الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 202 ] 5055 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، قال : ثنا عثمان بن مطر ، عن أبي حريز ، عن الشعبي ، عن الحارث الوادعي ، قال : أصابوا قتيلا بين قريتين ، فكتبوا في ذلك إلى عمر بن الخطاب .

                                                        فكتب عمر : ( أن قيسوا بين القريتين ، فأيهما كان إليه أدنى ، فخذوا خمسين قسامة فيحلفون بالله ، ثم غرمهم الدية .

                                                        قال الحارث : فكنت فيمن أقسم ، ثم غرمنا الدية )
                                                        .

                                                        فهذه القسامة التي حكم بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        وقد وافق ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع أنه قال : لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه .

                                                        فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بين الأموال والدماء ، وحكم فيها بحكم واحد ، فجعل اليمين في ذلك كله على المدعى عليه .

                                                        فثبت بذلك أن معنى حديث سهل أيضا على ما قد تأولناه عليه .

                                                        وقد دل على ذلك أيضا ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا ، عن سعيد بن عبيد ، عن بشير بن يسار ، عن سهل بن أبي حثمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم بالبينة ، فلما ذكروا أن لا بينة لهم ، قال : أفيحلفون لكم ؟

                                                        فدل ما ذكرنا أن ما كان من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك هو هذا ، وكان ما زاد عليه مما في حديث يحيى بن سعيد وأبي ليلى بن عبد الله ليس على الحكم ، ولكن على المعنى الذي تأولناهما عليه .

                                                        ثم هذا الزهري قد علم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية