الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفرع الرابع : في الكتاب : إذا كتب قاض إلى قاض فمات الكاتب أو عزل قبل وصول كتابه إلى المكتوب إليه ، أو مات المكتوب إليه أو عزل قبل وصول الكتاب إلى وال بعده ، فلينفذه من وصل إليه ، وإن كان إنما كتب إلى غيره ، لأن المقصود تنفيذ ما ثبت من الحكم والحق ، كالرجل الواحد في تنفيذ الحق وإبطال الباطل ، ويجوز كتب القضاة في القصاص والحدود وغيرها ، لجواز الشهادة على ذلك .

                                                                                                                [ ص: 100 ] قال ابن يونس : قال أشهب : يجوز وإن لم يشهد على الكاتب إلا شاهدان ، وإن كان كتاب زنى قد شهدت فيه أربعة عند القاضي ؛ لأن المقصود إثبات الثبوت لا إثبات الزنى ، قال بعض القرويين : أجاز هاهنا شاهدين على أربعة في الزنى ولا فرق ، ويحتمل أن ابن القاسم لا يجيز في ذلك إلا أربعة ، كالشهادة على الشهادة ، وقاله سحنون ، وإذا وكلت في محاكمة عند قاض ببلد يعرفك فأردت أن تأخذ منها كتابا منه إلى قاضي البلد الذي أردته ، فإن كان القاضي يعرفك ، أو كنت مشهورا ، اكتفى بذلك وإلا كلفك البينة أنك فلان ، فإذا ثبت عنده كتب لك : أتاني فلان ابن فلان ، وقد عرفته ، أو ثبت عندك بعدلين ، وذكر أن له جارا في البصرة في موضع ، ويحدها ، وأنه وكل فلانا للخصومة فيها ، فترى في ذلك رأيك ، وتقرؤه على شاهدين ويختمه ، وتشهد ما عليه أنه كتابه وخاتمه وتخلي الشاهدين ، وهو أحسن ، ويجوز ترك ذلك ، وكان سحنون لا يقبل كتاب قاض من قضاته إلا بشاهدين ، ولا يفكه إلا بمحضرهما ، وكان يعرف خط بعض قضاته ولا يقبله لا بشاهدين ، وكان يطبع جوابه إلى القضاة ولا يشهد عليه ، ويقبل كتب أمنائه وينفذ بغير بينة ويأمرهم بإحراز كتبهم ، ويرفعها عند أعوانه ، واختلف في شاهد ويمين على كتاب القاضي في الأموال : منعه في الموازية ، وأجازه في غيرها ، قال سحنون : يجوز في كتاب القاضي رجل وامرأتان فيما تجوز فيه شهادة النساء ، قال مالك : من الأمر القديم إجازة الخواتم حتى اتهم الناس فاشترطوا الشهادة ، قال : والناس اليوم على أن من جاء من أعراض المدينة أجازوه بمعرفته طابعه وخطه وجوابه في الحقوق اليسيرة . وفي النوادر : قال ابن كنانة : إذا كتب قاض إلى قاض في عبد : أن فلانا أقام ببينة أن عبده أبق منه ، يعرفه بعينه واسمه ولغته منذ كذا ، لم يبعه ولا خرج عن ملكه ، [ ص: 101 ] وشهدت البينة عند القاضي الثاني بالكتاب ، فأنكر العبد أن يكون مولى يرق بذلك حتى يعينه الشهود الأول ، وإنما ينفع هذا في عبد حبسه الإمام لا يدعيه أحد وهو مقر بالرق ، أو أرض لا يدعيها أحد ، أو دين على رجل ، وأما ما تقدم فلا يقضي به بالصفة ، لأن الصفات تشتبه ، وأجازه ابن القاسم ، لأن الصفة يذكر فيها ما ينزل الشركة فيه ، قال سحنون : ولم يخالف ابن القاسم غير ابن كنانة ولا أعلم في الرق إلا إقامة البينة على الغائب بالذين يكفي فيها اسمه ونسبته وصفته ، ويكتب بذلك إلى قاضي بلده ، فكذلك العبد ، قال سحنون : وإذا وصل الكتاب بالعبد الموصوف فوجد في يدي أبويه وهما حران يدعيانه ، وهو معروف النسب ، ولد على فراش الأب ، وهما حران في الأصل فليكتب إلى باعث الكتاب بما ثبت عنده فيأخذ لهذا الثمن من بائعه ، وإن كان غير معروف النسب ، ولا ولد عنده ، حكم بالكتاب وسلمه ، وهو قياس قول أصحابنا ، قال محمد : وإذا ثبت للقاضي الأول العبد الغائب بالصفة كما تقدم ، حلف المستحق : ما باع ولا وهب ولا خرج عن ملكه إلى الآن ، قاله ابن القاسم وأشهب ، وقال أصبغ : فإن لم يعلم موضع عبده فسأل القاضي كتابا إلى أي قاض احتاج إليه ، كتب له : هذا كتاب من القاضي فلان الفلاني إلى من ورد عليه كتابي هذا من الحكام ، ويذكر ما ثبت عنده وثبت على القاضي الآخر بشاهدين ، وينفذه . قال ابن وهب : فإن كتب في عبد فوجد في بلد المكتوب إليه عبدان على الصفة التي في الكتاب أحدهما يدعي الحرية ، والآخر عند رجل يدعيه ، نظر المكتوب إليه في بيته ولا يشخصه معه ، فإن ثبتت حريته أعتقه وأبطل كتاب المستحق ، وإلا رفعه إليه إن لم يكن على صفته في البلد ، وإلا فلا بد ( من ) بينة على عينه لعدم تعينه ، وكذلك المستحق عليهم [ ص: 102 ] الديون ، ويكتب القاضي في الابن يثبت عنده أن فلانا سرقه وهو حر ، كما يكتب في العبيد ويكتب في الأحرار الصغار الأب والأم والجد والجدة والأخ والأخت وكل ذي رحم ، أو أجنبي احتسب في ذلك ، لأن الحرية حق لله ، وقيل : لا يكتب في الأحرار إلا الأب والأم والزوج يدعي المرأة ، ويكتب للولد في الوالدين ، قال سحنون : وهذا خطأ ، قال سحنون : ولا بد في كتاب القاضي من نسبه إلى أبيه ، وفخذه ، وما هو مشهور ، وحليته ، ومسكنه ، فإن مات المقضي عليه الغائب قبل تاريخ كتاب القاضي أو بعده ، أحضر المكتوب إليه الورثة وقرأه عليهم ومكنهم من حجتهم إذا كبروا إلا أن تتقادم موته بما لا يمكن أن يكون الطالب أدركه ، إلا أن يكون في كتاب القاضي ما يقتضي أن الدين عليه فينفذه ، وإن جاء كتاب القاضي بدار في موضع كذا معروف وليس فيه حدود ، لم ينفذ إلا أن تشهد البينة بالموضع بحدودها ، وكذلك لو حدد بحدين أو ثلاثة ، ولم ينسبوها إلى اسم مشهور جاز ، ولا ينفذ الحاكم في الغائب إذا وجد على صفته اثنان ، أو فقدت صفة مما في الكتاب ، قاله سحنون . قال ابن القاسم : إذا أخذ كتاب قاضي مصر إلى قاضي إفريقية فوجد غريمه بطرابلس لا ينظر قاضيها في ذلك إذا لم يعرف المكتوب المعدي عليه عند المكتوب إليه ، فإذا جهله لم ينفذ ذلك إلا قاضي بلده ، ولعل ببلده يميزه فيعتذر التنفيذ ، فإن أقام المكتوب له البينة أنه هو المكتوب فيه ، نفذه هذا كما يقضي له غير المكتوب إليه إن عزل أو مات ، وكتب القضاة يجوز في جميع الحقوق ، وإذا شهدت لرجل امرأة عند قاض فيما تجوز فيه شهادتها : فله أن يكتب ، فإذا كتب لم يحكم له بشهادة رجل ، أو يأتي بشاهد على أصل الحق ، ويقضي له بشاهد ويمين في الأموال ، وإذا أراد أن يزكي رجلا ببينة بمصر ، ويحمل ذلك إلى غيرها من يزكيها ، فله [ ص: 103 ] ذلك ، قال سحنون : ولها ذلك كشهادة أديتها عند من ينظر فيأمر الناس ، ولو أن هذا الناظر في أمر الناس كتب إلى قاضي بلده بمثل ذلك لم يجز ؛ لأنه لا يدري صدق ذلك من كذبه ، قال ابن القاسم : يقبل كتاب القاضي بشاهدين وإن لم يكن فيه خاتمه ، أو كان بطابع فانكسر . قال أشهب : لا يكفي في هذا كتاب القاضي حتى يشهدوا أنه أشهدهم ، وجوز عبد الملك الاقتصار على أن هذا كتاب القاضي . قال أشهب : ولو شهدوا أن هذا خاتمه ، ولم يشهدوا أن الكتاب كتابه لم ينفع ، لأن الخاتم يزور ، وإذا شهدوا على كتاب القاضي بخاتمه وخواتمهم ثبتت شهادتهم على ما في الكتاب ، فإن لم يكن لهم خواتم ، وشهدوا أنهم قرروه عليه ، وأشهدهم بما فيه ، وحفظوه أو معهم نسخ قبلت ، وكذلك لو لم يختم القاضي إذا كتبوا شهادتهم وحفظوها ومعهم نسخ كصكاك الحقوق ، قال مطرف : ولا ينفذ بشهادتهم أنه خط القاضي ، كما لا تجوز الشهادة على خط القضاة في الأحكام ، ولا على خط الشهود ، وإذا كاتبه فسأله عدالة شاهد أو غيره ، قبل كتابته بغير شهود إذا عرف خطه ، أو أتى به ثقة ، ما لم يكن فيه قضية قاطعة ، أو كتاب هو ابتدأه ، أو أتاه به الخصم ، ويقبل أيضا بالثقة من غير عدول كتاب من يكاتب في عمله في أموال الناس ، وتنفذ الأقضية لقرب المسافة ، واستدراك ما يخشى فوته ، ويجوز في كتاب القاضي الشهادة على الشهادة ، وإذا كان الكتاب مختوما غير مضمون ، فيشهد عدلان أنه إليه ، والخصم حاضر ، فليفتحه ، فإذا شهدوا على الكتاب والخاتم نفذه ، وإن لم يكن فيه اسم القاضي المرسل ، ولا اسم المرسل إليه وأسماؤهما دون أسماء الآباء ، أو نسب القاضي لهذه ، أو أخطأ في اسمه أو اسم أبيه أو نسبه إذا أشبه إلى المصر الذي هو عليه ، قال ابن القاسم : ولا يقبل الكتاب بشاهد ويمين ؛ لأنها شهادة على شهادة . قال ابن عبد الحكم : ولا يقبل على الكتاب شهود الأصل وفيه : [ ص: 104 ] أنه قد عدلهما ولكن يشهدون به ، وعن مالك : إذا أشهده على الكتاب مطبوعا ولم يقرأه ، شهد به ويقول : أعطانيه مطبوعا ، فإن دفعه إلى جماعة كذلك ، وهو في يد أحدهم ، شهد الذي هو في يده . وشهد الآخرون إن عرفوا طابعه وكتابه ، وإن ختموا عليه ودفعوه إليه فعرفوا خواتيمهم شهدوا به ، قال أصبغ : فإن لم يعرفوا خواتيمهم لا يشهدون وإن كان الذي بيده الكتاب عدلا حتى يعرف الكتاب ، وإذا عرف القاضي المكتوب إليه القاضي الكاتب بأهلية القضاء والدين والورع ، وأنه غير مخدوع قبل كتابه ، ولا يقبل كتاب غير العدل ؛ لأنه لا تجوز شهادته ، فإن كتب العدل أن بينته ثبتت عندي لا يجيزه ؛ لأنه كالشاهد ، فإن نفذه فلا يفسخه من ولي بعده ، قال أشهب : غير المأمون في حالة المتناهي في حالة لا يجيز كتابه ولا شيئا من أمور إلا ما شك فيه ، قال أصبغ : فإن لم يعرفه بعدالة ولا سخطة ، وهو من قضاة الأمصار الكبار كالمدينة نفذه ؛ لأن ظاهر الحال الأهلية ولا ينفذوه من قضاة الكور الصغار حتى يسأل العدول عن حاله ، قال سحنون : ولا يكتب قضاة الكور إلى قاضي مصر ونحوها ، بل يكتبون إلى قاضيهم الكبير ، فيكتب إلى قاضي مصر ، ولا ينفذ كتاب قضاة الكور وولاة المياه إلى قاضي بلد آخر ، وانظر قول مالك : إن ولاة المياه يضربون أجل المفقود ، فلا بد أن يكتبوا إلى العران ، ويطلب أبدا المكتوب إليه بمجرد ورود الكتاب : الخصم إن كان حاضرا أو قريب الغيبة ، ثم يسأله البينة على كتاب القاضي . فإذا قبل البينة ، فتح الكتاب بمحضر الخصم فقرأه عليه ، ثم يختمه ويكتب عليه اسم صاحبه ، فإن كان بعيد الغيبة نفذه ، فإذا قدم الغائب أعلمه وأمكنه من حجته ، ولا يكتب الأصل أيضا إلا بمحضر المكتوب عليه والإعذار إليه ، وإن ثبت أن حضره وكيل الطالب والخصم حاضر ، فتح الكتاب ، فإن أنكر المطلوب أنه فلان ابن فلان المشهود عليه ، أثبت الوكيل ذلك ، إلا أن يكون مشهورا بالاسم والكنية ، ولو كان الكتاب لرجلين حضر أحدهما مع الخصم أنفذه له ، ثم إذا [ ص: 105 ] حضر الغائب أنفذه ولا يعيد البينة ، قال سحنون : ويكتب في الكتاب اسم الشهود ، وأنسابهم ، وما يعرفون به ، وكذلك من زكوهم حتى يعرف ذلك المشهود عليه فيدفع ما يقدر عليه ، وللذي جاءه الكتاب أن يكتب بما جاءه من ذلك إلى قاض آخر ، وعن ابن القاسم : يجوز قوله في كتاب عدول : قبلت شهادتهم وإن لم يسمهم ، قال ابن كنانة : إن قدم بالكتاب وكيل الطالب فادعى المطلوب الوفاء وسأل التأخير ليحلف الطالب ، ألزم ولم يؤخر ، وحلف الوكيل أنه ما يعلم ذلك إلا في غيبة الطالب نحو اليوم ، فيكتب إليه فيحلف ، وقال ابن القاسم : لا يحلف الوكيل ولا ينظر الطالب ، قال غيره : ولا ينبغي للقاضي أن يكتب له الكتاب حتى يحلفه ، قال سحنون : لا أعلم خلافا أن موت أحدهما أو عزله ، أعني الكاتب والمكتوب إليه ، لا يضر في القضاة ، وقاله عبد الملك . ذلك كله إذا مات المكتوب إليه بعد وصول المكتوب له ، وأما إن مات قبل أن يسافر الرجل ، وقد فرق شهوده ، وقد أشهد عليه بينة مضى وإلا بطل ، وإذا وجد كتاب الخليفة عند حاكم مفتوحا ، وأشهد أنه قبله ، ثم ظهر أن الخليفة مات قبل القبول بطل كما يبطل في الرئيس للعامل تحت يديه ، وإذا قبل عامل كتابا ولم يحكم به حتى عزل أمضاه من بعده بشاهدين عليه ، وإذا كتب إلى من يعتقد خلاف مذهب الكاتب في ذلك الحد ، وكتب : حكمت به وأنفذته ، أقام ذلك الحد ، وإن كتب أنه ثبت عنده فقط لا ينفذه ، كما أن من أمر إمام عادل بإقامة حد وهو لا يعلمه أقامه ، وإن لم يعلم عدالته لا يوافقه ، وأجمعت الأمة على مكاتبة القضاة بما ثبت عندها ، وقياسا على الشهادة بجامع الضرورة ، ووافقنا الأئمة فيما تقدم من حيث الجملة ، لما في مسلم : قال الضحاك بن سفيان : ( ولاني رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ على بعض الأعراب ثم كتب إلي أن أورث امرأة أشيم - بتسكين الشين المنقوطة ، وفتح الياء بنقطتين تحتها - الضبابي - بكسر الضاد المنقوطة - من دية زوجها ، [ ص: 106 ] فورثها ) لأن الحاجة تدعو إلى ذلك ، وخالفونا في مسائل ، فعند ( ش ) وأحمد ، و ( ح ) : يكتب قاضي القرية إلى قاضي المصر ، وبالعكس ، ولا يقبل مع القرب الذي لا يقبل فيه الشهادة على الشهادة ، وجوز ( ح ) وأحمد : من قاض في أحد طرفي البلد لقاض في الطرف الآخر قياسا على المسافة البعيدة ، والفرق : الضرر والتعذر ، ولم أر لنا فيه نقلا ، وقال الأئمة : لا يكتب في الحقوق البعيدة المعينة على الصفة إذا أمكن التباسها بغيرها لأجل جهالة العين نحو الثوب المعين ، ولا يقبل كتاب القاضي عند ( ح ) وابن حنبل في الحدود والقصاص ؛ لأنها تندفع بالشبهة ؛ ولأن موجب الكتاب مطالبة الخصم وهو غير موجود ، لأن الحدود يطلب إعدامها وإخفاء أسبابها ، وترك الكتاب يفضي إلى ذلك .

                                                                                                                وجواب الأول : أن توقع الشبهة لا يمنع ، كتوقع تخريج بينة الأصل

                                                                                                                وجواب الثاني : أن الله تعالى أمر بحقوقه ، وأمره أعظم من المطالبة .

                                                                                                                وجواب الـثالث : أنها مطلوبة الإعدام قبل الثبوت أما بعده فلا ، واشترطوا البينة مثلنا دون معرفة الخط ، وإذا أخلي المكتوب من اسم المكتوب إليه ، جوزه ( ش ) دون ( ح ) ؛ لأن المعول على شهادة الشاهدين على الكتاب ، وجوز ( ش ) ترك الختم دون أبي يوسف ) لأنه _ صلى الله عليه وسلم _ كتب كتابا إلى قيصر ولم يختمه ، فقيل له _ صلى الله عليه وسلم _ : إنه لا يقرأ كتابا غير مختوم فاتخذ الخاتم ) ومنع ( ش ) و ( ح ) أن يشهدهما على الكتاب المختوم ؛ لأنه مجهول ، فلا تصح الشهادة به ، كما لو شهدا أن لفلان مالا ، ولا يقبل المكتوب إليه على الكاتب في كتابه رجلا وامرأتين عند ( ش ) خلافا لـ ( ح ) ، وعند ( ش ) : لا يكتب إلا من ليس له أهلية القضاء ، وأصولنا تقتضيه ، ويكتب الرجل إذا حكمه الخصمان كما يحكم القاضي ، [ ص: 107 ] فيكتب ، ولم أر لنا فيه نقلا ، وإذا مات القاضي الكاتب ، أو عزل ، أو بطلت أهليته قبل وصول الكتاب : قال ( ح ) : لا يقبله المكتوب إليه ؛ لأن موته قبل ثبوته عند المكتوب إليه ، كموت شاهد في الفرع قبل ثبوت شهادته عند الحاكم المكتوب إليه ، وعند ( ش ) وابن حنبل : يقبل كما لو كان حيا إن كان المكتوب إليه من قبل الكتاب ، وإلا فقولان له : لنا نحن إنه حكم ثبت فينفذ مطلقا ؛ لأنه حق ، والحق واجب اتباعه ، فإن مات المكتوب إليه ، أو بطلت أهليته ، أو عزل ، بطل الكتاب ، ووافقنا ( ش ) .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الجواهر : لو شهدت البينة بخلاف ما في الكتاب ، جاز إذا طابقت الدعوى ؛ لأنها هي المقصود .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا قال القاضي : أشهدتكما أن ما في الكتاب خطي جاز على أحد الروايتين ، أو ما في الكتاب حكمي ، أو قال المقر : أشهدتك على ما في القبالة ، وأنا عالم به ، فحفظ الشاهد القبالة وما فيه ، وشهد على إقراره ، جاز على إحدى الروايتين ؛ لأن الإقرار بالمجهول جائز .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لا بد من ظهور عدالة البينة عند المكتوب إليه ، ولا يكفي أن تدعيها لهما في ذلك الكتاب الذي إنما ثبت بشهادتهما ، ولا بد من أن يشهدوا أن هذا الكتاب كتاب فلان القاضي ، وزاد أشهب : وأنه أشهدنا عليه ، وروى ابن وهب : أنه أشهدهم بما فيه .

                                                                                                                [ ص: 108 ] فرع قال : إن قال المحكوم عليه : أنا أجرح بينة الأصل التي شهدت علي ، ويتعذر علي ذلك إلا في بلدهم ، لا يمهل بل يسلم المال ، فإن ظهر الجرح استرده .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال التونسي : اختلف في شاهد ويمين في الأموال ، منعه في الموازية وجوزه في غيرها نظرا لكونه حكما بدين أو لأن المقصود المال .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية