ثم شرع في الركن الثاني وهو العقد ، وقدمه على المعقود عليه لتقدم الفاعل على المفعول طبعا ، فقال
nindex.php?page=treesubj&link=4423_4429_4431_4430_4428_4434 ( وشرط العاقد ) بائعا أو مشتريا الإبصار كما سيذكره ، و ( الرشد ) يعني عدم الحجر ليشمل من بلغ مصلحا لدينه وماله ثم بذر ولم يحجر عليه ، ومن لم يعهد له تقدم تصرف عليه بعد بلوغه وجهل حاله ، فإن الأقرب صحة تصرفه كما أفتى به
الوالد رحمه الله تعالى كمن جهل رقه وحريته لأن الغالب عدم الحجر كالحرية ،
[ ص: 386 ] ومن حجر عليه بفلس إذا عقد في الذمة بخلاف صبي ولو مراهقا ومجنون ومحجور عليه بسفه مطلقا وفلس بالنسبة لبيع عين ماله ، وإنما صح بيع العبد من نفسه ; لأنه عقد عتاقة ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=4429_24318_4473أتلف الصبي أو تلف عنده ما ابتاعه أو اقترضه من رشيد وأقبضه له لم يضمن ظاهرا وكذا باطنا وإن نقل عن نص الأم خلافه ، واعتمده بعض المتأخرين ، إذ القبض مضيع لماله أو من صبي مثله ولم يأذن الوليان ضمن كل منهما ما قبض من الآخر ، فإن كان بإذنهما فالضمان عليهما فقط لوجود التسليط منهما ، وعلى بائع الصبي رد الثمن لوليه ، فلو رده لصبي ولو بإذن الولي وهو ملك الصبي لم يبرأ منه .
نعم إن رده بإذنه وله في ذلك مصلحة متعلقة ببدنه كمأكول ومشروب ونحوهما برئ كما قاله
الزركشي ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=24888_4598_4433_4432_4426_7220_4429_6619_6611قال مالك وديعة سلم وديعتي للصبي أو ألقها في البحر ففعل برئ لامتثال أمره ، بخلاف ما لو كان دينا ، إذ ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح ، ولو أعطى صبي دينارا لمن ينقده أو متاعا لمن يقومه ضمن الآخذ إن لم يرده لوليه إن كان ملك الصبي أو لمالكه إن كان لغيره ، ولو أوصل صبي هدية إلى غيره وقال هي من زيد مثلا أو أخبر بالدخول عمل بخبره مع ما يفيد العلم أو الظن من قرينة ،
[ ص: 387 ] وكالصبي في ذلك الفاسق ، ويصح بيع السكران المتعدي بسكره مع عدم تكليفه على الراجح ، ولوروده على مفهوم قول أصله التكليف كالسفيه على منطوقه أبدله بالرشد ليشمله بالمعنى الذي قررناه ، ولا يرد عليه من زال عقله بغير مؤثم لكونه ملحقا بالمحجور عليه (
قلت : وعدم الإكراه بغير حق ) فلا يصح عقد مكره في ماله بغير حق لعدم الرضا وقد قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } بخلافه بحق كأن أكره رقيقه عليه أو أكره غيره ولو بباطل على بيع مال نفسه فإنه يصح إذ هو أبلغ في الإذن فيهما ، أو تعين بيع ماله لوفاء دينه أو شراء مال أسلم إليه فيه فأجبره الحاكم عليه
[ ص: 388 ] بالضرب وغيره وإن صح بيع الحاكم له لتقصيره ، ويصح بيع المصادر مطلقا ، إذ لا إكراه ظاهرا
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْعَقْدُ ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا ، فَقَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=4423_4429_4431_4430_4428_4434 ( وَشَرْطُ الْعَاقِدِ ) بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا الْإِبْصَارُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ ، وَ ( الرُّشْدُ ) يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدَيْنِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَجَهْلِ حَالِهِ ، فَإِنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ
الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَنْ جُهِلَ رِقُّهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْحَجْرِ كَالْحُرِّيَّةِ ،
[ ص: 386 ] وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ إذَا عَقَدَ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مُطْلَقًا وَفَلَسٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4429_24318_4473أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ مَا ابْتَاعَهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ خِلَافُهُ ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، إذْ الْقَبْضُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا ، وَعَلَى بَائِعِ الصَّبِيِّ رَدُّ الثَّمَنِ لِوَلِيِّهِ ، فَلَوْ رَدَّهُ لِصَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ .
نَعَمْ إنْ رَدَّهُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَدَنِهِ كَمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَنَحْوِهِمَا بَرِئَ كَمَا قَالَهُ
الزَّرْكَشِيُّ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24888_4598_4433_4432_4426_7220_4429_6619_6611قَالَ مَالِكُ وَدِيعَةٍ سَلِّمْ وَدِيعَتِي لَلصَّبِيِّ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ بَرِئَ لِامْتِثَالِ أَمْرِهِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا ، إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ ، وَلَوْ أَعْطَى صَبِيٌّ دِينَارًا لِمَنْ يَنْقُدُهُ أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُقَوِّمُهُ ضَمِنَ الْآخِذُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مِلْكَ الصَّبِيِّ أَوْ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ ، وَلَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ وَقَالَ هِيَ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ بِالدُّخُولِ عَمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ قَرِينَةٍ ،
[ ص: 387 ] وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقِ ، وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ ، وَلِوُرُودِهِ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ أَصْلِهِ التَّكْلِيفُ كَالسَّفِيهِ عَلَى مَنْطُوقِهِ أَبْدَلَهُ بِالرُّشْدِ لِيَشْمَلَهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ مُؤَثِّمٍ لِكَوْنِهِ مُلْحَقًا بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (
قُلْت : وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِعَدَمِ الرِّضَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } بِخِلَافِهِ بِحَقِّ كَأَنْ أَكْرَهَ رَقِيقَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ وَلَوْ بِبَاطِلٍ عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ فِيهِمَا ، أَوْ تَعَيَّنَ بَيْعُ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ مَالٍ أُسْلِمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ
[ ص: 388 ] بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُ الْحَاكِمِ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ ، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ مُطْلَقًا ، إذْ لَا إكْرَاهُ ظَاهِرًا