الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5205 - حدثنا يونس وربيع المؤذن ، قالا : ثنا بشر بن بكر ، قال : حدثني الأوزاعي ، قال : أخبرني الزهري ، عن القاسم بن محمد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت جالسا عنده ، فأقبل رجل من أهل العراق ، فسأله عن السلب ، فقال : ( السلب من النفل ، وفي النفل الخمس ) .

                                                        فهذا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قد جعل في السلب الخمس ، وجعله من الأنفال ، وقد كان علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرناه في أول هذا الباب ، من تسليمه إلى الزبير سلب القتيل الذي كان قتله .

                                                        فدل ذلك أن ما تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، لم يكن عند ابن عباس رضي الله عنهما منسوخا ، وأن ما قضى به من سلب القتيل الذي قتله الزبير ، إنما كان لقول كان قد تقدم منه ، أو لمعنى غير ذلك .

                                                        [ ص: 231 ] فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .

                                                        وأما وجه النظر في ذلك ، فإنا قد رأينا الإمام لو بعث سرية وهو في دار الحرب ، وتخلف هو وسائر العسكر عن المضي معها ، فغنمت تلك السرية غنيمة ، كانت تلك الغنيمة بينهم وبين سائر أهل العسكر ، وإن لم يكونوا تولوا معهم قتالا ، ولا تكون هذه السرية أولى بما غنمت من سائر أهل العسكر ، وإن كانت قاتلت حتى كان عن قتالها ما غنمت .

                                                        ولو كان الإمام نفل تلك السرية - لما بعثها - الخمس مما غنمت كان ذلك لها على ما نفلها إياه الإمام ، وكان ما بقي مما غنمت بينها وبين سائر أهل العسكر .

                                                        فكانت السرية المبعوثة لا تستحق مما غنمت دون سائر أهل العسكر إلا ما خصها به الإمام دونهم .

                                                        فالنظر على ذلك أن يكون كذلك كل من كان من أهل العسكر في دار الحرب ، لا يستحق أحد منهم شيئا ، مما تولى أخذه من أسلاب القتلى وغيرها ، إلا كما يستحق منه سائر أهل العسكر ، إلا أن يكون الإمام نفله من ذلك شيئا ، فيكون ذلك له بتنفيل الإمام لا بغير ذلك .

                                                        فهذا هو النظر في هذا الباب أيضا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية