الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن قرن بين أسابيع وصلى ركعتين جاز فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أسبوع طواف .

التالي السابق


(وإن قرن بين أسابيع) جمع أسبوع والأسبوع بضم الهمزة وبحذفها سبعة أشواط ومن الحجر إلى الحجر شوط (وصلى ركعتين جاز فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أسبوع طواف) .

قال العراقي : رواه ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن ثلاثة أطواف ليس بينها صلاة ورواه العقيلي في الضعفاء وابن شاهين في أماليه من حديث أبي هريرة وزاد ثم صلى لكل أسبوع ركعتين وفي إسنادهما عبد السلام بن أبي الجنوب منكر الحديث . . أهـ .

قلت : وأخرج أبو عمرو بن السماك في السابع من أجزائه المشهورة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : طاف النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسابيع جميعا ثم أتى المقام فصلى خلفه ست ركعات يسلم من كل ركعتين يمينا وشمالا قال أبو هريرة : إنما أراد أن يعلمنا .

وأخرج أبو ذر الهروي في منسكه عن محمد بن السائب بن بركة عن أمه : "أنها كانت تطوف مع عائشة ومعها عائلة بنت خالد بن سعيد بن العاص وأم عبد الوهاب بن عبد الله بن أبي ربيعة فلما أكملت سبعها تعوذت بين الركنين ثم استلمت الحجر ، ثم أنشأت في سبع آخر فلما فرغت منه تعوذت بين الركن والباب ، ثم أنشأت في سبع آخر فلما فرغت منه تعوذت بين الركن والباب ثم أنشأت في سبع آخر فلما فرغت منه انطلقت إلى صفة زمزم فصلت ركعتين ثم تكلمت فصلت ركعتين " قال المحب الطبري هكذا نقلته من نسخة بخط أبي ذر والمشهور عنها ثلاثة أسابيع وكذلك ذكر الصلاة ركعتين لا غير وصوابه لكل أسبوع ركعتين ، وعنه وعن أمه أنها طافت مع عائشة ثلاثة أسابيع لم تفصل بينها بصلاة فلما فرغت ركعت ركعات أخرجه سعيد بن منصور والأزرقي ، ثم قال الطبري : واحتج بهذه الأحاديث من قال : يجوز الإقران بين أسابيع واستدل بها على عدم الكراهة ، وقد روي ذلك عن المسور وسعيد بن جبير وطاوس وعطاء وذكره الجندي وبه قال الشافعي وأحمد وقال مالك وأبو حنيفة : يكره لأنه لم يصح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن تأخير الركعتين يخل بالموالاة بينهما وبين الطواف قال ولا حجة في ذلك فإن النبي صلى الله [ ص: 358 ] عليه وسلم لم يرو عنه أنه طاف أسبوعين ولا ثلاثة في المشهور عنه وذلك غير مكروه بالاتفاق لأن عدم فعله صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة وأما الموالاة بين الطواف وركعتيه فغير معتبر بدليل أن عمر رضي الله عنه صلاهما بذي طوى كما سبق . . أهـ .

قلت : وقال أصحابنا : وصل الأسابيع مكروه تحريما عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف وعبارة مجمع البحرين لابن الساعاتي : ويجيز الوصل بين الأسابيع إذا صدر عن وتر وكرهاه يعني إذا جمع بين ثلاثة أسابيع أو خمسة أو سبعة من غير أن يصلي ركعتين بين الأسبوعين لا يكره عند أبي يوسف ويكره عندهما قيد بقوله عن وتر لأن الأسابيع لو كانت شفعا يكره الوصل بينها اتفاقا لأن الأصل في الطواف الوتر كما أن الأصل في الصلاة الشفع والخلاف بينه وبينهما محمول على ما إذا لم يكن في الوقت التي تكره فيه الصلاة أما إذا كان فيه فإنه لا يكره الوصل اتفاقا وقد روي المنع من الجمع بين أسابيع عن عروة وعطاء والثوري والنخعي وغيرهم أما قول عروة فأخرجه سعيد بن منصور عنه أنه كان لا يجمع بين السبعين ولكنه كان يصلي لكل أسبوع ركعتين وربما صلى عند المقام وغيره وأما قول عطاء فأخرجه أبو ذر الهروي عنه أنه كان يكره أن يجمع الرجل بين أسبوعين وقال أول من قرن عائشة والمسور بن مخرمة وأما قول سفيان الثوري فأخرجه البغوي وأبو ذر الهروي عنه أنه سئل عن الإقران في الطواف فنهى عنه وشدد وقال لكل أسبوع ركعتان فقيل : عمن ؟ فقال : عن غير واحد وأما قول إبراهيم النخعي فأخرجه سعيد بن منصور عنه قال لكل سبع ركعتان وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية قال : سمعت غير واحد من الفقهاء يقول : بني هذا البيت على أسبوع وركعتين وقال أيضا : لئن طالت بك حياة لترين الناس يطوفون حول الكعبة ولا يصلون .




الخدمات العلمية