باب الإحصار والفوات هو في الاصطلاح : المنع من إتمام أركان الحج أو العمرة والفوات للحج ; لأن العمرة لا تفوت إلا في حق القارن خاصة تبعا لفوات الحج ، ويدل عليه قول
المصنف بعد : ومن فاته الوقوف .
nindex.php?page=treesubj&link=3517_27748_3866وموانع إتمام النسك ستة : الأول والثاني الحصر العام والخاص وقد ذكرهما بقوله
nindex.php?page=treesubj&link=3867_27748 ( من أحصر ) عن إتمام حج أو عمرة أو قران من جميع الطرق ( تحلل ) أي جاز له التحلل ، وسيأتي ما يحصل به سواء أكان المنع بقطع طريق أم بغيره ، وسواء أكان المانع كافرا أم مسلما وسواء أمكن المضي بقتال أو بذل مال أو لم يمكن ، إذ لا يجب احتمال الظلم في أداء النسك ، وسواء أحصل إحياء
[ ص: 363 ] الكعبة في ذلك العام أم لا ، سواء أكان العدو فرقا أم فرقة واحدة لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم } أي وأردتم التحلل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فما استيسر من الهدي } أي فعليكم ذلك .
والآية نزلت
بالحديبية حين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86731صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت وكان معتمرا فنحر ثم حلق ثم رجع وهو حلال وقال لأصحابه ، قوموا فانحروا ثم احلقوا } ، رواه الشيخان وأجمع المسلمون على ذلك ; ولأن في مصابرة الإحرام إلى أن يأتوا بالأعمال مشاق وحرجا ، وقد رفعه الله تعالى عنا ، ولاستفادتهم به الأمن من العدو الذي بين أيديهم ، ولو منعوا من الرجوع أيضا جاز لهم التحلل في الأصح ، أما إذا تمكنوا بغير قتال وبذل مال كأن كان لهم طريق آخر يمكن سلوكه ووجدت شروط الاستطاعة فيه لزمهم سلوكه سواء أطال الزمان أم قصر وإن تيقنوا الفوات ، فلو فاتهم الوقوف بطول الطريق المسلوك أو نحوه تحللوا بعمل عمرة ولا قضاء عليهم في الأظهر ، ويكره بذل مال للكفار لما فيه من الصغار بلا ضرورة ، ولا يحرم كما لا تحرم الهبة لهم ، أما المسلمون فلا يكره بذله لهم ، والأولى قتال الكفار عند القدرة عليه ليجمعوا بين الجهاد ونصرة الإسلام وإتمام النسك ، فإن عجزوا عن قتالهم أو كان المانعون مسلمين فالأولى لهم أن يتحللوا ويتجاوزوا عن القتال تحرزا عن سفك دماء المسلمين ، ويجوز لهم إن أرادوا القتال لبس الدرع ونحوه من آلات الحرب ، ويجب عليهم الفدية كما لو لبس المحرم المخيط لدفع حر أو برد والأفضل تأخير التحلل إن اتسع الوقت لاحتمال زوال الإحصار ، وإن ضاق فالأولى التعجيل مخافة أن يفوتهم الحج فيلزمهم القضاء عند بعضهم .
نعم إن غلب على ظنهم انكشافه في مدة الحج بحيث يمكنهم إدراكه أو في العمرة إلى ثلاثة أيام لم يجز لهم التحلل ، وكذا لو منعوا عن غير الأركان كالرمي والمبيت ; لأنهم متمكنون من التحلل بالطواف والحلق ، ويقع حجهم مجزئا عن حجة الإسلام ، ويجبر الرمي والمبيت بالدم وإن
nindex.php?page=treesubj&link=3791_3789_3871_3868منعوا من عرفة دون مكة وجب عليهم أن يدخلوها ويتحللوا بعمل عمرة وإن
nindex.php?page=treesubj&link=3895_3902_3867منعوا من مكة دون عرفة وقفوا ثم تحللوا ولا قضاء فيهما في الأظهر ، والحصر الخاص كأن حبس ظلما أو بدين وهو معسر به وعاجز عن إثبات إعساره به ; لأن مشقة كل أحد لا تختلف بين أن يتحمل غيره مثلها وأن لا يتحمل ،
nindex.php?page=treesubj&link=3868_3885_3884_3883_3867والحائض إذا لم تطف للإفاضة ولم يمكنها الإفاضة حتى تطهر وجاءت بلدها وهي محرمة وعدمت [ ص: 364 ] النفقة ولم يمكنها الوصول إلى البيت تتحلل بالنية والذبح والحلق كالمحصر كما مر التنبيه عليه .
بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ : الْمَنْعُ مِنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَالْفَوَاتُ لِلْحَجِّ ; لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ إلَّا فِي حَقِّ الْقَارِنِ خَاصَّةً تَبَعًا لِفَوَاتِ الْحَجِّ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
الْمُصَنِّفِ بَعْدَ : وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ .
nindex.php?page=treesubj&link=3517_27748_3866وَمَوَانِعُ إتْمَامِ النُّسُكِ سِتَّةٌ : الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْحَصْرُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=3867_27748 ( مَنْ أُحْصِرَ ) عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ ( تَحَلَّلَ ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ ، وَسَيَأْتِي مَا يَحْصُلُ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَانِعُ كَافِرًا أَمْ مُسْلِمًا وَسَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُضِيُّ بِقِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ ، إذْ لَا يَجِبُ احْتِمَالُ الظُّلْمِ فِي أَدَاءِ النُّسُكِ ، وَسَوَاءٌ أَحَصَلَ إحْيَاءُ
[ ص: 363 ] الْكَعْبَةِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَمْ لَا ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَدُوُّ فِرَقًا أَمْ فِرْقَةً وَاحِدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } أَيْ فَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ .
وَالْآيَةُ نَزَلَتْ
بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86731صَدَّ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْتِ وَكَانَ مُعْتَمِرًا فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ حَلَالٌ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ، قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا } ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ ; وَلِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَأْتُوا بِالْأَعْمَالِ مَشَاقَّ وَحَرَجًا ، وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنَّا ، وَلَاسْتَفَادَتْهُمْ بِهِ الْأَمْنَ مِنْ الْعَدُوِّ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَلَوْ مُنِعُوا مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا جَازَ لَهُمْ التَّحَلُّلُ فِي الْأَصَحِّ ، أَمَّا إذَا تَمَكَّنُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ وَبَذْلِ مَالٍ كَأَنْ كَانَ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ لَزِمَهُمْ سُلُوكُهُ سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ وَإِنْ تَيَقَّنُوا الْفَوَاتَ ، فَلَوْ فَاتَهُمْ الْوُقُوفُ بِطُولِ الطَّرِيقِ الْمَسْلُوكِ أَوْ نَحْوِهِ تَحَلَّلُوا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَظْهَرِ ، وَيُكْرَهُ بَذْلُ مَالٍ لِلْكُفَّارِ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّغَارِ بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا تَحْرُمُ الْهِبَةُ لَهُمْ ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُكْرَهُ بَذْلُهُ لَهُمْ ، وَالْأَوْلَى قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِيَجْمَعُوا بَيْنَ الْجِهَادِ وَنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَإِتْمَامِ النُّسُكِ ، فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ قِتَالِهِمْ أَوْ كَانَ الْمَانِعُونَ مُسْلِمِينَ فَالْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يَتَحَلَّلُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْقِتَالِ تَحَرُّزًا عَنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَجُوزُ لَهُمْ إنْ أَرَادُوا الْقِتَالَ لُبْسَ الدِّرْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ الْإِحْصَارِ ، وَإِنْ ضَاقَ فَالْأَوْلَى التَّعْجِيلُ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُمْ الْحَجُّ فَيَلْزَمَهُمْ الْقَضَاءُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ .
نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ انْكِشَافُهُ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ إدْرَاكُهُ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ التَّحَلُّلُ ، وَكَذَا لَوْ مُنِعُوا عَنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ ; لِأَنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ ، وَيَقَعُ حَجُّهُمْ مُجْزِئًا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَيُجْبَرُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِالدَّمِ وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3791_3789_3871_3868مُنِعُوا مِنْ عَرَفَةَ دُونَ مَكَّةَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَيَتَحَلَّلُوا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3895_3902_3867مُنِعُوا مِنْ مَكَّةَ دُونَ عَرَفَةَ وَقَفُوا ثُمَّ تَحَلَّلُوا وَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا فِي الْأَظْهَرِ ، وَالْحَصْرِ الْخَاصِّ كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِهِ وَعَاجِزٌ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ بِهِ ; لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا وَأَنْ لَا يَتَحَمَّلَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3868_3885_3884_3883_3867وَالْحَائِضُ إذَا لَمْ تَطُفْ لِلْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِفَاضَةُ حَتَّى تَطْهُرَ وَجَاءَتْ بَلَدَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَعَدِمَتْ [ ص: 364 ] النَّفَقَةَ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ تَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ كَالْمُحْصَرِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ .