[ ص: 372 ] كتاب البيع هو لغة : مقابلة شيء بشيء ، قال الشاعر :
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم ولا أسلمها إلا يدا بيد
وشرعا : عقد يتضمن مقابلة مال بمال بشرطه الآتي لاستفادة ملك عين أو منفعة مؤبدة ، وهو المراد بالترجمة هنا ، وقد يطلق على قسيم الشراء فيحد بأنه نقل ملك بثمن
[ ص: 373 ] على وجه مخصوص والشراء بأنه قبوله على أن لفظ كل يقع على الآخر ،
nindex.php?page=treesubj&link=4419_4418_4417والأصل في الباب قبل الإجماع آيات كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وأشهدوا إذا تبايعتم } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع } وأظهر قولي إمامنا رضي الله عنه أن هذه الآية عامة تتناول كل بيع ، إلا ما خرج لدليل فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع ولم يبين الجائز ، والثاني أنها مجملة والسنة مبينة لها وأحاديث كخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86736سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب ؟ فقال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور } أي لا غش فيه ولا خيانة . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
وخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنما البيع عن تراض } وأفرد لفظه ; لأن إفراده هو الأصل إذ هو مصدر فسقط القول بأنه فعل ذلك لإرادته نوعا منه وهو بيع الأعيان إذ إرادة ذلك تعلم من إفراده السلم ، وسيأتي في الإجارة بيع المنافع .
والنظر أولا في صحته ، والذي يتجه أنها تقارن آخر اللفظ المتأخر وأن انتقال الملك يقارنها ثم لزومه ثم حكمه قبل القبض
[ ص: 374 ] ثم في ألفاظ تطلق فيه ثم في التخالف ثم في معاملة العبيد ، وقد رتبها على هذا الترتيب مبتدئا منها بالكلام على الأركان وهي عاقد ومعقود عليه وصيغة .
وكثيرا ما يعبر
المصنف بالشرط مريدا به ما لا بد منه فيشمل الركن كما هنا ، وقدمها على العاقد والمعقود عليه إذ ليس المقصود تقدم ذات العاقد إلا بعد اتصاف كونه عاقدا ، وهو إنما يكون كذلك بعد إتيانه بالصيغة ، وهذا أولى مما أجاب به
الشارح بأن تقديمها لكونها أهم للخلاف فيها ( شرطه ) الذي لا بد منه لوجود صورته الشرعية في الوجود .
ولو في بيع ماله لولده محجوره وعكسه أو بيعه مال أحد محجوريه للآخر ، وكذا في البيع الضمني لكن تقديرا كأعتق عبدك عنى بألف فيقبل فإنه يعتق به كما سيذكره في الظهار لتضمنه البيع فلا يرد عليه هنا وهل يأتي في غير العتق كتصدق بدارك عنى على ألف بجامع أن كلا قربة ، أو يفرق بأن تشوف الشارع إلى العتق أكثر فلا يقاس غيره به ؟ كل محتمل وميل كلامهم إلى الثاني أكثر
[ ص: 375 ] nindex.php?page=treesubj&link=4483_4568_4497_4496_4480 ( الإيجاب ) من البائع وهو صريحا ما يدل على التمليك بعوض دلالة ظاهرة ، مما اشتهر وكرر على ألسنة حملة الشرع وستأتي الكتابة وسواء أكان هازلا أم لا لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } مع الخبر الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنما البيع عن تراض } والرضا أمر خفي لا اطلاع لنا عليه ، فجعلت الصيغة دليلا على الرضا فلا ينعقد بالمعاطاة وهي أن يتراضيا ولو مع السكوت منهما .
واختار
المصنف كجمع انعقاده بها في كل ما يعده الناس بها بيعا وآخرون في محقر كرغيف .
أما الاستجرار من بياع فباطل اتفاقا : أي حيث لم يقدر الثمن كل مرة على أن
الغزالي سامح فيه أيضا بناء على جواز المعاطاة ، وعلى الأصح لا مطالبة بها في الآخرة : أي من حيث المال ،
[ ص: 376 ] بخلاف تعاطي العقد الفاسد إذا لم يوجد له مكفر كما هو ظاهر للرضا .
أما في الدنيا فيجب على كل رد ما أخذه إن كان باقيا وبدله إن تلف ويجري خلافها في سائر العقود المالية ثم الصريح هنا ( كبعتك ) ذا بكذا وهذا مبيع منك بكذا أو أنا بائعه لك بكذا كما بحثه
الإسنوي وغيره وأفتى به
الوالد رحمه الله تعالى قياسا على الطلاق ( وملكتك ) ووهبتك كذا بكذا فالواو في كلام
المصنف بمعنى أو ، وكونهما صريحين في الهبة إنما هو عند عدم ذكر ثمن وفارق أدخلته في ملكك حيث كان كناية باحتمال الملك الحسي وشريت وعوضت وفعلت ورضيت واشتر مني وكذا بعني ولك علي وبعتك ولي عليك أو على أن لي عليك أو على أن تعطيني كذا إن نوى به الثمن ، واستفيد من كاف الخطاب أنه
[ ص: 377 ] لا بد من إسناد البيع إلى جملة المخاطب ولو كان نائبا عن غيره ، فلو
nindex.php?page=treesubj&link=4485_4478قال بعت ليدك أو نصفك أو لابنك أو موكلك لم يصح ، والفرق بين هذا ونحو الكفالة واضح .
نعم لا يعتبر الخطاب في مسألة المتوسط كقول شخص للبائع بعت هذا بكذا فيقول نعم ، أو بعت ومثلها جير أو أجل أو إي بالكسر ويقول للآخر اشتريت فيقول : نعم ، أو اشتريت لانعقاد البيع بوجود الصيغة ، فلو كان الخطاب من أحدهما للآخر لم يصح كما اعتمده
الوالد رحمه الله تعالى خلافا لظاهر كلام الحاوي ومن تبعه إذ المتوسط قائم مقام المخاطبة ولم توجد ، وظاهر أنه لا يشترط في المتوسط أهلية البيع لأن العقد لا يتعلق به ، ولو قال اشتريت منك هذا بكذا فقال البائع : نعم أو قال بعتك فقال المشتري : نعم صح كما ذكره في الروضة في النكاح استطرادا ، وإن خالف في ذلك
الشيخ في الغرر وعلله بأنه لا التماس فلا جواب ، ولو باع ماله لولده محجوره لم يتأت هنا خطاب بل يتعين بعته لابني وقبلته له ، وعلم من كاف التشبيه عدم انحصار الصيغ فيما ذكره ، فمنها صارفتك في بيع النقد بالنقد وقررتك بعد الانفساخ ووليتك وأشركتك
nindex.php?page=treesubj&link=4478_4482_4480 ( والقبول ) من المشتري وهو صريحا ما دل على التمسك دلالة قوية كما مر ( كاشتريت وتملكت وقبلت ) وفعلت
[ ص: 378 ] وأخذت وابتعت وصارفت وتقررت بعد الانفساخ في جواب قررتك وتعوضت في جواب عوضتك وقد فعلت في جواب اشتر منى ذا بكذا كما جزم به
الرافعي في النكاح وفي جواب بعتك كما نقله
الإسنوي عن زيادات
العبادي ، ومع صراحة ما تقرر يصدق في قوله لم أقصد بها جوابا ، أي بل قصدت غيره .
نعم الأوجه اشتراط أن لا يقصد عدم قبوله سواء أقصد قبوله أم أطلق هذا إن أتى به بلفظ الماضي كما أشعر به التصوير ، فلو قال أقبل أو أشتري أو أبتاع فالأوجه أنه كناية ومثله في ذلك الإيجاب
[ ص: 372 ] كِتَابُ الْبَيْعِ هُوَ لُغَةً : مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
مَا بِعْتُكُمْ مُهْجَتِي إلَّا بِوَصْلِكُمْ وَلَا أُسَلِّمُهَا إلَّا يَدًا بِيَدِ
وَشَرْعًا : عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُقَابَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ بِشَرْطِهِ الْآتِي لِاسْتِفَادَةِ مِلْكِ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُؤَبَّدَةٍ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ هُنَا ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ فَيُحَدُّ بِأَنَّهُ نَقْلُ مِلْكٍ بِثَمَنٍ
[ ص: 373 ] عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالشِّرَاءُ بِأَنَّهُ قَبُولُهُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=4419_4418_4417وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } وَأَظْهَرُ قَوْلَيْ إمَامِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ تَتَنَاوَلُ كُلَّ بَيْعٍ ، إلَّا مَا خَرَجَ لِدَلِيلٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بُيُوعٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجَائِزَ ، وَالثَّانِي أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ وَالسُّنَّةُ مُبَيِّنَةٌ لَهَا وَأَحَادِيثُ كَخَبَرِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86736سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ ؟ فَقَالَ : عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ } أَيْ لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
وَخَبَرِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ } وَأَفْرَدَ لَفْظَهُ ; لِأَنَّ إفْرَادَهُ هُوَ الْأَصْلُ إذْ هُوَ مَصْدَرٌ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ نَوْعًا مِنْهُ وَهُوَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ إذْ إرَادَةُ ذَلِكَ تُعْلَمُ مِنْ إفْرَادِهِ السَّلَمَ ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ بَيْعُ الْمَنَافِعِ .
وَالنَّظَرُ أَوَّلًا فِي صِحَّتِهِ ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهَا تُقَارِنُ آخِرَ اللَّفْظِ الْمُتَأَخِّرِ وَأَنَّ انْتِقَالَ الْمِلْكِ يُقَارِنُهَا ثُمَّ لُزُومُهُ ثُمَّ حُكْمُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ
[ ص: 374 ] ثُمَّ فِي أَلْفَاظٍ تُطْلَقُ فِيهِ ثُمَّ فِي التَّخَالُفِ ثُمَّ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ ، وَقَدْ رَتَّبَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مُبْتَدِئًا مِنْهَا بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَهِيَ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ .
وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ
الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ مُرِيدًا بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا ، وَقَدَّمَهَا عَلَى الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ تَقَدُّمَ ذَاتِ الْعَاقِدِ إلَّا بَعْدَ اتِّصَافِ كَوْنِهِ عَاقِدًا ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالصِّيغَةِ ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَجَابَ بِهِ
الشَّارِحُ بِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لِكَوْنِهَا أَهَمَّ لِلْخِلَافِ فِيهَا ( شَرْطُهُ ) الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِوُجُودِ صُورَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْوُجُودِ .
وَلَوْ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِوَلَدِهِ مَحْجُورِهِ وَعَكْسِهِ أَوْ بَيْعِهِ مَالَ أَحَدِ مَحْجُورِيهِ لِلْآخَرِ ، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنَى بِأَلْفٍ فَيَقْبَلُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الظِّهَارِ لِتَضَمُّنِهِ الْبَيْعَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ هُنَا وَهَلْ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْعِتْقِ كَتَصَدَّقْ بِدَارِك عَنَى عَلَى أَلْفٍ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا قُرْبَةٌ ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَكْثَرُ فَلَا يُقَاسَ غَيْرُهُ بِهِ ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمِيلُ كَلَامِهِمْ إلَى الثَّانِي أَكْثَرُ
[ ص: 375 ] nindex.php?page=treesubj&link=4483_4568_4497_4496_4480 ( الْإِيجَابُ ) مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ صَرِيحًا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ دَلَالَةً ظَاهِرَةً ، مِمَّا اُشْتُهِرَ وَكُرِّرَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَسَتَأْتِي الْكِتَابَةُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ هَازِلًا أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ } وَالرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ ، فَجُعِلَتْ الصِّيغَةُ دَلِيلًا عَلَى الرِّضَا فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْمُعَاطَاةِ وَهِيَ أَنْ يَتَرَاضَيَا وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ مِنْهُمَا .
وَاخْتَارَ
الْمُصَنِّفُ كَجَمْعِ انْعِقَادِهِ بِهَا فِي كُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بِهَا بَيْعًا وَآخَرُونَ فِي مُحَقَّرٍ كَرَغِيفٍ .
أَمَّا الِاسْتِجْرَارُ مِنْ بَيَّاعٍ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا : أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرُ الثَّمَنَ كُلَّ مَرَّةٍ عَلَى أَنَّ
الْغَزَالِيَّ سَامَحَ فِيهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَاطَاةِ ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ : أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالِ ،
[ ص: 376 ] بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُكَفِّرٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلرِّضَا .
أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ رَدُّ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ وَيَجْرِي خِلَافُهَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ ثُمَّ الصَّرِيحُ هُنَا ( كَبِعْتُكَ ) ذَا بِكَذَا وَهَذَا مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك بِكَذَا كَمَا بَحَثَهُ
الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ
الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ ( وَمَلَّكْتُكَ ) وَوَهَبَتْك كَذَا بِكَذَا فَالْوَاوُ فِي كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى أَوْ ، وَكَوْنُهُمَا صَرِيحَيْنِ فِي الْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ ثَمَنٍ وَفَارَقَ أَدْخَلْته فِي مِلْكِك حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً بِاحْتِمَالِ الْمِلْكِ الْحِسِّيِّ وَشَرَيْت وَعَوَّضْت وَفَعَلْت وَرَضِيت وَاشْتَرِ مِنِّي وَكَذَا بِعْنِي وَلَك عَلَيَّ وَبِعْتُك وَلِي عَلَيْك أَوْ عَلَى أَنْ لِي عَلَيْك أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا إنْ نَوَى بِهِ الثَّمَنَ ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَافٍ الْخِطَابِ أَنَّهُ
[ ص: 377 ] لَا بُدَّ مِنْ إسْنَادِ الْبَيْعِ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ وَلَوْ كَانَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ ، فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4485_4478قَالَ بِعْت لِيَدِك أَوْ نِصْفِكِ أَوْ لِابْنِك أَوْ مُوَكِّلِك لَمْ يَصِحَّ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْكَفَالَةِ وَاضِحٌ .
نَعَمْ لَا يُعْتَبَرُ الْخِطَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِلْبَائِعِ بِعْت هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ ، أَوْ بِعْت وَمِثْلُهَا جِيرٌ أَوْ أَجَلٌ أَوْ إي بِالْكَسْرِ وَيَقُولُ لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَيَقُولُ : نَعَمْ ، أَوْ اشْتَرَيْت لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ الصِّيغَةِ ، فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ
الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُ إذْ الْمُتَوَسِّطُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُخَاطَبَةِ وَلَمْ تُوجَدْ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَسِّطِ أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ : نَعَمْ أَوْ قَالَ بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي : نَعَمْ صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ اسْتِطْرَادًا ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ
الشَّيْخَ فِي الْغَرَرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا الْتِمَاسَ فَلَا جَوَابَ ، وَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِوَلَدِهِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَتَأَتَّ هُنَا خِطَابٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ بِعْته لِابْنِي وَقَبِلْته لَهُ ، وَعُلِمَ مِنْ كَافٍ التَّشْبِيهِ عَدَمُ انْحِصَارِ الصِّيَغِ فِيمَا ذَكَرَهُ ، فَمِنْهَا صَارَفْتُكَ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ وَقَرَّرْتُك بَعْدَ الِانْفِسَاخِ وَوَلَّيْتُك وَأَشْرَكْتُك
nindex.php?page=treesubj&link=4478_4482_4480 ( وَالْقَبُولُ ) مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَرِيحًا مَا دَلَّ عَلَى التَّمَسُّكِ دَلَالَةً قَوِيَّةً كَمَا مَرَّ ( كَاشْتَرَيْتُ وَتَمَلَّكْت وَقَبِلْت ) وَفَعَلْت
[ ص: 378 ] وَأَخَذْت وَابْتَعْت وَصَارَفْتُ وَتَقَرَّرْتُ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ فِي جَوَابِ قَرَّرَتْك وَتَعَوَّضْت فِي جَوَابِ عَوَّضَتْك وَقَدْ فَعَلْت فِي جَوَابِ اشْتَرِ مِنَى ذَا بِكَذَا كَمَا جَزَمَ بِهِ
الرَّافِعِيُّ فِي النِّكَاحِ وَفِي جَوَابِ بِعْتُك كَمَا نَقَلَهُ
الْإِسْنَوِيُّ عَنْ زِيَادَاتِ
الْعَبَّادِيِّ ، وَمَعَ صَرَاحَةِ مَا تَقَرَّرَ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ بِهَا جَوَابًا ، أَيْ بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ .
نَعَمْ الْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ عَدَمَ قَبُولِهِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ قَبُولَهُ أَمْ أَطْلَقَ هَذَا إنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّصْوِيرُ ، فَلَوْ قَالَ أَقْبَلُ أَوْ أَشْتَرِي أَوْ أَبْتَاعُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْإِيجَابُ