الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 30 ] فصل ( في خواص السفرجل والكمثرى والتفاح ) .

سبق الكلام في السنا والسنوت في فصل عن أسماء بنت عميس والكلام في السمن في كلام على الجبن .

والسواك مستحب شرعا فيه فوائد طبية بعضها معلوم بالتجربة وهو مذكور في الفقه في باب السواك وأما السفرجل فروى ابن ماجه : ثنا إسماعيل بن محمد الطلحي عن نقيب بن حاجب عن أبي سعيد عن عبد الملك الزبيري عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال { دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وبيده سفرجلة فقال دونكها يا طلحة ، فإنها تجم الفؤاد } إسناد مجهول نقيب تفرد عنه إسماعيل وتفرد نقيب عن أبي سعيد وتفرد أبو سعيد عن عبد الملك .

ورواه ابن عائشة وهو عبد الله بن محمد العيشي عن عبد الرحمن بن حماد الطلحي عن طلحة بن يحيى عن أبيه عن طلحة .

ورواه سليمان بن أيوب الطلحي عن أبيه . عن جده عن أبي موسى بن طلحة عن أبيه قال أبو حاتم في عبد الرحمن الطلحي منكر الحديث .

وقال ابن حبان وغيره لا يحتج به وقال ابن عدي في سليمان بن أيوب الطلحي : عامة أحاديثه لا يتابع عليها وقال يعقوب بن شيبة السدوسي في أحاديث سليمان بن أيوب وهي سبعة عشر حديثا رواها عن أبيه عن جده عن موسى بن طلحة عن أبيه : هذه الأحاديث عندي صحاح .

والسفرجل جيد للمعدة وماؤه أفضل من جرمه في تقوية المعدة والحلو منه بارد رطب وقيل : معتدل يسر النفس ويدر ، والحامض أشد قبضا ويبسا وبردا وأكله يسكن العطش والقيء ويدر البول ، وينفع من قرحة الأمعاء [ ص: 31 ] ونفث الدم والهيضة ، وينفع من الغثيان ، ويمنع من تصاعد الأبخرة إذا استعمل بعد الطعام قال بعضهم : إذا أكل على الطعام أطلق وقبله يمسك قال بعضهم : إذا أكل بعد الطعام أسرع بانحدار التفل ، والحامض منه أبلغ ويطفئ المرة الصفراء المتولدة في المعدة ورائحته تقوي الدماغ والقلب والإكثار من أكله يولد وجع العصب والقولنج ، وإن شوي كان أقل لخشونته ، وأخف وأجود ما أكل مشويا أو مطبوخا بالعسل ، وحبه ينفع من خشونة الحلق وقصبة الرئة وكثير من الأمراض ودهنه يمنع العرق ويقوي المعدة والكبد ، ويشد القلب ويطيب النفس .

ومعنى " تجم الفؤاد " تريحه وقيل : تفتحه وتوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته ، وروي في حديث السفرجل { فإنها تشد القلب وتطيب النفس وتذهب بطخاء الصدر } . والطخاء للقلب مثل الغيم على السماء قال أبو عبيد الطخاء بالمد ثقل وغثاء ، تقول ما في السماء طخاء أي سحاب وظلمة قال الجوهري ويقال وجدت على قلبي طخاء وهو شبه الكرب قال اللحياني ما في السماء طخية بالضم أي شيء من سحاب قال : وهو مثل الطخرور والطخياء ممدود الليلة المظلمة وظلام طاخ وتكلم بكلمة طخياء لا تفهم .

قال بعض الأطباء : والكمثرى قريب من السفرجل وهو معتدل أكثر الفواكه غذاء ويقوي المعدة ، ويقطع العطش وأكله بعد الغذاء يمنع البخار أن يرتقي إلى الرأس بخاصية فيه ، ومن خواصه منع فساد الطعام في المعدة ويحدث القولنج ، ويضر بالمشايخ ، فينبغي أن لا يؤكل على طعام غليظ ولا يشرب فوقه الماء ويؤكل بعده المتجرنات الحارة .

وأما التفاح فقال الليث كان الزهري يكره أكل التفاح وسؤر الفار ، ويقول : إنه ينسي ، ويشرب العسل ، ويقول : إنه يذكي .

وقال صاحب الأدوية القلبية : التفاح بارد يابس في الأولى خاصيته عظيمة في تفريح القلب وقال غيره : التفاح بارد رديء للمعدة يوافق من مزاجه حار ، ومن [ ص: 32 ] خواصه تقوية القلب وإيراث النسيان الشديد .

وقال ابن جزلة الحامض بارد غليظ والحلو أميل إلى الحرارة وهو يقوي القلب ويقوي ضعف المعدة والمشوي منه في العجين نافع لقلة الشهوة والفج منه يولد العفونات والحميات وإدمان أكله يحدث وجع العصب وخصوصا الحامض ، ويدفع ضرره جوارش النعنع .

وقال غيره : التفاح جيد لفم المعدة غير أنه يملأ المعدة لزوجات ، ولعل الذي يورث النسيان الحامض لا الحلو ولعله مرادهم .

قال ابن الأثير في النهاية : وفي حديث مرفوع { أنه كان يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر } قال موسى : قال هلال بن العلاء : هو التفاح الأحمر وهذا التفسير لم أره لغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية