الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الطرف الخامس : في النسب والولاء وإراقة الحــر

                                                                                                                في الجواهر : إذا شهدا أنه أقر [ . . . ] ابنه فأقرا بالزور بعد الحكم بقرب ذلك قبل موت الأب فلا شيء عليهما قبل أن يؤخذ بشهادتهما ميراث ، فإن ورث غرما للعصبة ما أتلفا عليهم ، فإن كان المشهود بنسبه عبدا للمشهود عليه ، غرما [ . . . ] فإن مات الأب بعد ذلك ، وترك ولدا غير المستلحق [ . . . ] تركه الأب [ . . . ] الذي أخذه [ . . . ] الدين فإنه يكون للابن الأول ; لأن المستلحق كان يدعى [ . . ] المشهود فيها وأن لا شركة فيها . فإذا اقتسما ما عداها غرم الشاهدان [ . . . ] المستلحق للابن الآخر ; لأنهما [ . . . ] عليه فلو طرأ بعد ذلك على الميت [ . . . ] أخذ من [ . . . ] واحد نصفه فإن عجز عن ذلك كمل من تلك القيمة التي انفرد بها الأول ورجع الشاهدان عليه فأغرماه مثل الذي غرمه المحق للغريم ; لأنه أخذها عوضا عما أخذ المحق من تركة أبيه ، والآن فقد صرف في دين أبيه فلم يتلفا عليه شيئا بشهادتهما ، ولو لم يترك غير المستلحق ومائة أخذها قيمة من الشاهدين في قيمة المستلحق ، فالمائة الواحدة له فقط ، والمائة الأخرى للعصبة وإلا فلبيت المال ، ويغرم الشاهدان بما أديا للعصبة أو لبيت المال .

                                                                                                                فإن شهدا أنه أخو الميت فانتزع الميراث من ابن العم ، ثم شهد آخران لآخر أنه ابن الميت وانتزع من يد الآخر ، ثم رجع الجميع ، فعلى شهود الابن غرمها للأخ ، وعلى شهود الأخ غرمها لابن العم ، وعلى شهود ابن العم للموالي .

                                                                                                                [ ص: 317 ] وإن شهدا أن فلانا مولاك ، فلا شيء عليهما بالرجوع بعد الحكم إلا أن يموت ويترك مالا لا يرثه غيرك فيغرمانه لك إن كان لك منازع ، وإلا وقف ما يضمنانه حتى يثبت ما يستحقه ، ويضمنان التركة التي مات عنها ، كانت أكثر يوم الحكم أو أقل .

                                                                                                                وإن شهدا أن فلانا عبدك لم يضمنا قيمة الرقبة بالرجوع بعد الحكم ، بل يضمنان للعبد كل ما استعمله وكل خراج أداه إليك ومال انتزعه منه ليلا يتسلسل . ولو مات وهو في يده لم تأخذه ويوقف حتى يستحق ذلك مستحق يرثه بالحرية ، ولو أعتق منه العبد قبل موته عبدا جاز عتقه ، وولاؤه بعد ذلك لمن كان يرث عنه الولاء لو كان حرا ، ويرثه العبد إن مات ومعتقه حي . وإن أوصى منه العبد فهي في الثلث منه ، ويجوز رهنه وصدقته ، ويرث باقيه ورثته إن كان له من يرثه لو كان حرا ، وليس للعبد أن يتزوج منه ; لأن الزواج ينقص رقبته .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                قال المازري : لو ترك أخاه لأبيه فأخذ جميع المال ، وقدم رجل ومعه ثلاثة شهود ، شهد أحدهم أن القادم شقيق الميت ، والثاني أنه لأبيه لا يعلم غير ذلك ، والثالث أنه من أمه ، فقد حصل أنه شقيق ; لأن شاهد الشقاقة مع الأب اتفقا على الأب ، وهو مع شاهد الأم اتفقا على الأم ، فتثبت كل جهة بشاهدين فينتزع المال من الأول ، فإن رجع الثلاثة بعد الحكم واختلف مقدار ما أتلفا ، فالشاهد بأنه أخ للأم أثبت للقادم السدس ، ولو انفرد لم يقض به ، فقد شاركه من شهد بالشقاقة ، فيكون السدس عليهما نصفين ، ولا يستقل وحده ، فشاركه فيه شاهد الشقاقة بالنصف منهما بنصفين بالسواء ، فيغرم شاهد الشقاقة مثلهما . وأصلهما [ . . . ] اثنا عشر ، نصف سدسها واحد ، ونصفها ستة ، على شاهد الشقاقة منها ثلاثة ، وشاهد [ . . . ] ثلاثة ، فيكون غرم المال بينهم على ثمانية ، على شاهد الأمومة بينهم ، وعلى شاهد الشقاقة [ ص: 318 ] أربعة من اثني عشر [ . . . ] فيغرم [ . . . ] على الشاهدين بالأبوة والأمومة النصف بالسوية . ولو كان [ . . . ] المال بينهما نصفين ، وبالتقادم صار للعبد الثلث لأنه يعاد لأخيه [ . . . ] السدس ولا يدخل في أثلاثه لشاهد الأمومة ; لكون الجد يحجب الإخوة للأم ، بل يكون للآخرين نصفين . قال التونسي : أخ الأبوة أتلف من النصف ثلثه ، وشاركه فيهما شاهد الشقاقة فيكون عليهما نصفين ، ويغرم أخ الشقاقة ثلث النصف وحده ، وعلى شاهد الأمومة ثلث النصف فيكمل النصف للأخ من الثلاثة .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                في النــوادر : قال سحنون : إذا ترك عبدين وأمة ، فشهد شاهدان لرجل بأنه أخ شقيق ، فقضي بالنسب والإرث ، وشهد آخران ببنوة أحد العبدين فانتزع التركة ، ثم شهد آخران ببنوة العبد الآخر فشارك الأول . وشهد آخران أن الميت أعتق الأمة في صحته وتزوجها فأخذت الثمن من الاثنين ، فرجع شاهدا العبد الأول فيغرمان قيمته للابن الآخر وللزوجة منها ، ويأخذ ما في يده من المال الابن الثاني ; لأن المرأة قد أخذت ثمنه ، فإن رجعت بينة العبد الثاني غرمت ما تقدم ، وكذلك لو رجعا بعد رجوع الأولين ، ثم إن رجع شاهدا الأمة غرما قيمة الأمة وميراثها للولدين نصفين ، ولا يبالي بمن رجع أولا وآخرا أو مجتمعين ; لأنهم شهدوا على أشياء مختلفة ، ولو شهدوا كلهم بالنسب والعتق والنكاح ورجعوا بعد الحكم لغرموا للأخ قيمة العبدين وجميع الميراث .

                                                                                                                فـرع

                                                                                                                لو شهدا برقه ، ورجعا بعد الحكم فجرحاه ، غرما للسيد ما نقصه من قيمته ، وللمجروح أيضا إن كان خطأ لا تحمله العاقلة ، وإن كان مما تحمله العاقلة لا يلزمه بقولهما ، بل يغرمانه في أوقات وجوب الدية على العاقلة ، وله أن يقتص منهما في العمد لإقرارهما أنه حـــر .

                                                                                                                [ ص: 319 ] فـرع

                                                                                                                قال : إذا شهدا أنه ابن القتيل لا وارث له غيره ، وله أخ أو مولى معروف النسب ، والقاتل مقر بقتل عمد ، فحكم بالنسب والقتل ، ثم أقر بالزور ; لا شيء عليهما في القصاص ; لأنه ليس بمال ، وضمان الأخ التركة ، قال ابن عبد الحكم : يقتل الشاهدان ; لأنهما بشهادتهما قتل هذا القتيل ، وابن القاسم لا يرى ذلك .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية