الأدب الرابع عشر : ، قال التزام سد ذريعة الخيانة والمهانة ابن يونس : لا يقبل هدية ، ولا ممن يهاديه قبل ذلك ، ولا قريب ولا صديق ، وإن كافأ بأضعافها ، إلا من الوالد والولد ونحوهما من خاصة القرابة التي تجمع من الحرمة أكثر من ، قال حرمة الهدية : ومثل الخالة والعمة وبنت الأخ ، ) سحنون بني أسد على الصدقة فلما قدم قال : هذا لكم وهذا لي أهدي إلي ، فقام النبي _ صلى الله عليه وسلم _ على المنبر فقال : ( ما بال العامل نبعثه على بعض أعمالنا فيقول : هذا لكم وهذا أهدي إلي ، ألا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا ، والذي نفسي بيده ، لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته ) حديث صحيح ؛ ولأنها ذريعة الرشى في الأحكام ، فيندرج الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ، وقال لأن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ استعمل رجلا من : لا يقبل ممن يخاصم ويقبلها من إخوانه ، قال ابن عبد الحكم ابن حبيب : لم يختلف العلماء في كراهتها إلى السلطان والقضاة والعمال وجباة الأموال ، وقبوله _ صلى الله عليه وسلم _ الهدية من خواصه ، قال ابن حبيب : وللإمام أخذ ما أفاد العمال ، كما فعله _ صلى الله عليه وسلم _ ، وكان عمر _ رضي الله عنه _ إذا [ ص: 81 ] ولى أحدا أحصى ماله لينظر ما يزيد فيأخذه منه ، وكذلك شاطر العمال لما لم يستطع تمييز الزائد ، وشاطر ، أبا هريرة ، لما احتضر معاوية _ رضي الله عنه _ أمر أن يدخل شطر ماله في بيت المال استنانا بفعل وأبا موسى الأشعري عمر بعماله .
تمهيد : الزائد قد يكون من التجارة أو الزراعة لا من الهدية ولا تظن الهدايا وغيره من الصحابة إلا مما لا يقتضي أخذا ، ومع ذلك فالتشطير حسن ، لأن التجارة لا بد أن ينميها جاه العمل فيصير جاه المسلمين ، كالعامل والقاضي أو غيره رب المال فأعطي العامل نصف المال عدلا بين الفريقين ، وكذلك لما انتفع بأبي هريرة عبد الله وعبيد الله ) ابنا ) بالمال الذي أخذاه من عمر بن الخطاب الكوفة سلفا في القصة المشهورة ، قال _ رضي الله عنه _ : اجعله قراضا يا أمير المؤمنين ، فجعله قراضا ، ولولا هذه القاعدة كيف يصير القرض قراضا فتأمل ذلك ، قال عبد الرحمن بن عوف ابن يونس : ولا بأس للقاضي ، ويسلم على أهل المجلس ويسلم على من يسلم عليه ، لا ينبغي له إلا ذلك ، لأنها قربات من أموال الناس ، فالقربات ، وقال بحضور الجنائز ، وعيادة المرضى عبد الملك ومطرف : لا ينبغي له أن يجيب الدعوة ؛ لأنها مظنة أكل الطعام إلا في الوليمة للحديث فيها ، ثم إن شاء أكل أو شرب ، وقال أشهب : يجيب الدعوة العامة وليمة أو صنيعا عاما لفرح ، ولا يجب لغير الفرح ، لأن العموم لعله من أجل القاضي لا لسرور ، قال : والتنزه عن الدعوة العامة أحسن ، وقد كره سحنون مالك لأهل الفضل أن يجيبوا كل من دعاهم .
سؤال : قال _ صلى الله عليه وسلم _ : ( ) واختلف هل المراد كراع [ ص: 82 ] الشاة أو اسم مكان ، وعلى التقدير تكون لو دعيت إلى كراع لأجبت حسنة مطلقا للقاضي وأهل الفضل ; اقتداء به _ صلى الله عليه وسلم _ . بل ينبغي النهي عن غير ذلك . إجابة الداعي
جوابه : إن عظم منصبه _ صلى الله عليه وسلم _ أوجب الفرق ، فكان الناس يجيبون ، فإن من أجابه _ صلى الله عليه وسلم _ فقد حصل له خير الدنيا والآخرة ، فالمنة لرسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ على الداعي جزما ، والأمر فينا بالعكس ، إنما ندعى لتكون المنة علينا ، وذلك هوان بنا وعز به _ صلى الله عليه وسلم _ فحصل الفرق ، وفي النوادر : قال عبد الملك ومطرف : لا يشتغل القاضي بالأحاديث في مجلسه إلا أن يريد إجمام نفسه . قالا : وإذا جلس أحد عنده ، وقال : جلست لأفتدي بك ، وأتعلم من أقضيتك : فليقمه ، والجلوس عند القضاة من حيل المشاكلين للناس ، إلا أن يكون معروفا مأمونا فيدعه ، قال أصبغ : لا يقعد عنده إلا الثقة البارز الذي فيه نفع ، ولا يشغل في مجلس قضائه بالبيع والابتياع لنفسه أو لغيره على وجه العناية به إلا ما خف ، قال : وتركه أفضل قال سحنون أشهب : فما باع جاز بيعه لا يرد منه شيء ، قال : وبأس بذلك في غير مجلس القضاء لنفسه ولغيره . وكتب سحنون : تجارة الولاة لهم مفسدة ، وللرعية مهلكة ، قال عمر بن عبد العزيز أشهب : أما بيع التركات في مجلس قضائه ، أو مال غائب أو صغير ، فذلك جائز ، قال عبد الملك : لا ينبغي إكثار الدخول عليه ، ولا الركوب معه ، إلا لأهل الأمانة والنصيحة والفضل ، قال أشهب : لا يقبل الهدية من خصم وإن كان خاصا أو قياسا له ، وإن كافأه ، ولا من غير خصم ، إلا أن يكافئه بمثلها ، وإن كان يهاديه قبل ذلك ، قال : له التسلف من إخوانه الذين يعرف له السلف منهم ، ويستعين بإخوانه في حوائجه ، قال ابن عبد الحكم عبد الملك : لا ينبغي له التضاحك مع الناس ، وتكون فيه عبوسة بغير غضب ، ويلزم التواضع من غير وهن لا ترك حق ، وإن أمكنه الغناء عن الأعوان كما كان الخلفاء فهو أفضل ، فإن احتاج فليخفف ما [ ص: 83 ] استطاع ، ويمنع من رفع الصوت عنده لئلا يدهش ، ويتنزه عن العواري والمقارضة ، قال : لا بأس أن يطالع ضيعته اليومين والثلاثة . ابن عبد الحكم
وفي الجواهر : لا يشتري بنفسه ولا بوكيل معروف لئلا يسامح ، ولا يوكل إلا من يأمنه على دينه لئلا يسترخص له بسبب الحكم ، ولا يدري الناس منزلة لأحد عنده لئلا يؤتى من قبله ، ولا يدعو أحدا في عدالة ولا شهادة ، ويكفي القاضي من المعرفة منح الرجل صحبه من غير حاجة ، لأنه يخادع الناس بالمنزلة عند القاضي كثرة الناس في الركوب معه ، تعظم عليه نفسه ، وتعظم عليه خلقه ، ووافقنا الأئمة على تحريم الرشوة ; لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( ) وقال لعن الله الراشي والمرتشي على الحكم أبو حامد الإسفرايني والبكري من الشافعية : إذا كان لا يأخذ رزقا من بيت المال ، وقال : لا أقضي بينكما إلا بعوض وأجراه مجرى الهدية ، : الأخذ للحكم بغير الحق أو لإيقاف الحكم ، فهذا هو الحرام عندهم وعند ( ش ) : تحرم الهدية من غير من عادته أن يهدي إليه قبل الولاية ، وممن عادته ، إن كانت له حكومة أو يستشعرها له ، أو أهدى له أعلى مما عادته أن يهديه والإجارة مع الكراهة ، وكذلك إذا أهدى إليه في غير عمله ، واختلف الشافعية إذا أخذ المحرمة هل يردها لربها أو لبيت المال ؛ لأن المهدي أهدى إليه لمكان ولايته ، وهو منتصب لمصلحة المسلمين فكأنه أهداها للمسلمين فتصرف في مصالحهم ، وجوزوا وحقيقة الرشوة مطلقا من غير كراهة ، وكرهوا حضوره الولائم ، وأن يكون وكيله معروفا ، ولهم في الفتيا في أحكام الخصومات قولان . ووافق تولي البيع والشراء بنفسه ( ش ) في الهدية وأقسامها والولائم والبيع ، وعند ( ح ) : متى قبل الرشوة انعزل ، ولا ينفذ قضاؤه بعد ذلك ، حتى يتوب ، فإذا تاب فلا يحتاج إلى استئناف تولية ، لأن الفسق يبطل حكمه كالشهادة بل أولى ; [ ص: 84 ] لأن حكم القاضي ينفذ على الغير ، والشاهد لا ينفذ قوله على الغير ، ويعود لغير ولاية لزوال المعارض فيعمل السبب السابق ، وفصل في الهدية مثل ( ش ) . ابن حنبل