الخامسة ، في الكتاب : إذا بعثت إليه مالا ، فقال : تصدقت به علي ، وقلت : وديعة ، وتلف المال  فالرسول شاهد يحلف معه المبعوث إليه ، قيل : كيف يحلف ولم يحضر ؟ قال : كما يحلف الصبي إذا بلغ مع شاهده في دين ( . . . ) في 
 [ ص: 150 ] التنبيهات : تأول  القاضي إسماعيل  شهادة الرسول مطلقا ، وقاله   ابن عبد الحكم  ، لأنك اعترفت أنك أمرته بالدفع ، فشهد على إقرارك ، وقال   سحنون     : معناه : أن المال في يد الرسول ، ولو دفعه ضمن ، أو هما حاضران والمال حاضر . ولو أنفقه المبعوث إليه امتنعت الشهادة ، لأنه يدفع الضمان عن نفسه ، وقال  أشهب     : تمتنع شهادته إلا أن يكون المبعوث إليه مليا ، أو قامت للرسول بينة على الدفع ، وأما إن كان معدما فلا ، وجعل بعضهم قول  أشهب  وابن القاسم  وفاقا ، وأن كل واحد منهما تكلم على وجه . وفي النكت : قال  القاضي إسماعيل     : معنى قول  مالك     : قبول الشهادة مطلقا . لأنك وافقت الرسول على الدفع ، وإنما خالفت في الوجه الذي به قبضه الآخذ فلم يضمن الرسول ، وإنما يضمن أن لو قلت لمن أمرك فإذا ضمنته امتنعت شهادته . قال  ابن يونس     : وعلل  أشهب  أيضا بأنه دفع دفعا لم يؤمر به ، لأنه أمر أن يدفع على وجه الإيداع فدفع على وجه التمليك فتمنع شهادته ، قيل : وإذا غرم الرسول رجع على المدفوع إليه ، وإن كان عنده مظلوما ، لأنه يقول : الآمر ظلمك وأغرمني بسببك إذ لم يجد المال بيدك ، كقوله في المودع يأتيه بخط رب المال : أنه دفعه له صلة . أو أنه له . وهو لا يشك أنه خطه ، فإذا عدم المودع رجع على القابض ، وإن كان يعلم أنه مظلوم ، لأنه يقول : بسببك وصل إلى الغرم ، قال  ابن يونس     : ويحتمل أن الفرق بين المسألتين : أن المأمور في الأولى يتحقق تكذيب الآمر وأن المدفوع إليه مظلوم ، فلا يرجع إليه ، وفي الثانية : لا يقطع بحقيقة كذبه إذ قد يزور خطه ويعرف أمارته ، فلهذا يرجع ، وعلى أصل  ابن القاسم  لا يرجع ، كالمستحق من يده دابة وهو يعلم أنها تباح عند بائعها ، قال  ابن القاسم     : لا يرجع على البائع بالثمن ، وقد اختلف قول  أشهب  في هذا الأصل ، فقال : إذا قال بعثني ربها إليك لأخذها وصدقه ودفع فادعى على ضياعها وأنكرت  بعثته حلفت وغرم ، لا رجوع له على الرسول ، بخلاف ما تقدم له ،  وابن القاسم  يرى له الرجوع هاهنا ، لأنه لم يتحقق صدقه . السادسة ، في الكتاب : إذا بعثت عبدك أو أجيرك لقبض ثمن ما بعته فقال :   [ ص: 151 ] قبضته وضاع مني ولم يقم المشتري بينة  بالدفع ضمن ، بخلاف من دفعت إليه مالا ليدفعه فقال : دفعته بغير بينة وصدقه المرسل إليه فيما هو من حقوقه أو وديعة قائمة بيده ، وأما ما أقر به وادعى تلفه فلا يضمن ، في التنبيهات : حمل  ابن حمديس  وجماعة الأندلسيين قوله إذا صدقه المرسل إليه لا يضمن إذا كان تصديقه المرسل إليه فيما هو من حقوقه أو وديعة قائمة بيده ، وأما ما أقر به وادعى تلفه وجحد القبض فيما ليس حقا له لا يبرأ الرسول إلا ببينة على القبض ، وقال  ابن لبابة  وغيره : لا يضمن مطلقا وهو ظاهر الكتاب وعليه اختصرها أكثرهم ، قال  ابن يونس     : يريد أن المال دين عليه للمرسل إليه فلا يضمن ; لأنه طلب لك وأما غير ذلك فلا يبرأ الدافع إلا ببينة ، وقال بعض الفقهاء في أول المسألة : إنما لم يصدق المشتري إلا ببينة ; لأنه لك في ذمته ولو كان أصله وديعة لصدق ، وفي الموازية : لا يصدق لدفعه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					