المسألة الخامسة : لا تقبل شهادة العبد  ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ، وقبلها   ابن حنبل  إلا في الحدود . لنا : قوله تعالى : ( هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقنـاكم    )   [ ص: 227 ] ومنه الشهادة ، وقوله تعالى : ( ذوي عدل منكم    ) أي من أحراركم ، وإلا لم يبق لقوله : منكم فائدة ، قياسا على التوريث بجامع أنه أمر لا يتبعض احترازا من الحدود وغيرها إلى تبعيض ، ولأنه مملوك فلا يتأهل للشهادة كالبهائم ، أو لأنه مولى عليه كالصبي ، لقوله تعالى : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا    ) ، والنهي لا يكون إلا عن ممكن ، والعبد لا يتمكن من الإجابة لحق سيده ، ولا يستثنى كالصلاة وغيرها بجامع المفروضية ; لأن ذلك خاص بما أوجبه الله تعالى بخلاف ما يوجبه هو أو غيره على نفسه . احتجـوا : بقوله تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم    ) وهو من العدول ، وقوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم    ) ، والعبد يتصور منه ذلك ، وقياسا على رؤيته ، وفرقوا بين المال وبين الحدود والقصاص : بأن هذه أمور تدرأ بالشبهات ، فالخلا في شهادة العبد شبهة تمنعها بخلاف المال . 
والجــواب عن الأول : أنه إنما يتناول من يشهد بغير حاجة إلى إذن غيره . 
وعن الثانــي : أن العدل المرضي ، هو المعتدل في ديانته ومروءته ، ومروءة العبد تختل بالإهانة بشهادة العادلة . 
وعن الثالث : لذي التقوى لا يوجب قبول الشهادة ; لأن المغفل متق لا تقبل شهادته مع أن هذه عمومات أدلتنا تخصصها . 
وعن الـرابع : أن الرواية أخف رتبة بدليل أن الأمة الواحدة تقبل في الخبر   [ ص: 228 ] الشهادة ، ولأن الشهادة تقع غالبا على معين ، وهي سلطانة تقتضي الكمال والعبد ناقص ، والرواية ليست على معين ، فلا سلطانة . 
وعــن الخامس : أن ثبوت الرق لا يوجب القبول في المال كالمغفل . 
فـرع مرتب 
في النوادر : إذا ظن أنه حر فحكم به فلم يعلم به حتى عتق ، ثم يقوم به الآن فيشهد ، ولو قال الخصم : شاهدي فلان العبد ، فقال القاضي : لا أقبله فعتق ، ثبتت شهادته ; لأن كلام القاضي فتيا ، وقال   ابن سحنون     : إذا أشهد العبد أو الصبي أو النصراني على شهادتهم عدولا ، ثم انتقلت أحوالهم إلى حال جواز شهادتهم قبل أن ينقل عنهم ، لا يقبل النقل عنهم لأن شهادتهم في وقت لا تقبل منهم بخلاف إن شهدوا في الحال الثاني بما علموه في الحال الأول ، وهذا قياس قول  مالك  وأصحابه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					