5454  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : ثنا القاسم بن سلام بن مسكين  ، قال : حدثني  أبي  ، قال : ثنا  ثابت البناني  ، عن عبد الله بن رباح  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين سار إلى مكة  ليستفتحها - فسرح أبا عبيدة بن الجراح  ،  والزبير بن العوام  ، وخالد بن الوليد  رضي الله عنهم . 
فلما بعثهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأبي هريرة  رضي الله عنه : اهتف بالأنصار  ، فنادى : يا معشر الأنصار  ، أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءوا كما كانوا على معتاد . 
ثم قال : اسلكوا هذا الطريق ، ولا يشرفن أحد إلا . أي : قتلتموه . 
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليهم من قتل يومئذ الأربعة . 
قال : ثم دخل صناديد قريش  من المشركين الكعبة  وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم ، ثم طاف وصلى ركعتين ، ثم أتى الكعبة  فأخذ بعضادتي الباب ، فقال : ما تقولون وما تظنون ؟ 
فقالوا : نقول : أخ وابن عم حليم رحيم . 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقول كما قال يوسف   : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين   . 
 [ ص: 326 ] قال : فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام . 
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يلي الصفا  ، فخطب والأنصار  أسفل منه . 
فقالت الأنصار  بعضهم لبعض : أما إن الرجل أخذته الرأفة بقومه وأدركته الرغبة في قرابته . 
قال : فأنزل الله عز وجل عليه الوحي ، فقال : يا معشر الأنصار  ، أقلتم : أخذته الرأفة بقومه وأدركته الرغبة في قرابته ، فما نبي أنا إذا ، كلا والله إني رسول الله حقا ، إن المحيا لمحياكم ، وإن الممات لمماتكم . 
قالوا : والله يا رسول الله ما قلنا إلا مخافة أن تفارقنا إلا ضنا بك . 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم صادقون عند الله ورسوله . 
قال : فوالله ما بقي منهم رجل إلا نكس نحره بدموع عينيه   . 
أفلا يرى أن قريشا  بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  قد كانوا يظنون أن السيف لا يرفع عنهم ، أفتراهم كانوا يخافون ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أمنهم قبل ذلك ؟ هذا والله غير مخوف منه صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم علموا أن إليه قتلهم إن شاء ، وأن إليه المن عليهم إن شاء ، وأن الله عز وجل قد أظهره عليهم وصيرهم في يده ، يحكم فيهم بما أراد الله تعالى من قبل ، ومن بعد ذلك عليهم وعفا عنهم . 
ثم قال لهم يومئذ : لا تغزى مكة  بعد هذا اليوم أبدا . 
				
						
						
