[ ص: 117 ] فصل ( في كتابة الحديث والعلم والأحاديث المتعارضة فيها    ) . 
روى  الخلال  ثنا أبو عباس الدوري  سمعت  يحيى بن سعيد القطان  ما رأيت مثل  سفيان الثوري  ، كنت إذا سألته عن الحديث لم يكن عنده اشتد عليه وكان  مسعر  لا يبالي أن لا يكون عنده وقال رجل  لأحمد    : أريد أعرف الحديث قال : إن أردت أن تعرف الحديث فأكثر من الكتابة . 
وقد دل هذا النص وغيره على كتابة الحديث ، بل وكتابة العلم وفي الصحيحين من حديث  أبي هريرة    { اكتبوا لأبي شاه    } وفيهما أيضا قول  علي  رضي الله عنه وما في هذه الصحيفة . 
وفي  البخاري  عن  أبي هريرة    : لم يكن أحد أكثر حديثا مني إلا  عبد الله بن عمرو  فإنه كان يكتب ولا أكتب . 
وفي رواية { استأذن رسول الله  صلى الله عليه وسلم في الكتابة فأذن له    } . 
وفي السنن { أن  عبد الله بن عمرو  قال : يا رسول الله أكتب عنك في الغضب والرضا ؟ فقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق وأشار بيده إلى فيه  صلى الله عليه وسلم    } . 
وعن  عمر   وابن عباس   وأنس  رضي الله عنهم : قيدوا العلم بالكتاب وقال  حنبل  ثنا سعيد بن سليمان  ثنا عبد الله بن المؤمل  عن  ابن جريج  عن  عطاء  عن  عبد الله بن عمرو  قال قال رسول الله :  صلى الله عليه وسلم { قيدوا العلم قلت وما تقييده قال الكتاب    } ابن المؤمل  ضعيف ،  وللنسائي  عن  عمرو بن عثمان  عن  الوليد بن مسلم  عن  ابن جريج  أخبرني  عطاء  عن  عبد الله بن عمرو  قال : يا رسول الله { إنا نسمع منك أحاديث فتأذن لنا أن نكتبها ، قال نعم    } وذكر الحديث قال  النسائي  منكر ، وهو عندي خطأ . وسمع  أنس  وكتب من النبي  صلى الله عليه وسلم وعرضها عليه ، وأملى  واثلة بن الأسقع  على الناس الأحاديث ، وهم يكتبون بين يديه . 
وقال  [ ص: 118 ] أبو المليح  يعيبون علينا الكتاب ، والله يقول { قال علمها عند ربي في كتاب     } . وكان  ابن عمر  لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه . 
وقال  بشير بن نهيك  كتبت عن  أبي هريرة  ما كنت أسمعه منه ، ثم أتيته به فقلت : هذا سمعته منك قال نعم . وعن الحسن بن علي  رضي الله عنهما أنه أمر بنيه وبني أخيه بكتابة العلم حتى يرووه أو يضعوه في بيوتهم ، وكتب  ابن عباس  كثيرا وكتب الناس عن  زيد بن ثابت   وجابر   والبراء  وغيرهم من الصحابة وخلق من التابعين لا يحصون ، وكتب  عمر بن عبد العزيز  إلى  أبي بكر بن حزم  أن يجمع له السنن والآثار : فإني خشيت ذهاب العلم . 
وروى  مسلم  عن  أبي نضرة  عن  أبي سعيد  مرفوعا { من كتب عني سوى القرآن فليمحه    } وروى  البيهقي  عن  أبي نضرة  عن  أبي سعيد  أنه قال : لا نكتبكم ولا نجعلها مصاحف ، احفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم  صلى الله عليه وسلم قال  البيهقي :  فدل ذلك على أن النهي إنما كان خشية أن يختلط بكتاب الله شيء ، ثم روي من طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن الزهري  عن عروة :  أن  عمر  أراد أن يكتب السنن ، فاستشار الصحابة  رضي الله عنهم فأشاروا عليه بذلك ، ثم استخار الله شهرا ثم قال : إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله عز وجل ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا . وعن  ابن مسعود  أنه كره كتابة العلم ، وكذا روي عن  ابن عمر   وأبي موسى الأشعري  والزهري  وغير واحد أنهم كرهوا ذلك ، . 
وقال  أبو هريرة  لا نكتب ولا نكتم ، . وقال  ابن جريج  أخبرني الحسن بن مسلم  عن  سعيد بن جبير  أن  ابن عباس  كان ينهى عن كتابة العلم . وقال : إنما أضل من كان  [ ص: 119 ] قبلكم الكتب . 
قال  البيهقي :  وإنما ذلك للمعنى الذي أشرنا إليه أو نحوه وقال أيضا : لعله  صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة لمن خشي عليه النسيان ، ونهى عن الكتابة لمن وثق بحفظه ، أو نهى عن الكتابة حين خاف الاختلاط ، وأذن في الكتابة حين أمن منه ، فقال  الأوزاعي :  كان هذا العلم كريما يتلافاه الرجال بينهم ، فلما دخل في الكتب دخل فيه من ليس من أهله . 
				
						
						
