الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرعان .

                                                                                                                الأول ، في الكتاب : إذا أحال لك مكاتبك بالكتابة على مكاتبة ، وله عليك مقدار مالك عليه امتنع ، إلا أن يثبت عتق مكاتبك فيجوز ، ثم إن عجز مكاتبته رق ، ولا يرجع عليه بشيء ; لأن الحوالة كالبيع ، وقد تمت حرمته ، ولا تجوز حمالة بكتابة لعدم استقرارها ، أما الحوالة فإن أحال لك على من لا دين عليه امتنع لعدم تحقيق المعاوضة ، أو له عليه دين حل أم لا ، جاز إن حلت الكتابة ويعتق مكانه ; لأنه أدى الكتابة بماله على غيره ، وإن حل نجم جازت الحوالة به على من له عليه دين حل أم لا ، ويبرأ المكاتب منه وإن كان آخر نجومه عتق مكانه ، وإن لم يحل النجم أن يجز أن يحيلك به على من له عليه دين ; لأن هذه ذمة بذمة ، وربا بين السيد ومكاتبه ، وكذلك إن لم تحل الكتابة لم تجز الحوالة بها وإن حل الدين ; لأنه فسخ دين لم يحل في دين حال أم لا ، وقد تجوز الحوالة ويعتق مكانه ; لأن ما على المكاتب ليس بدين ثابت ، وكأنه عجل عتقه على دراهم نقدا أو مؤجلة ، والكتابة دنانير لم تحل ، وكمن قال لعبده : إن جئتني بألف درهم فأنت حر ، ثم قال له : إن جئتني بخمسمائة درهم أو بعشرة دنانير فأنت حر ، فإن جاء بها كان حرا ولم يكن بيع فضة بذهب ، ولا فسخ دين في أقل منه وكأن لم يكن قبله إلا ما أدى ، وقال ابن القاسم : ذلك لا ينبغي ; لأن مالكا كره بيع الكتابة من [ ص: 246 ] أجنبي بعوض أو غيره إلى أجل ، ووسع في هذا بين السيد ومكاتبه ، فلما كره ذلك بين السيد والأجنبي من قبل أنه دين بدين كرهنا الحوالة إذا لم تحل الكتابة ; لأنه دين بدين ، قال صاحب النكت : قال بعض القرويين : إذا لم تحل الكتابة ، وأحل المكاتب سيده بها بشرط أن يعتق الآن معجلا أو يشترط أن لا يعتق ، يتفق ابن القاسم وغيره في هذين الوجهين ، وإن سكت عن شرط تعجيل العتق ، وشرط بقاء المكاتب فهاهنا الخلاف ، فيفسخ عند ابن القاسم ما لم يفت بالأجل ، وغيره يحكم بتعجيل عتق العبد ، وقياس ابن القاسم الحوالة على البيع من الأجنبي فيه نظر ; لأن الحوالة بين السيد ومكاتبه أسقط عن الكتابة واعتاض ما في ذمة الأجنبي في الأجنبي لا فرق بين أن يؤدي ذلك للمكاتب ولسيده ، ولم يقع بين السيد وبين الأجنبي مبايعة ، وإنما وقعت بينه وبين عبده وبيع السيد الكتابة معاملة بينه وبين الأجنبي لا بينه وبين عبده .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية