الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويكمل مال أحد الخليطين بمال الآخر في خلطة الشيوع كالبستان المشترك بين ورثة لجميعهم ثمانمائة من من زبيب فيجب على جميعهم ثمانون منا من زبيب بقدر حصصهم .

ولا يعتبر خلطة الجوار فيه .

ولا يكمل نصاب الحنطة بالشعير .

ويكمل نصاب الشعير بالسلت ، فإنه نوع منه هذا قدر الواجب إن كان يسقى بسيح أو قناة فإن كان يسقى بنضح أو دالية فيجب نصف العشر.

التالي السابق


(ويكمل مال أحد الخليطين بمال الآخر في خلطة الشيوع كالبستان المشترك بين ورثة لجميعهم ثمانمائة من من زبيب فيجب على جميعهم ثمانون منا من زبيب بقدر حصصهم، ولا تعتبر خلطة الجوار فيه) ، اعلم أن ثبوت الخلطة في الثمار والزروع مختلف فيها، وأنها إن ثبتت فهل تثبت خلطتا الشيوع والجوار أم الشيوع فقط؟ والمذهب ثبوتهما [ ص: 35 ] معافان، قلنا: لا تثبتان لم يكمل ملك رجل بملك غيره في إتمام النصاب، وإن أثبتناهما كمل بملك الشريك والجار، ولو مات إنسان وخلف ورثة ونخيلا مثمرة أو غير مثمرة وبدا الصلاح في الحالين في ملك الورثة، فإن قلنا: لا تثبت الخلطة في الثمار، فحكم كل واحد منقطع عن غيره، فمن بلغ نصيبه نصابا زكى ومن لا فلا، وسواء قسموا أم لا وإن قلنا تثبت .

قال الشافعي رحمه الله: إن اقتسموا قبل بدو الصلاح زكوا زكاة الانفراد، فمن لم يبلغ نصابه نصابا فلا شيء عليه، وهذا إن لم تثبت خلطة الجوار أو أثبتناها وكانت متباعدة، أما إذا كانت متجاورة فأثبتناها فيزكون زكاة الخلطة كما قبل القسمة، وإن اقتسموا بعد بدو الصلاح زكوا زكاة الخلطة لاشتراكهم حالة الوجوب، ثم هذا إذا لم يكن على الميت دين، فإن مات وعليه دين وله نخيل مثمرة فبدا الصلاح فيها بعد موته وقبل أن تباع، فالمذهب والذي قطع به الجمهور وجوب الزكاة على الورثة؛ لأنها ملكهم ما لم تبع في الدين .

وقيل: قولان: أظهرهما: هذا، والثاني: لا تجب؛ لعدم استقرار الملك في الحال، ويمكن بناؤه على الخلاف في أن الدين يمنع الإرث أم لا، فعلى المذهب حكمهم في كونهم يزكون زكاة خلطة أم انفراد على ما سبق إذا لم يكن دين، ثم إن كانوا موسرين أخذ الزكاة منهم، وصرفت النخيل والثمار إلى دين الغرماء، وإن كانوا معسرين فطريقان. انظر تفصيله في الروضة (ولا يكمل نصاب الحنطة بالشعير) لاختلاف النوعين، (ويكمل نصاب الحنطة بالسلت، فإنه نوع منه) ، اعلم أنه لا يضم التمر إلى الزبيب في إكمال النصاب، وتضم أنواع التمر بعضها إلى بعض، وأنواع الزبيب بعضها إلى بعض، ولا تضم الحنطة إلى الشعير ولا سائر أجناس الحبوب بعضها إلى بعض، ويضم العلس إلى الحنطة فإنه نوع منها، وأكمته تحوي الواحد منها حبتين، وإذا نحيت الأكمة خرجت الحنطة الصافية، وقبل التنحية إذا كان له وسقان من العلس وأربعة من الحنطة تم نصابه، فلو كانت الحنطة ثلاثة أوسق لم يتم النصاب إلا بأربعة أوسق علسا، وعلى هذا القياس .

وأما السلت، فقال العراقيون وصاحب التهذيب: هو حب يشبه الحنطة في اللون والنعومة، والشعير في برودة الطبع، وعكس الصيدلاني وآخرون فقالوا: هو في صورة الشعير، وطبعه حار كالحنطة .

قال النووي في زيادات الروضة: الصحيح بل الصواب ما قاله العراقيون وبه قطع جماهير الأصحاب، وهو الذي ذكره أهل اللغة، والله أعلم .

ثم فيه ثلاثة أوجه أصحها، وهو نصه في البويطي أنه أصل بنفسه لا يضم إلى غيره، والثاني يضم إلى الحنطة، والثالث إلى الشعير. (وهذا قدر الواجب) في الثمار والزروع (إن كان يسقى بسيح) أي: الماء الجاري أو يسقى بماء السماء، وكذا البعل وهو الذي يشرب بعروقه لقربه من الماء، (أو) يسقى من ماء ينصب إليه من جبل أو نهر أو عين كبيرة أو (قناة) أو ساقية محفورة من النهر العظيم؛ ففي كل ذلك العشر (فإن كان يسقى بنضح) أو دلاء أو دواليب (أو دالية) وهي المنجنوت تديرها البقرة أو ناعورة وهي ما يديره الماء بنفسه (فيجب نصف العشر) ، وكون ما يسقى من القناة كماء السماء هو المذهب المشهور الذي قطع به طوائف الأصحاب من العراقيين وغيرهم، وادعى إمام الحرمين اتفاق الأئمة عليه؛ لأن مؤنة القنوات إنما تتحمل لإصلاح الضيعة ولأنهار تشق لإحياء الأرض، وإذا تهيأت وصل الماء إلى الزرع بنفسه مرة بعد أخرى، بخلاف النواضح ونحوها؛ فإن المؤنة فيهما لنفس الزرع .

قال النووي: ولنا وجه أفتى به أبو سهل الصعلوكي أنه يجب نصف العشر في السقي بماء القناة، وقال صاحب التهذيب: إن كانت العين أو القناة كثيرة المؤنة بأن لا تزال تنهار وتحتاج إلى إحداث حفر، وجب نصف العشر، وإن لم تكن لها مؤنة أكثر من مؤنة الحفر الأول وكسحها في بعض الأوقات فالعشر، والمذهب ما قدمناه .




الخدمات العلمية