[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأقضية
nindex.php?page=treesubj&link=15030الأقضية جمع قضاء . نحو فضاء وأفضية وهواء وأهوية . والقضاء مشترك في اللغة ، قضى بمعنى أراد ومنه قضاء الله وقدره ، وقضى بمعنى حكم ، ومنه قضاء القاضي . والفرق : أن هذا إسناد من باب الكلام ، والأول من باب الإرادة ، وقضى بمعنى فعل ، ومنه : قضيت الصلاة ، وقضى عليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع ، يريد : زريدتين عملهما داود ، وقضى بمعنى قطع ، ومنه : قضيت الدين أي قطعت مطالبة الغريم
قال صاحب التنبيهات : لها سبع معان ترجع إلى انقطاع الشيء وتمامه ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم ) أي فصل ، وقضى القاضي : فصل الخصومة ، وقضى الدين ; وإحكام العمل ، ومنه قضيت هذه الدار ، أحكمت عملها ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فلما قضى موسى الأجل ) أي أحكمه .
ثم يتمهد الفقه في هذا الكتاب ببيان شرف القضاء وخطره ، وبيان شروطه والمفيد لولايته ولولاية غيره ، والأسباب الموجبة لعزله ، وأنواع آدابه ، ومستندات أقضيته ، ومن يجوز أن يحكم له وعليه ، واستخلاف نوابه ، ونقض ما يتعين نقضه ، وتمييز ما ليس بقضاء من الفتاوى عما هو من حقيقته وجنسه ، وفي كيفية إنهائه لحاكم يحكم بغير الذي حكم به ، فهذا أحد عشر بابا .
[ ص: 6 ] الباب الأول
في
nindex.php?page=treesubj&link=20232التحذير من ولاية القضاء على عظيم شرفه
وفي النوادر : قال
مالك : أول من استقضى
معاوية ، ولم يكن لرسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ولا
لأبي بكر ولا
لعثمان قاض ، فالولاة يقضون . وأنكر قول أهل
العراق : إن
عمر استقضى
شريكا ، وقال يستقضى
بالعراق دون
الشام ،
واليمن دون غيره ، ( كذا ) وليس كما قالوا .
وفي الجواهر : الإمامة
nindex.php?page=treesubj&link=15035والقضاء فرض على الكفاية ، لما فيه من مصالح العباد ومنع التظالم والعناد ، وفصل الخصومات ورد الظلمات ، وإقامة الحدود وردع الظالم ونصر المظلوم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
nindex.php?page=treesubj&link=15031والحكم بالعدل أفضل من أعمال البر وأعلى درجات الأجر ، لأنه نص رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وفي الصحيحين : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349662المقسطون على منابر من نور يوم القيامة ، يغبطهم النبيئون والشهداء ) ولكن خطره عظيم ؛ حقنا لاستيلاء الضعف وغلبة الهوى علينا . واتباع الهوى من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=15وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) تقول العرب أقسط بالألف إذا عدل ، وقسط بغير ألف إذا جار ، وعنه _ صلى الله عليه وسلم _ : (
إن أعتى الناس على الله ، وأبغض الناس على الله ، وأبعد الناس من الله رجل ولاه الله من أمر أمة محمد شيئا ثم لم يعدل فيهم ) فالقضاء محنة عظيمة ، فمن
[ ص: 7 ] دخل فيه فقد ابتلي بعظيم ; لأنه عرض نفسه لهذه الأنواع ، والخلاص أحسن ، ولذلك قال _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349664من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين ) قال العلماء : إن جار فقد أهلك نفسه هلاكا عظيما ، فهو ذبح مثقل ، وهو كناية عن خطئهم الشديد ، وإن عدل فكذلك ، فإنه لا يصل على الخلاص إلا بشدائد عظيمة جدا من مراقبة الهوى ومخالفته وسياسات الناس مع الاحتراز منهم خصوصا ولاة الأمور ، مع إقامة الحق عليهم ، ومخالفة أغراضهم في أتباعهم وأنفسهم ، والثبوت عند انتشار الأهوال العظيمة ، والتشانيع الهائلة ، وإبهام حصول المضار الشنيعة في النفس والعرض والمال ، ونفور النفس من ألم العزل ، وشماتة الأعداء ، وتألم الأولياء ، إلى غير ذلك من تتميمات الشهود والنواب والقرناء ، وقلة من يستعان به من الأمناء ذوي الكفايات والكفالات ، فربما ( منى جعل الذي من خائن كائد ) ، والتباس النصائح بالمكائد والحيل ، لتحصيل الأغراض الفاسدة ، والشيطان من وراء ذلك يغري ، وحب الرياسة يمد ويعمي ، وهو باب يتعذر عذره ولا ينحسم مدده ، فلنسأل الله العفو والعافية ، وقد قيل
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أي الرجلين أحب إليك : رجل كثرت حسناته وسيئاته ، ورجل قلت حسناته وسيئاته ؟ فقال : لا أعدل بالسلامة شيئا . وهو معنى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) جاء في تفسيره : أن الله قال لهذه المذكورات : هل تحملن التكليف ؟ فإن أطعتن فلكن المثوبات العليات ، وإن عصيتن فلكن العقوبات المرديات ، فقلن : لا نعدل بالسلامة شيئا ، وقبل ذلك الإنسان ، فاختار حملها طمعا في الثواب والسلامة من
[ ص: 8 ] العقاب ، فغلب عليه الهلاك ، وقل فيه الرشاد ، وكذلك في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349665يقول الله تعالى لآدم يوم القيامة : ( ابعث بعث النار ، فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ، فيخلص من كل ألف واحد ) فلذلك قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنه كان ظلوما جهولا ( أي ظلوما لنفسه ، جهولا أي بالعواقب ، فلذلك لا ينبغي أن يقدم عليه إلا من وثق بنفسه ، وتعين له ، أو أجبره الإمام العدل وهو أهل ، وله أن يمتنع ويهرب [ فلا يجب بمجب عليه القبول ، وبهذا قال الأئمة . وتعينه بأن لا يكون في تلك الناحية من يصلح للقضاء سواه ، فيحرم الامتناع لتعين الفرض عليه ، ولا يأخذه بطلب ، لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ في
مسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349666لا نولي على هذا العمل أحدا سأله ) وإن اجتمعت فيه شرائط التولية لئلا يوكل لنفسه فيعجز ، لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ في
الترمذي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=2005002من طلب القضاء وكل إلى نفسه ، ومن أكره عليه أنزل الله ملكا ليسدده ) وقال
الترمذي هو حسن ، وفي الباب من الوعيد قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ( وفي آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فأولئك هم الظالمون ) وفي أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فأولئك هم الفاسقون ) وعن
عمر _ رضي الله عنه _ : وددت أن أنجو من هذا الأمر كفافا لا لي ولا علي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة : مثل القاضي العالم كالسابح في البحر ، فكم عسى أن يسبح حتى يغرق ، وكتب
سليمان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء : بلغني أنك جعلت طبيبا ، فإن كنت تبرئ
[ ص: 9 ] فنعما لك ، وإن كنت متطببا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النار ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما فقال : ارجعا ، أعيدا على قضيتكما ، متطبب والله متطبب والله . قال صاحب المقدمات :
nindex.php?page=treesubj&link=20230الهروب عن القضاء واجب ، وقال ( ش ) : مستحب ، وطلب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ أن يولى رجلا القضاء فأبى عليه فجعل يديه على الرضا فأبى حتى قال له : أنشدك بالله يا أمير المؤمنين ، أفي ذلك تعلم خيرا لي ؟ فقال فأعفني ، فقال : قد فعلت . قال
مالك : قال لي
علي بن الحسين : ما أدركت قاضيا استقضي
بالمدينة إلا رأيت كآبة القضاء وكراهته في وجهه ، إلا قاضيين منهما .
nindex.php?page=treesubj&link=15189_20234وطلب القضاء حسرة يوم القيامة ; لقوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349667ستحرصون على الإمارة ، وستكون حسرة وندامة يوم القيامة ) وفي
مسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349668لا تسأل الإمارة ، فإنك إن تؤتها عن غير مسألة تعن عليها ، وإن تؤتها عن مسألة تؤكل إليها ) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349669إنا لا نستعمل على عملنا من أراده ) قال صاحب المقدمات : فيجب أن لا يولى القضاء من أراده وطلبه وإن كان أهلا ; مخافة أن يوكل إليه فلا يقوم به ، وقد نظر
عمر _ رضي الله عنه _ إلى شاب وفد عليه فأعجبه ، فإذا هو يسأل القضاء ، فقال
عمر _ رضي الله عنه _ : كدت أن تغرني من نفسك ، إن الأمر لا يقوى عليه من يحبه .
وفي
الترمذي : قال _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349670من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحري أن ينقلب منه كفافا )
[ ص: 10 ] وقال _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349671القضاة ثلاثة : واحد في الجنة واثنان في النار ، أما الذي في الجنة : فرجل عرف الحق فقضى به ، وأما الذي في النار فرجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ، ورجل قضى في الناس على جهل فهو في النار ) وقال _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349672إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ، وإن أصاب فله أجران ) قال
ابن أبي زيد : هذا إذا كان من أهل الاجتهاد ، أما المتكلف الذي ليس من أهل الاجتهاد ، فهو الذي قال فيه _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349673سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) . فبدأ بالإمام العادل ، ومما ورد في التحذير : قوله _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيحين : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349674يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي ، لا تأمرن على اثنين ، ولا تولين مال يتيم ) قال بعض العلماء : قوله : أحب لك ما أحب لنفسي ، ظاهر في أنه يحب لنفسه عدم الحكم ، مع أن الله تعالى
[ ص: 11 ] أمره ، بالحكم ، وحاشاه أن يكره ما أمره الله به ، بل معناه : لو كنت ضعيفا لأحببت عدم الحكم لعجزي عنه حينئذ ، فالذي كان لأجل صفة
أبي ذر في ضعفه لا الحكم في نفسه ، فما زال _ صلى الله عليه وسلم _ حاكما ، وأرسل
عليا قاضيا
ومعاذا وغيرهما إلى الأمصار ، وهو منصب الأنبياء أجمعين . قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيئون ) وقال _ صلى الله عليه وسلم _ في الصحيحين : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349675لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) .
تنبيه : قال صاحب القبس : الأحاديث والآثار كثيرة تدل على الأمر
nindex.php?page=treesubj&link=20230بالزهد في القضاء ، والفرض لا يؤمر بالزهد فيه ، بل هو واجب على الكل ابتداء ، وإنما يسقط بفعل البعض ، وأجاب بأن شرف القضاء معلوم قطعا ، وهذه الأحاديث ليست من هذا ، وإنما هي تحذر وتنبه على الاحتراس من غوائل الطريق ، وقال أصحاب ( ش ) : الغني تكره له الولاية ، والفقير الذي ينال بالولاية كفاية من بيت المال لا يكره ; لأنه اكتساب بسبب مباح بل طاعة ، فهو أولى من الوراقة ، قالوا : ومن طلب القضاء رغبة في الولاية والنظر ، لا لنشر العلم والعدل : فثلاثة أقوال : يكره له الطلب والإجابة ، ويستحبان ، ويكره له الطلب وتستحب له الإجابة ; لما تقدم من الأحاديث المرغبة ، وموافقة الملائكة لما روي عنه _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349676إذا جلس القاضي في مجلسه هبط [ ص: 12 ] عليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفقانه ، فإن جار عرجا وتركاه ) قلت : والقول بالاستحباب مطلقا بعيد ، لما ورد من التحذير وطلب السلامة وسيرة السلف ، فقد فر بعضهم من القضاء فعاتبه بعض أصحابه ، فقال له : أو ما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء ، والقضاة مع الملوك ، وتصدق لأن العلماء ورثة الأنبياء ، وعلى هديهم وإرشادهم ، والتعليم والإرشاد هو مقصود الرسالة الأعظم ، وأما تصرفهم بالقضاء والإمامة فتابع ، ولذلك إذا أردت تعرفهم بين القضاء والفتيا فحمله على الفتيا أولى ، لأنه الغالب ، كقوله _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349677من أحيى أرضا ميتة فهي له ) حمله ( ح ) على التصرف بالإمامة فلا يحيي أحد إلا بإذن الإمام ،
ومالك و ( ش ) على الفتيا ، فيجوز مطلقا ، والقضاة شاركوا في غالب أحوالهم وهو القهر والإلزام ; فيحشر كل واحد منهم مع أهل صفته . ويؤكده ما روي عنه _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349678يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يكن قاضيا بين اثنين ) وهو متجه ، فإن العدل في الغالب لا يسلم عن تقصير في الاجتهاد إما لطلب الراحة ، وإما لهوى دخل عليه من حيث لا يشعر ، والعوارض كثيرة ، فلذلك يشق عليه الحساب .
وفي النوادر : عن
مكحول : لو خيرت بين القضاء وبيت المال لاخترت القضاء ، ولو خيرت بين القضاء وضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي ، وقال
عمر _ رضي الله عنه _ لو علمت بمكان رجل هو أقوى على هذا الأمر مني لكان أن أقدم فتضرب عنقي
[ ص: 13 ] أحب إلي من أن أليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد : وليت قضاء
الكوفة ، وأنا لدي أنه ليس على الأرض شيء من العلم إلا وقد سمعته ، فأول مجلس جلسته للقضاء ، اختصم إلي رجلان في شيء ما سمعت فيه شيئا . وأما ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349679يؤتى بالقاضي يوم القيامة حتى يوقف على شفير جهنم وملك آخذ بقفاه ، فإن أمر أن يقذفه في النار قذفه فيها ، فيهوي أربعين خريفا ) ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لأن أقضي يوما أحب إلي من عبادة سبعين عاما . وعن
الحسن أنه قال : لا ( . . . ) حاكم عدل يوما واحدا أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة ، لأنه يدخل في ذلك اليوم على كل بيت من المسلمين خير ، وقولهما هذا في مقادير الثواب التي لا يعلم إلا بتوقيف يدل على تلقيهما ذلك عن نص صحيح ، ويحمل قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على أنه حدثه بنفسه ، فلا كلام معه .
[ ص: 5 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=15030الْأَقْضِيَةُ جَمْعُ قَضَاءٍ . نَحْوَ فَضَاءٍ وَأَفْضِيَةٍ وَهَوَاءٍ وَأَهْوِيَةٍ . وَالْقَضَاءُ مُشْتَرَكٌ فِي اللُّغَةِ ، قَضَى بِمَعْنَى أَرَادَ وَمِنْهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ ، وَقَضَى بِمَعْنَى حَكَمَ ، وَمِنْهُ قَضَاءُ الْقَاضِي . وَالْفَرْقُ : أَنَّ هَذَا إِسْنَادٌ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ ، وَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْإِرَادَةِ ، وَقَضَى بِمَعْنَى فَعَلَ ، وَمِنْهُ : قَضَيْتُ الصَّلَاةَ ، وَقَضَى عَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعٌ ، يُرِيدُ : زَرِيدَتَيْنِ عَمِلَهُمَا دَاوُدُ ، وَقَضَى بِمَعْنَى قَطَعَ ، وَمِنْهُ : قَضَيْتُ الدَّيْنَ أَيْ قَطَعْتُ مُطَالَبَةَ الْغَرِيمِ
قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ : لَهَا سَبْعُ مَعَانٍ تَرْجِعُ إِلَى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) أَيْ فُصِلَ ، وَقَضَى الْقَاضِي : فَصَلَ الْخُصُومَةَ ، وَقَضَى الدَّيْنَ ; وَإِحْكَامُ الْعَمَلِ ، وَمِنْهُ قَضَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ ، أَحْكَمْتُ عَمَلَهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ ) أَيْ أَحْكَمَهُ .
ثُمَّ يَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِبَيَانِ شَرَفِ الْقَضَاءِ وَخَطَرِهِ ، وَبَيَانِ شُرُوطِهِ وَالْمُفِيدِ لِوِلَايَتِهِ وَلِوِلَايَةِ غَيْرِهِ ، وَالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِعَزْلِهِ ، وَأَنْوَاعِ آدَابِهِ ، وَمُسْتَنَدَاتِ أَقَضِيَتِهِ ، وَمَنْ يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ وَعَلَيْهِ ، وَاسْتِخْلَافِ نُوَّابِهِ ، وَنَقْضِ مَا يُتَعَيَّنُ نَقْضُهُ ، وَتَمْيِيزِ مَا لَيْسَ بِقَضَاءٍ مِنَ الْفَتَاوَى عَمَّا هُوَ مِنْ حَقِيقَتِهِ وَجِنْسِهِ ، وَفِي كَيْفِيَّةِ إِنْهَائِهِ لِحَاكِمٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ ، فَهَذَا أَحَدَ عَشَرَ بَابًا .
[ ص: 6 ] الْبَابُ الْأَوَّلُ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20232التَّحْذِيرِ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ عَلَى عَظِيمِ شَرَفِهِ
وَفِي النَّوَادِرِ : قَالَ
مَالِكٌ : أَوَّلُ مَنِ اسْتَقْضَى
مُعَاوِيَةُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَلَا
لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا
لِعُثْمَانَ قَاضٍ ، فَالْوُلَاةُ يَقْضُونَ . وَأُنْكِرَ قَوْلُ أَهْلِ
الْعِرَاقِ : إِنَّ
عُمَرَ اسْتَقْضَى
شَرِيكًا ، وَقَالَ يُسْتَقْضَى
بِالْعِرَاقِ دُونَ
الشَّامِ ،
وَالْيَمَنِ دُونَ غَيْرِهِ ، ( كَذَا ) وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا .
وَفِي الْجَوَاهِرِ : الْإِمَامَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=15035وَالْقَضَاءُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ وَمَنْعِ التَّظَالُمِ وَالْعِنَادِ ، وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَرَدِّ الظُّلُمَاتِ ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَرَدْعِ الظَّالِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ .
nindex.php?page=treesubj&link=15031وَالْحُكْمُ بِالْعَدْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْأَجْرِ ، لِأَنَّهُ نَصُّ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349662الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيئُونَ وَالشُّهَدَاءُ ) وَلَكِنَّ خَطَرَهُ عَظِيمٌ ؛ حَقْنًا لِاسْتِيلَاءِ الضَّعْفِ وَغَلَبَةِ الْهَوَى عَلَيْنَا . وَاتِّبَاعُ الْهَوَى مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=15وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لَجَهَنَّمَ حَطَبًا ) تَقُولُ الْعَرَبُ أَقْسَطَ بِالْأَلِفِ إِذَا عَدَلَ ، وَقَسَطَ بِغَيْرِ أَلِفٍ إِذَا جَارَ ، وَعَنْهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ، وَأَبْغَضَ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ، وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ رَجُلٌ وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ ) فَالْقَضَاءُ مِحْنَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَمَنْ
[ ص: 7 ] دَخَلَ فِيهِ فَقَدِ ابْتُلِيَ بِعَظِيمٍ ; لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ ، وَالْخَلَاصُ أَحْسَنُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي الصَّحِيحِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349664مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنْ جَارَ فَقَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ هَلَاكًا عَظِيمًا ، فَهُوَ ذَبْحٌ مُثْقَلٌ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ خَطَئِهِمُ الشَّدِيدِ ، وَإِنْ عَدَلَ فَكَذَلِكَ ، فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ عَلَى الْخَلَاصِ إِلَّا بِشَدَائِدَ عَظِيمَةٍ جِدًّا مِنْ مُرَاقَبَةِ الْهَوَى وَمُخَالَفَتِهِ وَسِيَاسَاتِ النَّاسِ مَعَ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمْ خُصُوصًا وُلَاةَ الْأُمُورِ ، مَعَ إِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ ، وَمُخَالَفَةِ أَغْرَاضِهِمْ فِي أَتْبَاعِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالثُّبُوتِ عِنْدَ انْتِشَارِ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ ، وَالتَّشَانِيعِ الْهَائِلَةِ ، وَإِبْهَامِ حُصُولِ الْمَضَارِّ الشَّنِيعَةِ فِي النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ ، وَنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَلَمِ الْعَزْلِ ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ، وَتَأَلُّمِ الْأَوْلِيَاءِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتْمِيمَاتِ الشُّهُودِ وَالنُّوَّابِ وَالْقُرَنَاءِ ، وَقِلَّةِ مِنْ يُسْتَعَانُ بِهِ مِنَ الْأُمَنَاءِ ذَوِي الْكِفَايَاتِ وَالْكَفَالَاتِ ، فَرُبَّمَا ( مَنَّى جَعَلَ الَّذِي مِنْ خَائِنٍ كَائِدٍ ) ، وَالْتِبَاسِ النَّصَائِحِ بِالْمَكَائِدِ وَالْحِيَلِ ، لِتَحْصِيلِ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ ، وَالشَّيْطَانُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ يُغْرِي ، وَحُبُّ الرِّيَاسَةِ يُمِدُّ وَيُعْمِي ، وَهُوَ بَابٌ يَتَعَذَّرُ عُذْرُهُ وَلَا يَنْحَسِمُ مَدَدُهُ ، فَلْنَسْأَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، وَقَدْ قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ : رِجُلٌ كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ ، وَرَجُلٌ قَلَّتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ ؟ فَقَالَ : لَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا . وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ : أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ : هَلْ تَحْمِلُنَّ التَّكْلِيفَ ؟ فَإِنْ أَطَعْتُنَّ فَلَكُنَّ الْمَثُوبَاتُ الْعُلْيَاتُ ، وَإِنْ عَصَيْتُنَّ فَلَكُنَّ الْعُقُوبَاتُ الْمُرْدِيَاتُ ، فَقُلْنَ : لَا نَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا ، وَقَبِلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ ، فَاخْتَارَ حَمْلَهَا طَمَعًا فِي الثَّوَابِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ
[ ص: 8 ] الْعِقَابِ ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ ، وَقَلَّ فِيهِ الرَّشَادُ ، وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349665يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ( ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ ، فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ، فَيَخْلُصُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ ) فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ( أَيْ ظَلُومًا لِنَفْسِهِ ، جَهُولًا أَيْ بِالْعَوَاقِبِ ، فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ وَثِقَ بِنَفْسِهِ ، وَتَعَيَّنَ لَهُ ، أَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ وَهُوَ أَهْلٌ ، وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَيَهْرُبَ [ فَلَا يَجِبُ بِمُجْبٍ عَلَيْهِ الْقَبُولُ ، وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ . وَتَعَيُّنُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ سِوَاهُ ، فَيَحْرُمُ الِامْتِنَاعُ لِتَعَيُّنِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ ، وَلَا يَأْخُذُهُ بِطَلَبٍ ، لِقَوْلِهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي
مُسْلِمٍ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349666لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ ) وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّوْلِيَةِ لِئَلَّا يُوكَّلَ لِنَفْسِهِ فَيَعْجَزَ ، لِقَوْلِهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي
التِّرْمِذِيِّ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=2005002مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وُكِّلَ إِلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا لِيُسَدِّدَهُ ) وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَسَنٌ ، وَفِي الْبَابِ مِنَ الْوَعِيدِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( وَفِي آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) وَفِي أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) وَعَنْ
عُمَرَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : وَدِدْتُ أَنْ أَنْجُوَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12135أَبُو قِلَابَةَ : مَثَلُ الْقَاضِي الْعَالِمِ كَالسَّابِحِ فِي الْبَحْرِ ، فَكَمْ عَسَى أَنْ يَسْبَحَ حَتَّى يَغْرَقَ ، وَكَتَبَ
سُلَيْمَانُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ : بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا ، فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ
[ ص: 9 ] فَنِعِمَّا لَكَ ، وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ ، فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ : ارْجِعَا ، أَعِيدَا عَلَىَّ قَضِيَّتَكُمَا ، مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ مُتَطَبِّبٌ وَاللَّهِ . قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ :
nindex.php?page=treesubj&link=20230الْهُرُوبُ عَنِ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ ، وَقَالَ ( ش ) : مُسْتَحَبٌّ ، وَطَلَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ أَنْ يُوَلِّىَ رَجُلًا الْقَضَاءَ فَأَبَى عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى الرِّضَا فَأَبَى حَتَّى قَالَ لَهُ : أُنْشِدُكَ بِاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَفِي ذَلِكَ تَعْلَمُ خَيْرًا لِي ؟ فَقَالَ فَأَعْفِنِي ، فَقَالَ : قَدْ فَعَلْتُ . قَالَ
مَالِكٌ : قَالَ لِي
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : مَا أَدْرَكْتُ قَاضِيًا اسْتُقْضِيَ
بِالْمَدِينَةِ إِلَّا رَأَيْتُ كَآبَةَ الْقَضَاءِ وَكَرَاهَتَهُ فِي وَجْهِهِ ، إِلَّا قَاضِيَيْنِ مِنْهُمَا .
nindex.php?page=treesubj&link=15189_20234وَطَلَبُ الْقَضَاءِ حَسْرَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349667سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ ، وَسَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَفِي
مُسْلِمٍ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349668لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ ، فَإِنَّكَ إِنْ تُؤْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ عَلَيْهَا ، وَإِنْ تُؤْتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ تُؤْكَلْ إِلَيْهَا ) وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349669إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ : فَيَجِبُ أَنْ لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ أَرَادَهُ وَطَلَبَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا ; مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ فَلَا يَقُومُ بِهِ ، وَقَدْ نَظَرَ
عُمَرُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ إِلَى شَابٍّ وَفَدَ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ الْقَضَاءَ ، فَقَالَ
عُمَرُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : كِدْتَ أَنْ تَغُرَّنِي مِنْ نَفْسِكَ ، إِنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ مَنْ يُحِبُّهُ .
وَفِي
التِّرْمِذِيِّ : قَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349670مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْهُ كَفَافًا )
[ ص: 10 ] وَقَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349671الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ : وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ ، أَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ : فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ ، وَأَمَّا الَّذِي فِي النَّارِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ ) وَقَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349672إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ) قَالَ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ : هَذَا إِذَا كَانَ مَنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، أَمَّا الْمُتَكَلِّفُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي الصَّحِيحِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349673سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَافْتَرَقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَرَجُلٌّ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ) . فَبَدَأَ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي التَّحْذِيرِ : قَوْلُهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي الصَّحِيحَيْنِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349674يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا ، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : قَوْلُهُ : أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ عَدَمَ الْحُكْمِ ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
[ ص: 11 ] أَمَرَهُ ، بِالْحُكْمِ ، وَحَاشَاهُ أَنْ يَكْرَهَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، بَلْ مَعْنَاهُ : لَوْ كُنْتُ ضَعِيفًا لَأَحْبَبْتُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِعَجْزِي عَنْهُ حِينَئِذٍ ، فَالَّذِي كَانَ لِأَجَلِ صِفَةِ
أَبِي ذَرٍّ فِي ضَعْفِهِ لَا الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ ، فَمَا زَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ حَاكِمًا ، وَأَرْسَلَ
عَلِيًّا قَاضِيًا
وَمُعَاذًا وَغِيَرَهَمَا إِلَى الْأَمْصَارِ ، وَهُوَ مَنْصِبُ الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيئُونَ ) وَقَالَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي الصَّحِيحَيْنِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349675لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا ) .
تَنْبِيهٌ : قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=20230بِالزُّهْدِ فِي الْقَضَاءِ ، وَالْفَرْضُ لَا يُؤْمَرُ بِالزُّهْدِ فِيهِ ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ ابْتِدَاءً ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ ، وَأَجَابَ بِأَنَّ شَرَفَ الْقَضَاءِ مَعْلُومٌ قَطْعًا ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا ، وَإِنَّمَا هِيَ تُحَذِّرُ وَتُنَبِّهُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْ غَوَائِلِ الطَّرِيقِ ، وَقَالَ أَصْحَابُ ( ش ) : الْغَنِيُّ تُكْرَهُ لَهُ الْوِلَايَةُ ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي يَنَالُ بِالْوِلَايَةِ كِفَايَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُكْرَهُ ; لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ بَلْ طَاعَةٌ ، فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْوِرَاقَةِ ، قَالُوا : وَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ رَغْبَةً فِي الْوِلَايَةِ وَالنَّظَرِ ، لَا لِنَشْرِ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ : فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَالْإِجَابَةُ ، وَيُسْتَحَبَّانِ ، وَيُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِجَابَةُ ; لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُرَغِّبَةِ ، وَمُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349676إِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ هَبَطَ [ ص: 12 ] عَلَيْهِ مَلَكَانِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ ، فَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ ) قُلْتُ : وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ ، لِمَا وَرَدَ مِنَ التَّحْذِيرِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَسِيرَةِ السَّلَفِ ، فَقَدْ فَرَّ بَعْضُهُمْ مِنَ الْقَضَاءِ فَعَاتَبَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ لَهُ : أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ يُحْشَرُونَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْقُضَاةَ مَعَ الْمُلُوكِ ، وَتُصَدَّقُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَعَلَى هَدْيِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ ، وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ الْأَعْظَمُ ، وَأَمَّا تَصَرُّفُهُمْ بِالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ فَتَابِعٌ ، وَلِذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ تَعَرُّفَهُمْ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفِتْيَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْفُتْيَا أَوْلَى ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ ، كَقَوْلِهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349677مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ ) حَمَلَهُ ( ح ) عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ ،
وَمَالِكٌ وَ ( ش ) عَلَى الْفُتْيَا ، فَيَجُوزُ مُطْلَقًا ، وَالْقُضَاةُ شَارَكُوا فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْإِلْزَامُ ; فَيُحْشَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِ صِفَتِهِ . وَيُؤَكِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349678يُؤْتَى بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَوَدُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا بَيْنَ اثْنَيْنِ ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ ، فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْلَمُ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي الِاجْتِهَادِ إِمَّا لِطَلَبِ الرَّاحَةِ ، وَإِمَّا لِهَوًى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ ، وَالْعَوَارِضُ كَثِيرَةٌ ، فَلِذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحِسَابُ .
وَفِي النَّوَادِرِ : عَنْ
مَكْحُولٍ : لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ لَاخْتَرْتُ الْقَضَاءَ ، وَلَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَضَرْبِ عُنُقِي لَاخْتَرْتُ ضَرْبَ عُنُقِي ، وَقَالَ
عُمَرُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِ رَجُلٍ هُوَ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنِّي لَكَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي
[ ص: 13 ] أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : وُلِّيتُ قَضَاءَ
الْكُوفَةِ ، وَأَنَا لَدَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ ، فَأَوَّلُ مَجْلِسٍ جَلْسَتُهُ لِلْقَضَاءِ ، اخْتَصَمَ إِلَيَّ رَجُلَانِ فِي شَيْءٍ مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا . وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349679يُؤْتَى بِالْقَاضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ ، فَإِنْ أُمِرَ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي النَّارِ قَذَفَهُ فِيهَا ، فَيَهْوِيَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ) ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ عَامًا . وَعَنِ
الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ : لَا ( . . . ) حَاكِمٌ عَدْلٌ يَوْمًا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ أَجْرِ رَجُلٍ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ سَنَةً ، لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ، وَقَوْلُهُمَا هَذَا فِي مَقَادِيرِ الثَّوَابِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ يَدُلُّ عَلَى تَلَقِّيهِمَا ذَلِكَ عَنْ نَصٍّ صَحِيحٍ ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِنَفْسِهِ ، فَلَا كَلَامَ مَعَهُ .