[ أقل ما يدل عليه لفظ الطائفة    ] 
واستثنى بعض الحنفية من هذا القسم لفظ الطائفة ، قال : لأنه لا يدل إلا على قطعة من شيء ، واختلف في أقل ما يطلق عليه ذلك ، هل هو ثلاثة أو أقل ؟ فمن حيث كان مدلولها القطعة من الناس لم تكن عامة ; لأن مدلول العموم شمول لغير متناه ولا محصور ، قلت    : ونص  الشافعي  في " المختصر " على أن أقل الطائفة ثلاثة ، فقال في باب صلاة الخوف : والطائفة ثلاثة فأكثر ، وأكره أن يصلي بأقل من طائفة انتهى هذا نصه ، واتفق عليه الأصحاب . 
وذكروا عن أبي بكر بن داود  أنه قال : قول  الشافعي    : أقل الطائفة ثلاثة خطأ لأن الطائفة في اللغة والشرع تطلق على واحد ، أما في اللغة :  [ ص: 130 ] فحكى ثعلب  عن الفراء  أنه قال : مسموع من العرب  ، أن الطائفة الواحد ، وأما في الشرع فلأن  الشافعي    ( رضي الله عنه ) احتج في قبول خبر الواحد بقوله تعالى : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة    } فحمل الطائفة على الواحد ، وقال تعالى : { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين    } والمراد واحد . وأجيب بأجوبة أشهرها : تسليم أن الطائفة يجوز إطلاقها على الواحد فما فوقه ، وحكاه  الجوهري  عن  ابن عباس  ، وقاله  ابن قتيبة  وابن فارس  في " فقه العربية " وإنما أراد  الشافعي  أن الطائفة في صلاة الخوف يستحب أن لا تكون أقل من ثلاثة : { وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم    } وقال في الطائفة الأخرى . { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم    } فذكرهم بلفظ الجمع في كل المواضع ، وأقل الجمع ثلاثة . 
وثانيهما : أنها لا تطلق إلا على ثلاثة كما هو ظاهر النص ، وبه صرح غير واحد من أهل اللغة ، منهم  الزمخشري  ، فقال : وأقلها ثلاثة أو  [ ص: 131 ] أربعة ، وإنما حمل  الشافعي  الطائفة على الواحد في قوله { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة    } بالقرينة ، وهي حصول الإنذار بالواحد كما حمله في الأولى على الثلاثة بقرينة وهي ضمير الجمع . وقال  القفال الشاشي  في كتابه في الأصول في الكلام على أقل الجمع : جاء أن  الشافعي  يذهب إلى أن أقل الجمع ثلاثة ، وقال : وذهب بعضهم إلى أنها تقع على الواحد كالقطعة ، فيقال : هذه طائفة من هذا ، أي قطعة منه قال : وذهب أصحابنا إلى أن الطائفة إنما تطلق على القطعة من الشيء الواحد ، فلا يكون حينئذ فيه دليل على الجمع ، كقوله : هذه طائفة من الثوب ونحوه ، فأما إذا أطلق اسمها على جنس كالناس والحيوان والفيل ، فالمقصود بها الجماعة ، كما يقال : " كان طائفة من الناس " أي جماعة ، والجماعة أقلها ثلاثة . هذا كلامه . 
وقد اختلف في دلالة بعض أفراد هذا النوع كالقوم ، فإن بعضهم قال : يعم الذكور والإناث ، والصحيح اختصاصه بالذكور بدليل قوله : { لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء    } وكذلك الرهط . قال  الجوهري  وغيره : إنه اسم لما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة . قال  ابن سيده    : الرهط جمع من ثلاثة إلى عشرة ، وكذلك النفر ، وعلى هذا ففي عد هذه الأسماء من صيغ العموم نظر . 
				
						
						
