الولاية الخامسة : القضاء . قال
ابن بشير : لانعقاد الولايات مطلقا ثلاثة شروط : العلم بشرائط الولاية في المولى ، فإن لم يعلمها إلا بعد التقليد استأنفه ، الثاني : ذكر المولي له ، كالقضاء والإمارة ، فإن جهل فسدت ، وذكر البلد ليمتاز عن غيره ، وقاله الشافعية ، وتقدم له في ولاية الوزارة أن صرائح ألفاظ الولايات مطلقا : أربعة ، وكناياتها : سبعة . ثم ها هنا بحثان في الولاية العامة الخاصة ، وهو التحكيم .
[ ص: 33 ] البحث الأول : في الولاية العامة ، قال صاحب المقدمات : يجب أن
nindex.php?page=treesubj&link=20234_15189لا يولى القضاء من طلبه ، وإن اجتمعت فيه الشروط ، مخافة أن يوكل إليه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349669إنا لا نستعمل على عملنا من أراده ) قال
اللخمي : إقامة الحكم للناس واجب ، لأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، فعلى ولي الأمر أن ينظر في أحكام المسلمين إن كان أهلا ، أو يقيم للناس من ينظر ، فإن لم يكن للموضع ولي أمر ، كان ذلك لذوي الرأي والثقة ، فمن اجتمع رأيهم عليه أنه يصلح أقاموه ، ومتى كان بالبلد عدد يصلحون فقام واحد سقط عن الباقين ، فإن لم يكن إلا واحد يصلح تعين عليه وجوبا الدخول فيه ، وقاله الأئمة ، وقالوا : يجب على ولي الأمر إجباره على ذلك ، لأنه حق الله تعالى في ضبط مصالح الملة .
فرع
قال الشافعية : يجوز انعقاد ولاية القضاء بالمكاتبة والمراسلة كالوكالة وقواعدنا تقتضيه ، قالوا : فإن كان التقليد باللفظ مشافهة فالقبول على الفور لفظا كالإيجاب ، وفي المراسلة يجوز التراخي بالقول ، وفي القبول بالشرع في النظر خلاف ، وقواعدنا تقتضي الجواز ، لأن المقصود هو الدلالة على ما في النفس .
فرع
قال الشافعية : إذا انعقدت الولاية لا يجب عند المتولي النظر حتى تشيع الولاية في عمله ليذعنوا لطاعته ، وهو شرط أيضا في وجوب الطاعة ، وقواعد الشريعة تقتضي ما قالوه ، فإن التمكن والعلم شرطان في التكليف عندنا وعند غيرنا ، فالشياع يوجب المكنة له ، والعلم لهم .
[ ص: 34 ] فرع
قال الشافعية : تجوز الولاية على شخص معين فيحكم بينهما كما تساجرا ، أو يوما واحدا في جميع الدعاوى ، وتزول ولايته بغروب الشمس ، أو في كل يوم سبت ، فإذا خرج يوم السبت لم تبطل ولايته لبقائها على أمثاله ، وقواعدنا تقتضي جميع ذلك .
تنبيه : إذا ولي قاض كتب له تقليد يؤمر فيه بتقوى الله تعالى وطاعته ، والتثبت في القضاء ، ومشاورة العلماء ، وتصفح أحوال الشهود ، وتأمل الشهادات ، وحفظ أموال الأيتام ، والقيام بأمورهم ، والنظر في الأوقاف ، وغير ذلك مما يفوض إليه ؛ ليكون ذلك دستورا يعلم به ما يقلده فيعمل عليه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349690لأن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن ، وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس - رضي الله عنهم أجمعين - حين بعثه إلى
البحرين كتابا وختمه بخاتم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وكتب
عمر _ رضي الله عنه _ إلى أهل
الكوفة : أما بعد : فإني بعثت إليكم
عمارا أميرا قاضيا ووزيرا ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقد آثرتكم به .
المبحث الثاني : في الولاية الخاصة وهي التحكيم . وفي الجواهر : جائز في الأموال وما في معناها ، فلا يقيم المحكم حدا ، ولا يلاعن ، ولا يحكم في قصاص أو طلاق أو عتق أو نسب أو ولاء لقصور ولايته وضعفها ، وهذه أمور عظيمة تحتاج إلى أهلية عظيمة إلا ولاة الأمور غالبا وآحاد الناس فأملس النظر عن
[ ص: 35 ] ذلك ، وبجواز التحكيم قال الأئمة لما في
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال
لأبي شريح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349691إن الله هو الحكم ، فلم تكنى أبا الحكم ؟ قال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم ، فرضي كلا الفريقين بحكمي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أحسن هذا ، فمن أكبر ولدك ؟ قال : شريح : قال : فأنت أبو شريح ) وعنه صلى الله عليه وسلم : (
من حكم بين اثنين تراضيا فلم يعدل بينهما فهو ملعون ) وهو دليل الجواز والإلزام ، وإلا لما لعن ، لأن لهما ترك حكمه إذا كان جورا ، وتحاكم
عمر وأبي وأبى زيد ، وحاكم
عمر أعرابيا إلى
شريح قبل أن يوليه ، وتحاكم
عثمان وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم ولم يكونوا قضاة ولا ، فقال
عمر وعثمان - رضي الله عنهما - خليفتان ، فإذا حكما أحدا صار قاضيا ، لأنا نقول : الرضا بالصورة الخاصة لا يصير بها أحد قاضيا . وقال ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل : لا ينقض حكمه ، وقال ( ح ) : إن خالف رأي قاضي البلد له نقضه ، وبالأول قال أصحابنا . لنا : الحديث المتقدم ، والقياس على قاض آخر معه في البلد ، ولأنه عقد فيندرج في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود ) وعن ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل : لا يجوز حكمه في أربعة : النكاح ، واللعان . والقصاص . والقذف ، ويجوز فيما عداها ، ومنع ( ح ) في الحدود .
تنبيه : أكثر الأصحاب يقولون : إذا حكم الرجلان رجلا ولا ينكر شرائطه ،
[ ص: 36 ] و صرح الشافعية والحنابلة بأن من شرطه صلاحيته للقضاء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب : إذا حكم الرجلان رجلا من أهل الاجتهاد ، قال
اللخمي : من شرطه أن يكون عدلا من أهل الاجتهاد أو عاميا ليسترشد العلماء ، فإن لم يسترشدهم لم يجز حكمه ، ويرد وإن وافق قول قائل ، لأن الحكم عند عدم الاسترشاد مخاطرة فترد المعاملات وإذا كان من أهل الاجتهاد ، ومالكيا ، ولم يخرج باجتهاده عن مذهب
مالك ، لزم حكمه ، وإن خرج - والخصمان مالكيان - لم يلزمهما ؛ لأنهما إنما حكماه ليحكم على مذهب
مالك ، وكذلك الشفيعان ، والحنفيان ، وهذا الكلام يقتضي أن مراده بالاجتهاد ، الاجتهاد في مذهب معين ، لا الاجتهاد على الإطلاق ، قال
ابن يونس : قال
عبد الملك ومطرف : إذا حكم أحد المتنازعين الآخر فحكم لنفسه ، أو عليهما ، جاز ومضى ما لم يكن جورا ، وليس لتحكيم خصما القاضي ، لأن الولاية العامة أشد تصونا عن أنساب الريب ، وقال
أشهب : إن حكما امرأة أو عبدا أو مسخوطا مضى ؛ لأنه حق يختص بهما قلنا التصرف فيه ، والولاية العامة حق المسلمين ، وأما الصبي والنصراني والمعتوه والمسوس ، فلا يجوز وإن أصابوا ، لتناول الحكم من غير سببه ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : الصبي ، والمرأة والمسخوط ، والكاتب ، والذمي ، وأبطل حكمهم ، ولو حكما رجلين فحكم أحدهما دون الآخر ، لم يجز ، وقاطبع إذا حكما دون البلوغ جاز حكمه إذا عقل ، وعلم فيه غلام لم يبلغ له علم بالسنة والقضاء ، وفي الجواهر : قال
أصبغ : لا أحب تحكيم خصم القاضي ، فإن وقع مضى ذلك ، ويذكر في حكمه رضاه بالتحكيم إليه ، وهذه
[ ص: 37 ] النقول كلها دائرة على مشابهة التحكيم للقضاء يشترط جميع الشروط المطلوبة في القضاء ، أو يلاحظ خصوص الولاية دون عمومها ، أو كونه مختصا بمعين .
فرع
قال
ابن يونس : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا حكم فيما ليس له من أحكام الأبدان نقض حكمه ، وينهى عن العودة ، فإن فعل ذلك ) . . . ) فقتل أو اقتص أو ضرب الحد أدبه السلطان وأمضى حكمه وبقي المحدود محدودا والملاعن ماضيا ، قال
اللخمي : أو أمكن من نفسه اضربي خدك ، أو خذ قودك ، لم يصلح إلا بالإمام ، وكذلك النفس ، وأما الجراح : فيجوز أن يقيد من نفسه إن كان نائبا عن الإمام .
فرع
قال
ابن يونس : قال
القاسم : إذا حكماه وأقاما البينة عنده ليس لأحدهما رجوع إذا أبلى ذلك صاحبه ؛ لأنه حق له وجب براحته من نظر القضاة . وللحديث المتقدم ، قاله ( ح ) وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : لكل واحد منهما الرجوع ما لم يمض الحكم كالوكالة ، وقال ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل : لا يلزمهما الحكم إلا برضاهما لئلا يكون ذلك عزلا للقضاة وافتياتا عليهم ، لأن رضاهما معتبر ابتداء فاعتبر في اللزوم قياسا لأحدهما على الآخر ، وفي الجواهر : لكل واحد الرجوع ما لم يشبا في الخصومة أو يوكل وكيلا أو يعزله ، وقال
عبد الملك : لا يرجع أحدهما . كان قبل أن يعاقد صاحبه أو بعد ما قاسمه الخصومة .
تنبيه : قال
اللخمي : إنما امتنع التحكيم في تلك الأمور ، لأن فيها حقا لغير الخصمين ، إما لله تعالى كالطلاق والعتق ، أو لآدمي وهو الولد في اللعان ، وفي
[ ص: 38 ] النسب ، والولاء حق لمن يأتي بعد ، ويحتمل أن يحكم بعد أسباب تلك الأمور ، ولو رفع ذلك لمن نصب للناس بعد الطلاق والعتق ، ورفع يد الزوج والسيد ، لأنه حق من حقوق الله تعالى ، ويحرم رضا الزوجة بالبقاء معه ، ورضا العبد بالرق ، فإن حكم بالفراق والعتق ولم ير الآخر ذلك فلا يجوز إباحة الزوجة لغير ذلك الزوج وأن لا يجري العبد على أحكام الحرية ، في الموازية : والشهادات ، قال : وأرى إذا فات ذلك بالعصبة أن يرفع الأمور إلى القاضي ، فإن كان فعل الأول حقا أمضاه ، وإلا رده ، ولا يكفي يعني الخصمين حتى يكشف .
تنبيه : قال
اللخمي :
nindex.php?page=treesubj&link=15141يشترط في تحكيم أحد الخصمين الآخر أن يكون المحكم عدلا ومن أهل الاجتهاد ، أو عاميا يسترشد العلماء ، والاشتراط ها هنا أشد ، لوقوع الخطر أكثر .
الْوِلَايَةُ الْخَامِسَةُ : الْقَضَاءُ . قَالَ
ابْنُ بَشِيرٍ : لِانْعِقَادِ الْوِلَايَاتِ مُطْلَقًا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ : الْعِلْمُ بِشَرَائِطِ الْوِلَايَةِ فِي الْمُوَلَّى ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا إِلَّا بَعْدَ التَّقْلِيدِ اسْتَأْنَفَهُ ، الثَّانِي : ذِكْرُ الْمُوَلِّي لَهُ ، كَالْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ ، فَإِنْ جَهِلَ فَسَدَتْ ، وَذِكْرُ الْبَلَدِ لِيَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ ، وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي وِلَايَةِ الْوِزَارَةِ أَنَّ صَرَائِحَ أَلْفَاظِ الْوِلَايَاتِ مُطْلَقًا : أَرْبَعَةٌ ، وَكِنَايَاتُهَا : سَبْعَةٌ . ثُمَّ هَا هُنَا بَحْثَانِ فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْخَاصَّةِ ، وَهُوَ التَّحْكِيمُ .
[ ص: 33 ] الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ : يَجِبُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=20234_15189لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ طَلَبَهُ ، وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ ، مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إِلَيْهِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349669إِنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ ) قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِقَامَةُ الْحُكْمِ لِلنَّاسِ وَاجِبٌ ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ ، فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ أَهْلًا ، أَوْ يُقِيمَ لِلنَّاسِ مَنْ يَنْظُرُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْضِعِ وَلِيُّ أَمْرٍ ، كَانَ ذَلِكَ لِذَوِي الرَّأْيِ وَالثِّقَةِ ، فَمَنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلُحُ أَقَامُوهُ ، وَمَتَى كَانَ بِالْبَلَدِ عَدَدٌ يَصْلُحُونَ فَقَامَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا وَاحِدٌ يَصْلُحُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وُجُوبًا الدُّخُولُ فِيهِ ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ ، وَقَالُوا : يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي ضَبْطِ مَصَالِحِ الْمِلَّةِ .
فَرْعٌ
قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يَجُوزُ انْعِقَادُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَالْوَكَالَةِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ ، قَالُوا : فَإِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً فَالْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا كَالْإِيجَابِ ، وَفِي الْمُرَاسَلَةِ يَجُوزُ التَّرَاخِي بِالْقَوْلِ ، وَفِي الْقَبُولِ بِالشَّرْعِ فِي النَّظَرِ خِلَافٌ ، وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ .
فَرْعٌ
قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : إِذَا انْعَقَدَتِ الْوِلَايَةُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي النَّظَرُ حَتَّى تَشِيعَ الْوِلَايَةُ فِي عَمَلِهِ لِيُذْعِنُوا لِطَاعَتِهِ ، وَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ ، وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي مَا قَالُوهُ ، فَإِنَّ التَّمَكُّنَ وَالْعِلْمَ شَرْطَانِ فِي التَّكْلِيفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا ، فَالشَّيَاعُ يُوجِبُ الْمُكْنَةَ لَهُ ، وَالْعِلْمَ لَهُمْ .
[ ص: 34 ] فَرْعٌ
قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : تَجُوزُ الْوِلَايَةُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَيَحْكُمُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَسَاجَرَا ، أَوْ يَوْمًا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى ، وَتَزُولُ وِلَايَتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ ، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ ، فَإِذَا خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِبَقَائِهَا عَلَى أَمْثَالِهِ ، وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي جَمِيعَ ذَلِكَ .
تَنْبِيهٌ : إِذَا وَلِيَ قَاضٍ كُتِبَ لَهُ تَقْلِيدٌ يُؤْمَرُ فِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ ، وَالتَّثَبُّتِ فِي الْقَضَاءِ ، وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ ، وَتَصَفُّحِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ ، وَتَأَمُّلِ الشَّهَادَاتِ ، وَحِفْظِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ ، وَالْقِيَامِ بِأُمُورِهِمْ ، وَالنَّظَرِ فِي الْأَوْقَافِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفَوَّضُ إِلَيْهِ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ دُسْتُورًا يَعْلَمُ بِهِ مَا يُقَلَّدُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349690لِأَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ، وَكَتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ nindex.php?page=showalam&ids=9لِأَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى
الْبَحْرَيْنِ كِتَابًا وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَكَتَبَ
عُمَرُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ إِلَى أَهْلِ
الْكُوفَةِ : أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ
عَمَّارًا أَمِيرًا قَاضِيًا وَوَزِيرًا ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا ، فَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ .
الْمَبْحَثُ الثَّانِي : فِي الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ التَّحْكِيمُ . وَفِي الْجَوَاهِرِ : جَائِزٌ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا ، فَلَا يُقِيمُ الْمُحَكِّمُ حَدًّا ، وَلَا يُلَاعِنُ ، وَلَا يَحْكُمُ فِي قِصَاصٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ وَضَعْفِهَا ، وَهَذِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى أَهْلِيَّةٍ عَظِيمَةٍ إِلَّا وُلَّاةُ الْأُمُورِ غَالِبًا وَآحَادُ النَّاسِ فَأَمْلَسَ النَّظَرَ عَنْ
[ ص: 35 ] ذَلِكَ ، وَبِجَوَازِ التَّحْكِيمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ
لِأَبِي شُرَيْحٍ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349691إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ ، فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ ؟ قَالَ : إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ ، فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِحُكْمِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا ، فَمَنْ أَكْبَرُ وَلَدِكَ ؟ قَالَ : شُرَيْحٌ : قَالَ : فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ) وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَلْعُونٌ ) وَهُوَ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَالْإِلْزَامِ ، وَإِلَّا لَمَا لُعِنَ ، لِأَنَّ لَهُمَا تَرْكَ حُكْمِهِ إِذَا كَانَ جَوْرًا ، وَتَحَاكَمَ
عُمَرُ وَأُبَيٌّ وَأَبَى زَيْدٌ ، وَحَاكَمَ
عُمَرُ أَعْرَابِيًّا إِلَى
شُرَيْحٍ قَبْلَ أَنْ يُوَلِّيَهُ ، وَتَحَاكَمَ
عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=67وَجُبَيْرُ بْنُ مِطْعِمٍ وَلَمْ يَكُونُوا قُضَاةً وَلَا ، فَقَالَ
عُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خَلِيفَتَانِ ، فَإِذَا حَكَّمَا أَحَدًا صَارَ قَاضِيًا ، لِأَنَّا نَقُولُ : الرِّضَا بِالصُّورَةِ الْخَاصَّةِ لَا يَصِيرُ بِهَا أَحَدٌ قَاضِيًا . وَقَالَ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ : لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ ، وَقَالَ ( ح ) : إِنْ خَالَفَ رَأْيَ قَاضِي الْبَلَدِ لَهُ نَقْضُهُ ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَصْحَابُنَا . لَنَا : الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ فَيَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وَعَنْ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنِ حَنْبَلٍ : لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي أَرْبَعَةٍ : النِّكَاحُ ، وَاللِّعَانُ . وَالْقَصَاصُ . وَالْقَذْفُ ، وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا ، وَمَنَعَ ( ح ) فِي الْحُدُودِ .
تَنْبِيهٌ : أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُونَ : إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا وَلَا يُنْكَرُ شَرَائِطُهُ ،
[ ص: 36 ] وَ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ صَلَاحِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًا لِيَسْتَرْشِدَ الْعُلَمَاءَ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْشِدْهُمْ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ ، وَيُرَدُّ وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ ، لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِرْشَادِ مُخَاطَرَةٌ فَتُرَدُّ الْمُعَامَلَاتُ وَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، وَمَالِكِيَّا ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ ، لَزِمَ حُكْمُهُ ، وَإِنْ خَرَجَ - وَالْخَصْمَانِ مَالِكِيَّانِ - لَمْ يَلْزَمْهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا حَكَّمَاهُ لِيَحْكُمَ عَلَى مَذْهَبِ
مَالِكٍ ، وَكَذَلِكَ الشَّفِيعَانِ ، وَالْحَنَفِيَّانِ ، وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاجْتِهَادِ ، الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ ، لَا الِاجْتِهَادُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ : إِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ الْآخَرَ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ ، أَوْ عَلَيْهِمَا ، جَازَ وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا ، وَلَيْسَ لِتَحْكِيمٍ خَصَمَا الْقَاضِي ، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ أَشْدُّ تَصَوُّنًا عَنْ أَنْسَابِ الرَّيْبِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِنْ حَكَّمَا امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ مَسْخُوطًا مَضَى ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَخْتَصُّ بِهِمَا قُلْنَا التَّصَرُّفُ فِيهِ ، وَالْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمُسَوَّسُ ، فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَصَابُوا ، لِتَنَاوُلِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : الصَّبِيَّ ، وَالْمَرْأَةَ وَالْمَسْخُوطَ ، وَالْكَاتِبَ ، وَالذِّمِّيَّ ، وَأَبْطَلَ حُكْمَهُمْ ، وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ فَحَكَمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ ، لَمْ يَجُزْ ، وَقَاطَبَع إِذَا حَكَمَا دُونَ الْبُلُوغِ جَازَ حُكْمُهُ إِذَا عَقِلَ ، وَعَلِمَ فِيهِ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ لَهُ عِلْمٌ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : قَالَ
أَصْبَغُ : لَا أُحِبُّ تَحْكِيمَ خَصْمِ الْقَاضِي ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى ذَلِكَ ، وَيُذْكَرُ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحْكِيمِ إِلَيْهِ ، وَهَذِهِ
[ ص: 37 ] النُّقُولُ كُلُّهَا دَائِرَةٌ عَلَى مُشَابَهَةِ التَّحْكِيمِ لِلْقَضَاءِ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْقَضَاءِ ، أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ الْوِلَايَةِ دُونَ عُمُومِهَا ، أَوْ كَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِمُعَيَّنٍ .
فَرْعٌ
قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : إِذَا حَكَمَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ نُقِضَ حُكْمُهُ ، وَيُنْهَى عَنِ الْعَوْدَةِ ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ) . . . ) فَقَتَلَ أَوِ اقْتَصَّ أَوْ ضَرَبَ الْحَدَّ أَدَّبَهُ السُّلْطَانُ وَأَمْضَى حُكْمَهُ وَبَقِيَ الْمَحْدُودُ مَحْدُودًا وَالْمُلَاعِنُ مَاضِيًا ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : أَوْ أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ اضْرِبِي خَدَّكِ ، أَوْ خُذْ قَوَدَكَ ، لَمْ يَصْلُحْ إِلَّا بِالْإِمَامِ ، وَكَذَلِكَ النَّفْسُ ، وَأَمَّا الْجِرَاحُ : فَيَجُوزُ أَنْ يُقَيِّدَ مِنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ نَائِبًا عَنِ الْإِمَامِ .
فَرْعٌ
قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
الْقَاسِمُ : إِذَا حَكَّمَاهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ إِذَا أَبْلَى ذَلِكَ صَاحِبَهُ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَجَبَ بِرَاحَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْقُضَاةِ . وَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ، قَالَهُ ( ح ) وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٍ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَمْضِ الْحُكْمُ كَالْوَكَالَةِ ، وَقَالَ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ : لَا يَلْزَمُهُمَا الْحُكْمُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ عَزْلًا لِلْقُضَاةِ وَافْتِيَاتًا عَلَيْهِمْ ، لِأَنَّ رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ ابْتِدَاءً فَاعْتُبِرَ فِي اللُّزُومِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : لِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَشِبَّا فِي الْخُصُومَةِ أَوْ يُوكِلْ وَكِيلًا أَوْ يَعْزِلْهُ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا . كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعَاقِدَ صَاحِبَهُ أَوْ بَعْدَ مَا قَاسَمَهُ الْخُصُومَةَ .
تَنْبِيهٌ : قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِنَّمَا امْتَنَعَ التَّحْكِيمُ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ ، لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ ، إِمَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ، أَوْ لِآدَمِيٍّ وَهُوَ الْوَلَدُ فِي اللِّعَانِ ، وَفِي
[ ص: 38 ] النَّسَبِ ، وَالْوَلَاءِ حَقٌّ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأُمُورِ ، وَلَوْ رُفِعَ ذَلِكَ لِمَنْ نُصِبَ لِلنَّاسِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ، وَرَفْعِ يَدِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ ، لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَحْرُمُ رِضَا الزَّوْجَةِ بِالْبَقَاءِ مَعَهُ ، وَرِضَا الْعَبْدِ بِالرِّقِّ ، فَإِنْ حَكَمَ بِالْفِرَاقِ وَالْعِتْقِ وَلَمْ يَرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إِبَاحَةُ الزَّوْجَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الزَّوْجِ وَأَنْ لَا يَجْرِيَ الْعَبْدُ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ ، فِي الْمَوَّازِيَّةِ : وَالشَّهَادَاتِ ، قَالَ : وَأَرَى إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَصَبَةِ أَنْ يَرْفَعَ الْأُمُورَ إِلَى الْقَاضِي ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْأَوَّلِ حَقًّا أَمْضَاهُ ، وَإِلَّا رَدَّهُ ، وَلَا يَكْفِي يَعْنِي الْخَصْمَيْنِ حَتَّى يُكْشَفَ .
تَنْبِيهٌ : قَالَ
اللَّخْمِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=15141يُشْتَرَطُ فِي تَحْكِيمِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْآخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ عَدْلًا وَمِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، أَوْ عَامِّيًّا يَسْتَرْشِدُ الْعُلَمَاءَ ، وَالِاشْتِرَاطُ هَا هُنَا أَشَدُّ ، لِوُقُوعِ الْخَطَرِ أَكْثَرَ .