[ ص: 157 ] فصل ( في وضع العالم المحبرة بين يديه وجواز استمداد الرجل من محبرة غيره    ) . 
وضع أبو عبد الله  رحمه الله بين يديه محبرة فقيل له : أستمد منها فتبسم وقال : قد روي عن زهير بن أبي خيثمة  أنه كانت معه محبرة فقالوا : نستمد منها فقال : إنها عارية . نقله المروذي    . 
وقال حرب  قلت  لإسحاق بن راهويه  يستمد الرجل من محبرة الرجل ؟ قال : لا يستمد إلا بإذنه قال  الخلال    ( كراهية أن يستمد الرجل من محبرة الرجل إلا بإذنه ) وذكر ذلك وقال محمد بن إبراهيم المعروف بمربع :  كنت عند  أحمد بن حنبل  وبين يديه محبرة فذكر أبو عبد الله  حديثا فاستأذنته بأن أكتب من محبرته ، فقال : اكتب يا هذا فهذا ورع مظلم . 
وقال محمد بن طارق البغدادي :   كنت جالسا إلى جانب  أحمد بن حنبل  فقلت يا أبا عبد الله  أستمد من محبرتك ؟ فنظر إلي وقال : لم يبلغ ورعي ورعك هذا . وعن  وكيع  وجاء إليه رجل فقال له : إني أمت إليك بحرمة قال : وما حرمتك قال : كنت تكتب من محبرتي في مجلس  الأعمش  ، فوثب فدخل منزله فأخرج صرة فيها دنانير وقال له : اعذرني فإني لا أملك غيرها . 
وقال يحيى بن زكريا بن يحيى الأحول  جئت يوما  وأحمد بن حنبل  يملي فجلست أكتب فاستمديت من محبرة إنسان فنظر إلي  أحمد  فقال : يا يحيى  استأذنته ؟ وقال  إبراهيم الحربي :  لزمت  أحمد بن حنبل  سنين فكان إذا خرج ليحدثنا يخرج معه محبرة مجلدة بجلد أحمر وقلما . فإذا مر به سقط أو خطأ في كتابه أسقطه بقلمه من محبرته يتورع أن يأخذ من محبرة أحدنا شيئا . 
وحكى  ابن عقيل  في باب الغصب من الفصول عن القاضي أنه قال : روي عن  أحمد  منع الكتب من محبرة غيره بغير إذنه . 
وفي رواية قال لمن استأذنه هذا من الورع المظلم . فحملنا الأول على كتب يطول . والثاني على غمسه قلما لكتب كلمة . أو في حق من ينبسط إليه  [ ص: 158 ] ويأذن له حكما وعرفا انتهى كلامه . والأولى أن يقال : يحمل الأول على كتب يطول ، والثاني على كتب قليل ; لأنه يتسامح به عادة وعرفا . أو يحمل الأول على من يغلب على ظنه أنه لا يطيب قلبه ولا يأذن فيه . ويحمل الثاني على من يطيب به ويأذن فيه . 
				
						
						
