فصل 
يستحب أن يحج عن أبويه  ، قال بعضهم ، إن لم يحجا ، وقال بعضهم : وغيرهما ، ويقدم أمه لأنها أحق بالبر . ويقدم واجب أبيه على نفلها ، نص عليهما ، نقل ابن إبراهيم    : من حج ويريد الحج ولم يحج والده  يجعل حجة التطوع عنهما ، عن كل واحد حجة ، نقل أبو طالب  يقدم دين أبيه على نفله لنفسه ، فأمه أولى ، وقيل له في رواية أبي داود    : { أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضا ، قال :  [ ص: 272 ] نعم ، تقضي عنها دينا عليها . وقيل له : أحج عنها فأنفق من مالي وأنوي عنها أليس جائزا ؟ قال : نعم   } . 
وعن  زيد بن أرقم  مرفوعا { إذا حج الرجل عنه وعن والديه قبل منه ومنهما واستبشرت أرواحهما في السماء وكتب عند الله برا   } فيه أبو أمية الطرسوسي  وأبو سعيد البقال  ضعيفان . وعن  ابن عباس  مرفوعا { من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار   } فيه صلة بن سليمان  متروك ، وعن عثمان بن عبد الرحمن  عن محمد بن عمرو البصري  عن  عطاء  عن  جابر  مرفوعا { من حج عن أبيه أو أمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج   } ضعيف ، رواهن  الدارقطني    . ولكل منهما منع ولده من نفل لا تحليله  ، للزومه بشروعه قال  أحمد  في الفرض : إن لم تأذن لك أمك وكان عندك زاد وراحلة فحج ولا تلتفت إلى إذنها واخضع لها ودارها . ويلزمه طاعتهما في غير معصية ، ويحرم فيها ، ولو أمره أبوه بتأخير الصلاة ليصلي به  أخر ، نص على الجميع ، وذكره جماعة . 
وقال شيخنا    : هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه ، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا ، ولم يقيده  أبو عبد الله  ، لسقوط فرائض الله بالضرر ، وعلى هذا بنينا تملكه من ماله ، فنفعه كماله فليس الولد بأكثر من العبد . ونقل أبو الحارث  فيمن تسأله أمه شراء ملحفة للخروج    : إن كان خروجها في بر وإلا فلا يعينها على الخروج . ونقل جعفر    : إن أمرني أبي بإتيان السلطان ، له علي طاعة ؟ قال : لا ،  [ ص: 273 ] وهذا وما قبله خاصان ، فلعله لمظنة الفتنة ، فلا ينافي ما سبق وكذا ما نقل المروذي    : ما أحب يقيم معها على الشبهة ، لأنه عليه السلام قال { من ترك الشبهة فقد استبرأ لدينه وعرضه ولكن يداري   } وهذا لقوله عليه السلام { من وقع في الشبهات وقع في الحرام   } متفق عليه ، ولهذا نقل غيره فيمن تعرض عليه أمه شبهة بأكل فقال : إن علم أنه حرام بعينه فلا يأكل . 
وقال  أحمد    : إن منعاه الصلاة نفلا يداريهما ويصلي . وقال : إن نهاه عن الصوم لا يعجبني صومه ولا أحب لأبيه أن ينهاه ، وذكر صاحب المحرر وتبعه غير واحد : لا يجوز منع ولده من سنة راتبة    . وأن مثله مكر وزوج وسيد ، وهذا والله أعلم لإثمه بتركها ، كما يأتي في العدالة من الشهادة وإلا فلتغير أوضاع الشرع ، كأمره يسر في الفجر ويجهر في الظهر ونحوه ، وسبق كلام  القاضي  في الصلاة على الميت . وقال في الغنية : يجوز ترك النوافل لطاعتهما ، بل الأفضل طاعتهما . فإن أراد ظاهره فخلاف ما سبق . 
				
						
						
