الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القسم الثاني من واجبات الشرع : ما المقصود منه حظ معقول ، وليس يقصد منه التعبد كقضاء دين الآدميين ورد المغصوب فلا جرم لا يعتبر فيه فعله ونيته .

ومهما وصل الحق إلى مستحقه بأخذ المستحق أو ببدل عنه عند رضاه تأدى الوجوب وسقط خطاب الشرع .

فهذان قسمان لا تركيب فيهما يشترك في دركهما جميع الناس .

والقسم . الثالث : هو المركب الذي يقصد منه الأمران جميعا وهو حظ العباد وامتحان المكلف بالاستعباد فيجتمع فيه تعبد رمي الجمار وحظ رد الحقوق ؛ فهذا قسم في نفسه معقول فإن ورد الشرع به وجب الجمع بين المعنيين ولا ينبغي أن .

ينسى أدق المعنيين وهو التعبد والاسترقاق بسبب أجلاهما ولعل الأدق هو الأهم والزكاة من هذا القبيل ولم ينتبه له غير الشافعي رضي الله عنه فحظ الفقير مقصود في سد الخلة وهو جلي سابق إلى الأفهام وحق التعبد في اتباع التفاصيل مقصود للشرع .

وباعتباره صارت الزكاة قرينة للصلاة والحج في كونها من مباني الإسلام .

ولا شك في أن على المكلف تعبا في تمييز أجناس ماله وإخراج حصة كل مال من نوعه وجنسه وصفته ثم توزيعه على الأصناف الثمانية كما سيأتي والتساهل فيه غير قادح في حظ الفقير لكنه قادح في التعبد .

ويدل على أن التعبد مقصود بتعيين الأنواع أمور ذكرناها في كتب الخلاف من الفقهيات .

التالي السابق


(القسم الثاني من واجبات الشرع: ما المقصود منه حظ معقول، وليس يقصد منه التعبد) أصلا (كقضاء دين الآدميين) جمع آدمي، المنسوب إلى آدم عليه السلام، والمراد بهم الناس، (ورد المغصوب) عرضا أو متاعا أو أرضا أو حيوانا أو غير ذلك، (فلا جرم) أي: البتة (لا يعتبر فيه) أي: من مثله (فعله ونيته) ؛ لكونهما غير مقصودين بالذات، (ومهما وصل الحق) المطلوب (إلى مستحقه) أي: صاحبه، إما (بأخذ المستحق) أي: ما كان يستحقه بعينه (أو ببدل عنه عند رضاه) بذلك البدل أو العيب (تأدى الوجوب وسقط خطاب الشرع) عنه، فلا يطالب بذلك الحق أبدا، (فهذان قسمان لا تركيب فيهما) ، بل كل منهما منفرد برأسه (يشترك في دركهما جميع الناس .

القسم الثالث: هو المركب الذي يقصد منه الأمران جميعا) باختلاف الاعتبارات، (وهو حظ العباد) المعقول في نفسه (وامتحان المكلف بالاستعباد) أي: الرق، (فيجتمع فيه) من ملاحظة القسمين (تعبد رمي الجمار وحظ رد الحقوق؛ فهذا قسم في نفسه معقول) بلا ريب، (فإن ورد الشرع به وجب الجمع بين المعنيين) بالاعتبارين، (ولا ينبغي) مع ذلك (أن ينسى أدق المعنين) فيه (وهو التعبد والاسترقاق بسبب أجلاهما) أي: أجلى المعنيين، (ولعل الأدق هو الأهم) عند الخواص (وما) نحن فيه الذي هو (الزكاة من هذا القبيل) أي: من أقسام القسم الثالث، (ولم ينتبه له غير) فارس هذا الميدان الشم الأشم الإمام (الشافعي) رضي الله عنه، (فحظ الفقير) أو المسكين (مقصود في سد الخلة) ودفع الاحتياج (وهو جلي سابق إلى الأفهام) ؛ إذ لا يفهم من قوله: يؤخذ من أغنيائهم ويرد إلى فقرائهم إلا سد خلتهم، (وحق التعبد في اتباع التفاصيل) المذكورة (مقصود للشرع باعتباره صارت الزكاة قرينة الصلاة) فما ذكرت الصلاة إلا وذكرت هي؛ ولذا قيل لها: أخت الصلاة، ومن هنا قال من قال:


أخت الصلاة هي الزكاة فلا تقس النص في هذي وتلك على السوا قامت على التثمين نشأتها لذا
حملت على التقسيم عرش الاستوا

ولذلك تقسم في ثمانية من الأصناف شرعا، وهو حكم من استوى، (و) صارت أيضا قرينة (الحج) والصوم (في كونها من مباني الإسلام) الخمسة، (ولا شك في أن على المكلف تعبا) ومشقة (في تمييز أجناس ماله وإخراج حصة كل مال من نوعه وجنسه وصفته) من الإبل والبقر والغنم، والتقدير (ثم توزيعه) أي: تقسيمه (على الأصناف الثمانية) المذكورة في الآية (كما سيأتي) من كل صنف ثلاثة، (والتساهل فيه غير قادح في حظ الفقير لكنه قادح في التعبد، ويدل على أن التعبد مقصود بتعيين الأنواع) المذكورة في حديث معاذ (أمور ذكرناها في كتب الخلاف من الفقهيات) كالبسيط والوسيط .




الخدمات العلمية