( ويستثنى ) من النهي عن بيع وشرط ( صور ) تصح ( كالبيع بشرط الخيار أو البراءة من العيب أو بشرط قطع الثمر ) وسيأتي الكلام عليها في محالها ( و ) بشرط ( الأجل ) في غير الربوي لأول آية الدين .
وشرط الصحة أن يحدده بمعلوم لهما كإلى صفر أو رجب لا إلى الحصاد ونحوه كما يأتي في السلم بتفضيله المطرد هنا كما لا يخفى ، وأن لا يبعد بقاء الدنيا إليه كألف سنة وإلا بطل البيع للعلم حال العقد بسقوط بعضه ، وهو يؤدي إلى الجهل به المستلزم للجهل بالثمن ; لأن الأجل يقابله قسط منه ، وقول بعض الأصحاب يجوز إيجار الأرض ألف سنة شاذ غير معمول به ، وإذا صح كأن أجل بما لا يبعد بقاء الدنيا إليه وإن بعد بقاء المتعاقدين إليه كمائتي سنة انتقل بموت البائع لوارثه وحل بموت المشتري ، ولا يقدح السقوط بموته إذ هو أمر غير متيقن حال العقد فلم ينظر إليه وإلا لم يصح بأجل طويل لمن يعلم [ ص: 453 ] عادة أنه لا يعيش بقية يومه وقد صرحوا بخلافه ( والرهن ) للحاجة إليه لا سيما في معاملة من لا يعرف حاله ، وشرطه العلم به إما بالمشاهدة أو الوصف بصفات السلم ، ثم الكلام هنا في وصف لم يرد على عين معينة فهو مساو لما مر من أن الوصف لا يجزي عن الرؤية ; لأنه في معين لا موصوف في الذمة خلافا لمن وهم فيه وأن يكون غير المبيع ، فلو شرط رهنه إياه ولو بعد قبضه فسد ; لأنه لا يملكه إلا بعد البيع فهو بمنزلة استثناء منفعة في المبيع ، فلو رهنه بعد قبضه بلا شرط مفسد صح .
( والكفيل ) للحاجة إليه أيضا ، وشرطه العلم به بالمشاهدة ، ولا نظر إلى أنها لا تعلم بحاله ; لأن ترك البحث معها تقصير ; ولأن الظاهر عنوان الباطن أو باسمه ونسبه ، ولا يكفي وصفه بموسر ثقة إذ الأحرار لا يمكن التزامهم في الذمة لانتفاء القدرة عليهم ، بخلاف المرهون فإنه يثبت في الذمة ، وهذا جري على الغالب ، وإلا فقد يكون الضامن رقيقا مع صحة التزامه في الذمة وصحة ضمانه بإذن سيده ، وأيضا فكم من موسر يكون مماطلا ، فالناس مختلفون في الإيفاء وإن اتفقوا يسارا وعدالة ، فاندفع بحث الرافعي أن الوصف بهذين أولى من مشاهدة من لا يعرف حاله ، وبما تقرر علم أن الكلام في الأجل والرهن والكفيل ( المعينات ) بما ذكرناه وإلا فسد البيع وغلب غير العاقد المذكور ; لأنه أكثر ، إذ الأكثر في الرهن كونه غير عاقل ، فاندفع قول الإسنوي صوابه [ ص: 454 ] المعينين " ، وشرط كل منها أن يكون ( لثمن ) أي عوض ( في الذمة ) إذ الأعيان لا تقبل التأجيل ثمنا ولا مثمنا ولا يرتهن بها ولا تضمن أصالة كما يأتي ، فلو قال اشتريت بهذا على أن أسلمه وقت كذا ، أو أرهن به كذا ، أو يكفلني به زيد لم يصح ; لأن تلك إنما شرعت لتحصيل ما في الذمة والمعين حاصل ، ولا يرد على ذلك صحة ضمان العين المبيعة والثمن المعين بعد القبض فيهما .
وكذا سائر الأعيان المضمونة للعلم به من كلامه الآتي في باب الضمان ، ولا يصح بيع سلعة من اثنين على أن يتضامنا كما في تعليق القاضي الحسين والوسيط وغيرهما ; لأنه شرط على كل ضمان غيره وهو خارج عن مصلحة عقده ، ولو قال اشتريته بألف على أن يضمنه زيد إلى شهر صح ، وإذا ضمنه زيد مؤجلا تأجل في حقه وكذا في حق المشتري على أحد وجهين .
نعم مقتضى قاعدة الشافعي رجوع القيد وهو هنا إلى شهر لجميع ما قبله وهو اشتريت يرجحه ، ويصح شرط الثلاثة أيضا في مبيع في الذمة ، ولا يرد عليه أن ذكر الثمن مثال بل قد يطلق على ما يشمل المبيع كما قررناه .


