[ ص: 137 ] فصل ( في إصلاح اللحن العارض لمتن الحديث ومتى يجوز التحديث ومن يقدم    ) . 
قال إسحاق بن إبراهيم :  سمعت ابن زنجويه  يسأل أبا عبد الله    : يجيء الحديث فيه اللحن وشيء فاحش ، فترى أن يغير أو يحدث به كما سمع قال : يغيره شديد ; إن النبي  صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يلحنون ، وإنما يجيء اللحن ممن هو دونهم . 
وقال ابن الجوزي    : وينبغي لصاحب الحديث أن يصلح اللحن في كتابه ، ذكر ذلك عن جماعة ، وكان  أحمد  يفعله قال : ويصلح الغلط الذي لا يشك فيه ، وذكره عن جماعة . والأولى لا يحدث حتى أن يتم له أربعون سنة ، إلا أن يحتاج إليه فقد حدث  بندار  وله ثلاث عشرة سنة ، وحدث  البخاري  وما في وجهه شعرة ، ويكره أن يحدث بحضرة من هو أسن منه أو أعلم ، فقد كان الشعبي  إذا حضر مع إبراهيم  لم يتكلم إبراهيم    . وقال  سفيان الثوري   لسفيان بن عيينة  ما لك لا تحدث ؟ فقال : أما وأنت حي فلا وقال  سمرة بن جندب  لقد كنت على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم غلاما ، فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالا هم أسن مني ، متفق عليه . 
قال  ابن هبيرة  فيه أنه يتعين على الحدث أن يوقر الشيوخ ، وأنه إذا رئي عندهم لم يزاحمهم بالرواية له ، فإنه يعرض أن يعيش بعدهم فيروي في حالة عدمهم فيكون ذلك في موقعه ، وإن مات قبلهم لم تكن تغني روايته ، لما يعرفه الشيوخ طائلا ، والله أعلم ، وسبق هذا المعنى بنحو كراسين في فصل ، قال  ابن عباس    : إذا ترك العالم لا أدري . 
وقد ظهر من ذلك أنه يرد على القارئ الغلط الخطأ كما عليه عادة العلماء ، وقد قال ابن طاهر المقدسي  الحافظ : سمعت أبا إسحاق الحبال  بمصر  يقول : لم يكن في الدنيا مثل  أبي القاسم سعد بن علي الزنجاني  في الفضل ، وكان يحضر معنا المجالس ويقرأ الخطأ بين يديه ، فلا يرد على أحد شيئا ، ولو  [ ص: 138 ] قرئ بين يديه الكفر ، إلا أن يسأل عن شيء أجاب ، وأري يوما بعض الصبيان يتبعون الأغلاط ويبادرون بالرد على المقرئ ولا يحسنون الأدب . 
ومراد أبي إسحاق ،  والله أعلم أن أبا القاسم  لا يبادر بالرد ، ولعله يكتفي بغيره ، ولهذا قال ولو قرئ بين يديه الكفر ، ومعلوم أن مثل هذا لا يحل عدم بيانه والسكوت عنه ، قال ابن طاهر :  سمعت الفقيه أبا محمد هياج بن عبيد  إمام الحرم ومفتيه يقول : يوم لا أرى فيه سعد بن علي الزنجاني  لا أعتد أني عملت خيرا . 
قال ابن طاهر  وكان هياج  يعتمر كل يوم ثلاث عمر ، ويواصل الصوم ثلاثة أيام ، ويدرس عدة دروس ، ومع هذا كله كان يعتقد أن نظرة إلى الشيخ  سعد  والجلوس بين يديه أجل من سائر عمله ، قال ابن طاهر :  سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد الكرخي  يقول : لما عزم الشيخ  سعد  على الإقامة بالحرم والمجاورة به ، عزم على نفسه نيفا وعشرين عزيمة أنه يلزم نفسه من المجاهدات والعبادات ، ومات بعد ذلك بأربعين سنة ولم يخل منها عزيمة واحدة  رحمه الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					