ويقطع الحاج التلبية عند رمي أول حصاة من جمرة العقبة ، قال أحمد : يلبي حتى يرمي جمرة العقبة يقطع عند أول حصاة ( و هـ ش ) لأن في الصحيحين عن ابن عباس { أن أسامة كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة ، ثم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى ، فكلاهما [ ص: 347 ] قال : لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة } . وللنسائي : { فلما رمى قطع التلبية } ، ورواه حنبل : { قطع عند أول حصاة } .
وكان ابن عباس بعرفة فقال : مالي لا أسمع الناس يلبون ؟ فقال سعيد بن جبير : يخافون من معاوية . فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك ، فإنهم قد تركوا السنة عن بغض علي . رواه النسائي بإسناد جيد ، وفيه خالد بن مخلد ثقة ، لكنه شيعي له مناكير .
{ ولبى النبي صلى الله عليه وسلم بمزدلفة } ، قاله ابن مسعود ، رواه مسلم . { ولبى من منى إلى عرفة ، فقيل له : ليس يوم تلبية بل يوم تكبير ، فقال : أجهل الناس أم نسوا } ؟ { خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخالطها تكبير أو تهليل } . رواه أحمد ، ولأنه يتحلل بشروعه في الرمي فيقطعها كالمعتمر بشروعه في الطواف ، بخلاف ما قبله . وأصح روايتي مالك : يقطع إذا زالت الشمس من يوم عرفة ، لما سبق في إظهارها ، ولمالك عن نافع : كان ابن عمر يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت ثم يسعى ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة ، فإذا غدا ترك التلبية ، وكان يقطع التلبية في العمرة حين يدخل الحرم . ويقطعها المعتمر والمتمتع بشروعه في الطواف ، نص عليه ( و هـ ش ) وهو معنى قوله : إذا استلم الحجر ، فلا وجه لذكره ، خلافا لما روى الترمذي وصححه عن ابن عباس يرفع الحديث { أنه كان يمسك عن التلبية [ ص: 348 ] في العمرة إذا استلم الحجر } . وقال ابن عباس : يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر ، صحيح رواه جماعة ، ورواه أبو داود مرفوعا من رواية ابن أبي ليلى ، وهو ضعيف عند الأكثر ; ولأنه لا يتحلل قبله ، فلا يقطعها ، كما قبل محل النزاع ، وعند مالك : يقطع إذا وصل الحرم إن أحرم من الميقات ، وإن أحرم من أدنى الحل فإذا رأى البيت .
وقال الخرقي : يقطعها إذا وصل البيت ، وجزم به في المستوعب وغيره ، وعن أحمد : برؤيته ، وحملا على الأول . ولا بأس بها في طواف القدوم ، قاله أحمد والأصحاب ، لما سبق ، ولإمكان الجمع ، ولا دليل للكراهة ، وحكى الشيخ عن أبي الخطاب : لا يلبي ; لأنه مشتغل بذكر يخصه ، قال ابن عيينة : ما رأينا أحدا يقتدي به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب ، وهو جديد قولي الشافعي ، والقديم : يستحب ، قال الأصحاب : لا يظهرها فيه ( و ) وفي المستوعب وغيره : لا يستحب . ومعنى كلام القاضي : يكره ، وصرح به الشيخ ، قال : لئلا يشوش على الطائفين . وفي الرعاية وجه : يسن ، والسعي بعد طواف القدوم يتوجه أن حكمه كذلك ، وهو مراد أصحابنا ; لأنه تبع له ( و ش ) ولا بأس أن يلبي الحلال ، ذكره الشيخ ( و هـ ش ) كسائر الأذكار ، ويتوجه احتمال : يكره ( و م ) لعدم نقله ، ولو صح اعتبارها بسائر الأذكار كانت مستحبة ، ويتوجه أن الكلام في أثنائها ومخاطبته حتى بسلام ورده منه كأذان ، والله [ سبحانه وتعالى ] ، أعلم .


