الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5151 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن مطرف ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قال : عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عمر يوم بدر ، فاستصغرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أجازنا يوم أحد .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز ابن عمر يوم أحد ، وهو يومئذ ابن أربع عشرة سنة ، فخالف ذلك ما روينا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

                                                        فلما انتفى أن يكون في ذلك الحديث حجة لأحد الفريقين على الفريق الآخر التمسنا حكم ذلك من طريق النظر ، لنستخرج من القولين اللذين ذهب أبو حنيفة إلى أحدهما ، وأبو يوسف إلى الآخر منهما ، قولا صحيحا .

                                                        فاعتبرنا ذلك ، فرأينا الله قد جعل عدة المرأة ، إذا كانت ممن تحيض ، ثلاثة قروء ، وجعل عدتها إذا كانت ممن لا تحيض ، من صغر أو كبر ، ثلاثة أشهر ، فجعل بدلا من حيضة شهرا ، وقد تكون المرأة تحيض في أول الشهر ، وفي آخره ، فيجتمع لها في شهر واحد حيضتان ، وقد يكون بين حيضتيها شهران والأكثر .

                                                        فجعل الخلف في الحيضة على أغلب أمور النساء ؛ لأن أكثرهن تحيض في كل شهر حيضة واحدة .

                                                        [ ص: 220 ] فلما كان ذلك كذلك ، ورأينا الاحتلام يجب به للصبي حكم البالغين ، فإذا عدم الاحتلام وأجمع أن هناك خلفا منه ، فقال قوم : هو بلوغ خمس عشرة سنة ، وقال آخرون : بل هو أكثر من ذلك من السنين ، جعل ذلك الخلف على أغلب ما يكون فيه الاحتلام ، فهو خمس عشرة سنة ؛ لأن أكثر الاحتلام احتلام الصبيان ، وحيض النساء في هذا المقدار يكون ، ولا يجعل على أقل من ذلك ، ولا على أكثر ؛ لأن ذلك إنما يكون في الخاص ، ولا نعتبر حكم الخاص في ذلك ، ولكن نعتبر أمر العام ، كما لم نعتبر أمر الخاص فيما جعل خلفا في الحيض ، واعتبر أمر العام .

                                                        فثبت بالنظر الصحيح في هذا الباب كله ما ذهب إليه أبو يوسف رحمة الله عليه ، بالنظر لا بالأثر ، وانتفى ما ذهب إليه أبو حنيفة ومحمد رحمة الله عليهما .

                                                        وقد روي عن سعيد بن جبير رحمة الله عليه في هذا نحو من قول أبي حنيفة رحمة الله عليه الذي رواه أبو يوسف عنه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية