[ ص: 21 ] فصل ( في الأدهان وخواص أنواعها    ) 
تقدم الكلام في الحلبة قريبا في فصل في الصحيحين عن  سعد  وسبق في فصول حفظ الصحة الكلام في الخل ، ويأتي الكلام في الدباء وهو القرع وتقدم حديث  أبي هريرة    { كلوا الزيت وادهنوا به    } والكلام في الزيت في مداواة ذات الجنب . 
وللترمذي  في كتاب الشمائل عن  أنس  قال : { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات   } ، الدهن في البلاد الحارة كالحجاز  من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن ولا يحتاج إليه أهل البلاد الباردة ، وقد ذكر أصحابنا  رحمهم الله استحباب الأدهان مطلقا وخصه الشيخ تقي الدين   رحمه الله بالبلاد الحارة وأن الحمام لأهل البلاد الباردة كالادهان لغيرهم . 
والمسألة مذكورة في باب السواك . والدهن يسد مسام البدن ، ويمنع ما يتحلل منه . واستعماله بعد الاغتسال بماء حار يحسن البدن ويرطبه ويحسن الشعر ويطوله ، وينفع من الحصبة وغيرها والإلحاح بالدهن في الرأس فيه خطر بالبصر ، وأنفع الأدهان البسيطة الزيت ثم السمن ثم الشيرج . 
وأما المركبة فمنها دهن البنفسج ، ومن الموضوع فيه على رسول الله  صلى الله عليه وسلم { فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلي على سائر الناس    } . مع أنه في المستوعب قد احتج به . وهو بارد رطب أجوده المتخذ باللوز ينفع الجرب طلاء ويلين صلابة المفاصل والعصب ، ويحفظ صحة الأظفار طلاء ، وينفع من الصداع الحار اليابس ويرطب الدماغ وينوم أصحاب السهر لا سيما ما عمل بحب القرع واللوز الحلو ، وينفع من الشقاق وغليه اليبس ويسهل حركة المفاصل والإكثار منه يرخي البدن ويصلحه دهن الزنبق ويعتاض عنه بدهن اللينوفر .  [ ص: 22 ] 
ومنها دهن البان ومن الموضوع فيه . { ادهنوا بالبان ، فإنه أحظى لكم عند نسائكم    } . وليس المراد دهن زهره بل دهن يستخرج من حب أبيض أغبر نحو الفستق . وهو حار رطب في الثانية ينفع من صلابة العصب وتلبينه ومن البرص والنمش والكلف والبهق يسهل بلغما غليظا ويسخن العصب ويلين الأوتار اليابسة ، وينفع من دوي الأذن مع شحم البط ، ويجلو الأسنان ، ويقيها الصدأ . ومن مسح به وجهه وأطرافه لم يصبه حصى ولا شقاق . ومن دهن به حقوه ومذاكيره وما والاها نفع من برد الكليتين وتقطير البول . وقد ذكر الأطباء أدهانا كثيرة يطول ذكرها ، ويؤخذ مما سبق في فصول حفظ الصحة في ذكر الروائح الطيبة بعض ذلك . 
				
						
						
