كطواف القدوم  ،  وفرق الأول بأن طواف القدوم تحية البقعة فليس مقصودا في نفسه ولذلك يدخل تحت غيره  ،  وفي الشرح وغيره نفي الخلاف في الجبر  ،  وإنما الخلاف في كونه واجبا أو مندوبا خلافا لما توهمه عبارة الكتاب ( فإن أوجبناه فخرج ) من مكة  أو منى    ( بلا وداع ) عامدا أو ناسيا أو جاهلا بوجوبه ( وعاد ) بعد خروجه ( قبل مسافة القصر ) من مكة  أو منى  وطاف للوداع ( سقط الدم ) ; لأنه في حكم المقيم وكما لو جاوز الميقات غير محرم ثم عاد إليه  ،  ولا ينافي التعليل بأنه في حكم المقيم بتسويتهم السفر الطويل والقصير في وجوب الوداع إذ سفره هنا لم يتم  [ ص: 317 ] لعوده بخلافه هناك  ،  أما لو عاد ليطوف فمات قبل الطواف لم يسقط الدم ( أو ) عاد ( بعدها ) وطاف ( فلا ) يسقط ( على الصحيح ) لاستقراره بالسفر الطويل  ،  ولا يجب العود على من وصل مسافة القصر للمشقة  ،  بخلاف من لم يصلها يجب عليه العود  ،  وإن خرج ناسيا أو جاهلا لطواف الوداع وقد علم أن بلوغها كمجاوزتها  وقد صرح به في المجموع  ،  ومقابل الصحيح يسقط كالحالة الأولى . 
     	
		
				
						
						
