الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 17 ] فصل ( في خواص الجبن ) .

عن ابن عمر قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك { فدعا بسكين فسمى وقطع } رواه داود . وأكل الصحابة رضي الله عنهم الجبن قال الأطباء : الجبن الرطب بارد رطب في الثالثة مسمن ملين تليينا معتدلا وهو غليظ يزيد في اللحم مولد للحصى والسدد ويصلحه الجوز والزيت أو العسل قال بعضهم جيد للمعدة ، والحريف منه وهو العتيق حار يابس في الثالثة ملهب معطش رديء الغذاء وفيه جلاء ويقوي فم المعدة إذا تلقم به بعد الطعام وهو يولد الحصى في الكلى والمثانة ويولد خلطا مراريا ، ويهزل ، رديء للمعدة عسر الهضم وخلطه للمطلقات أردأ بسبب تنفيذها له إلى المعدة وسيفه يصلحه لاجتناب النار من أجزائه ويمسك الطبع .

وأما الزبد فأجوده الطري من لبن الضأن حار رطب في الأولى ورطوبته أكثر منضج محلل إذا طلي به البدن سمنه وغذاه ، وينفع جراحات العصب والأورام ، ويملأ القروح وينقيها ويسهل نبات الأسنان إذا طلي به ، وينفع من السعال اليابس والبارد مع السكر واللوز ولذات الجنب والرئة ويسهل النفث ، وينفع نفث الدم وقذف المدة إذا أخذت منه أوقية ونصف بعسل ، ويحتقن به للأورام الصلبة ويقاوم السموم ، وينفع نهشة الأفعى طلاء ويرخي المعدة ، وتصلحه الأشياء القابضة ، ويذهب القوابي والخشونة التي في البدن ويلين الطبيعة ويسقط شهوة الطعام وهو وخم أي : وبيء يطفوا في فم المعدة ويذهب بوخامته الحلو كالعسل والتمر .

ولهذا روى أبو داود وابن ماجه بالإسناد الجيد عن ابني بشر وهما عبد الله وعطية رضي الله عنهما قالا : { دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمنا إليه زبدا وتمرا وكان يحب الزبد والتمر ، وكذا السمن } فقد سبق فيه الحديث في فضل الصحة أن سمن البقر دواء . [ ص: 18 ]

وفي كتاب ابن السني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لا يستشفى الناس بشيء أفضل من السمن قال الأطباء : السمن يفعل أفعال الزبد وهو أقوى في الإنضاج والإرخاء والتليين وكلما عتق كان أحر وأقوى جلاء ، حار رطب في الأولى أكثر حرارة من الزبد محلل منضج يفعل في الأبدان الناعمة دون الصلبة وينضج البثور والأورام ويلين الصدر وينضج الفضول فيه خصوصا مع السكر واللوز وهو ترياق السموم المشروبة وقال بعضهم : سمن البقر والمعز إذا شرب مع العسل نفع من شرب السم القاتل ومن لدغ الحيات والعقارب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية