[ ص: 240 ] الـــباب السابـــع
فــي
nindex.php?page=treesubj&link=16032_16001اشتراط العدد والذكورة
قاعدة : الشهادات لما كانت أخبارا عن ثبوت الحكم على معين ، وهو مظنة العداوة بينه وبين الشاهد ولو على وجه يخفي إسقاطها صاحب الشهادة [ . . . ] بينه وبينهما بخلاف الرواية وهي إخبار عن ثبوت الحكم [ . . . ] يتهم أحدا في معاداة الخلق إلى قيام الساعة فاكتفى بعداوة الشخص ، وأما [ . . . ] الأحكام البدنية عن علمه ، ومن ذلك الترجمة لقول الخصم ، يجوز
عبد الملك الواحد العدل والمرأة الواحدة إذا كان مما تقبل فيه شهادة النساء ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ترجمة النساء ، والعبد الواحد ، وقال
عبد الملك : يقبل الطبيب الواحد في عيوب الرقيق وإن كان غير مسلم ; لأنه علم يؤخذ عمن هو عنده ، مرضي أو غير مرضي ما كان العبد حاضرا ، فإن غاب أو مات انتقل إلى باب الشهادة عند
عبد الملك فلا بد من رجلين ، فإن كان مما لا يطلع عليه الرجال : قبل فيه قول امرأة ، فإن غابت الأمة أو فاتت : لم تقبل فيه إلا امرأتان . قال صاحب البيــان : قال
مالك وابن القاسم : لا بد في القافة من العدالة ، واشترط
ابن القاسم مع أنه يكتفي بالواحد استحسانا ; لأن القائف عنده علم يخبر به ، فهو كالطبيب يقبل قوله وإن كان كافرا ، وعن
مالك : يقبل القائف الواحد .
فـرع مرتـب
في البيــان : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا استودع صبية مملوكة فمات الذي هي عنده ،
[ ص: 241 ] فشهدت البينة أنه أقر بصبية وديعة لك ، وعنده ثلاث صبايا ، ولم تعين البينة المقر بها : قال : بطلت الشهادة لعدم التعيين ولم يحكم فيها بالقافة كما حكم فيما إذا وضعت امرأتك مع حوامل واختلط الصبيان ، فقيل : اختلاف من قوله ، وقيل : الفرق ، وهو الأظهر أن الثانية نسب ، فدخلت القافة ، والأولى مال ،
nindex.php?page=treesubj&link=16339والقافة لا تدخل في الأموال ; لأنك لو ادعيت ولد أمة فقال : زوجتنيها فولدت هذا الولد مني ، وادعيت أنه ولد من زنى ، لم يحكم به لمدعيه بالقافة .
تنبيه : وافقنا على الحكم بالقافة ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال ( ح ) : الحكم باطل ، قال
ابن القصار : إنما يجيزه
مالك في ولد الأمة يطؤها رجلان في طهر ، وأتت بولد يشبه أن يكون منهما ، والمشهور : عدم قبوله ، وأجازه ( ش ) فيهما لقول
عائشة - رضي الله عنها - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349755دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبرق أسارير وجهه فقال : ألم تر أن مجززا المدلجي نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة قد غطيا رءؤسهما وبدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ) وسبب ذلك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان تبنى
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، وكان أبيض وابنه
أسامة أسود ، فكان المشركون يطعنون في نسبه ، فشق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكانهما منه ، فلما قال
محزز ذلك سر به - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يدل من وجهين : أحدهما : أنه لو كان من الحدس الباطل شرعا لما سر - صلى الله عليه وسلم - به ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يسر بالباطل ، وثانيهما : أن إقراره - صلى الله عليه وسلم - من جملة الأدلة على مشروعية ما أقر عليه ، وقد أقر
مجززا على ذلك فيكون حقا مشروعا ، لا يقال : النزاع إنما هو في إلحاق الولد ، وهذا كان ملحقا بأبيه بالفراش ، فما تعين محل النزاع ، وأيضا سروره - صلى الله عليه وسلم - لتكذيب المنافقين ; لأنهم كانوا يعتقدون صحة القيافة . فتكذيب المنافق سار بأي سبب كان ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349756إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل [ ص: 242 ] الفاجر ) فقد يفضي الباطل للحسن والمصلحة ، وأما عدم إنكاره - صلى الله عليه وسلم - : فلأن
مجززا لم يتعين أنه أخبر بذلك لأجل القيافة ، فلعله أخبر به بناء على الفراش ; لأنه يكون برقهما ، قال
أصبغ : لو أعتقت عبدين ، مرادنا هاهنا ليس أنه ثبت النسب
بمجزز ، إنما مقصودنا : أن الشبه الخاص [ . . . ] ، وأما سروره - صلى الله عليه وسلم - لتكذيب المنافقين : فكيف يستقيم السرور مع [ . . . ] عند التكذيب ، كما لو أخبر عن كذبهم رجل كذاب ، وإنما يثبت كذبهم إذا كان المستند حقا ، فيكون الشبه حقا وهو المطلوب ، وبهذا التقرير يندفع قولكم : إن الباطل قد يأتي بالحسن فإنه على هذا التقرير ما أتى بشيء ، وأما قولكم : أخبر به لرؤية سابقة لأجل الفراش ، فالناس كلهم يشاركونه في ذلك ، فأي فائدة باختصاص السرور بقوله لولا لأنه حكم بشيء غير الذي كان طعن المشركين ثابتا معه ، ولا كان لذكر الأقدام فائدة ، وحديث
العجلاني قال فيه - صلى الله عليه وسلم - بعد التلاعن : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349757إن جاءت به على نعت كذا وكذا فما أراه إلا قد كذب عليها ، وإن أتت به على نعت كذا فهو لشريك ، فلما أتت به على النعت المكروه : قال - صلى الله عليه وسلم - : لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ) ، فصرح - صلى الله عليه وسلم - بأن وجود صفات أحدهما في الآخر يدل على أنهما نسب واحد ، ولا يقال : إن إخباره - صلى الله عليه وسلم - كان من جهة الوحي ; لأن القيافة ليست في
بني هاشم ، إنما هي في
بني مدلج ، ولا قال أحد : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان قائفا ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم به
لشريك ، وأنتم توجبون
nindex.php?page=treesubj&link=16339الحكم بالشبه ، وأيضا : لم يحد المرأة ، فدل ذلك على عدم اعتبار الشبه ; لأنا نقول : إن جاء الوحي فإن الولد لم يشبهه ، فهو
[ ص: 243 ] مؤسس لما يقوله ، وصار الحكم بالشبه أولى من الحكم بالقرائن ; لأن الفراش يدل من جهة ظاهر الحال ، والشبه يدل على الحقيقة ، وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يعط علم القيافة فممنوع ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطي علوم الأولين والآخرين ، سلمناه ، لكنه أخبر عن ضابط القيافين : أن الشبه متى كان كذا فهم يحكمون بكذا ، لا أنه ادعى علم القيافة كما يقول الإنسان : الأطباء يداوون المحمومين بكذا وإن لم يكن طبيبا ، ولم يحكم بالولد
لشريك ; لأنه زان ، وإنما يحكم بالولد في وطء الشبهة أو بملك ، كما إذا وطئها البائع والمشتري في طهر ، وأما عدم الحد : فلأن المرأة قد تكون من جهتها شبهة أو مكرهة ، أو لأن التعين يسقط الحد ; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات ) الآية ؛ أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحكم بعلمه . ولنا أيضا : أن رجلين تنازعا مولودا فاختصما
لعمر - رضي الله عنه - ، فاستدعى له القافة فألحقوه بهما ، فعلاهما بالدرة ، واستدعى حرائر من
قريش فقلن : خلق من ماء الأول ، وحاضت على الحمل ، فاستحشف الحمل ، فلما وطئها الثاني انتعش بمائه فأخذ شبها بهما ، فقال
عمر : الله أكبر ، وألحق الولد بالأول ، ولأنه علم عند القافة من باب الاجتهاد فيعتمد عليه كالتقويم في المتلفات ، وتقدير نفقات الزوجات ، وخرص الثمار في الزكاة ، وتحديد جهة
الكعبة في الصلوات ، وجزاء الصيد . فكل ذلك تخمين وتقريب ، ولما قال ( ح ) : الشبه غير معتبر ، قال : يلحق الولد بجميع المنازعين خلافا لنا ولـ ( ش ) . ويدل لنا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) أي : كل واحد من ذكر وأنثى ، ولأنه العادة ، وقوله
[ ص: 244 ] تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وورثه أبواه ) يقتضي جميع ذلك أن لا يكون له آباء ، وقوله تعــالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك ) . احتجوا : بما في الصحاح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349758أن رجلا حضر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وادعى أن امرأته ولدت ولدا أسود ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل في إبلك من أورق ؟ فقال : نعم ، فقال : وما ألوانها ؟ فقال : سود ، ثم قال له : فما السبب في ذلك ؟ فقال : لعل عرقا نزع به ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلعل عرقا نزع ) فلم يعتبر حكم الشبه ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349660الولد للفراش ) ولم يفرق ، ولأن خلق الولد مغيب عنا ، فجاز أن يخلق من رجلين ، وقد نص عليه
سقراط في كتاب [ . . . ] الحمل على الحمل ، ولأن الشبه لو كان معتبرا لبطلت مشروعية اللعان واكتفى به ولا
زيدا حكم له مع الفراش فلا يكون معتبرا عند عدمه كغيره ، ولأن القيافة لو كان علما لأمكن اكتسابه كسائر العلوم والصنائع .
والجــواب عن الأول : أن تلك الصورة ليست صورة نزاع ; لأنه كان صاحب فراش ، إنما سأله عن اختلاف اللون ، فعرفه رسول الله - صلى الله عليه وسلـم - السبب .
وعــن الثانــي : أنه محمول على العادة في أن
nindex.php?page=treesubj&link=14343الولد لفراش واحد .
وعـــن الثالث : أنه خلاف العادة ، وظواهر النصوص المتقدمة تأباه .
وعــــن الرابع : أن الحكم ليس مضافا إلى شاهد من شبه الإنسان يجمع من الناس ، إنما يضاف لخاصية أخرى يعرفها أهل القافة .
[ ص: 245 ] وعن الخامس : أن
nindex.php?page=treesubj&link=16339القيافة إنما تكون حيث يستوي الفراشان ، واللعان يكون لما شاهده الزوج ، فهما بابان متباينان ، لا يسد أحدهما مسد الآخر .
وعن السادس : الفرق : أن وجود الفراش وحده سالم عن المعارض يقتضي استقلاله ، بخلاف تعارض الفراشين .
وعن السابع : أنه قوة في النفس ، وقوى النفس وخواصها لا يمكن اكتسابها ، وأما عن قول ( ش ) : إن الأمة يصح أن يملكها جماعة ملكا صحيحا في وقت واحد ، ويطأها جميعهم بالشبهة فقد استووا ، فاحتاجوا إلى المرجح ، والنكاح لا يثبت على امرأة لاثنين في وقت ، ولأن ولد الزوجة لا يسقط نسبه إلا باللعان ، فهو أقوى ، فلا تندفع بالقافة بخلاف الملك لا يشرع فيه اللعان .
احتجــوا : بأن
عمر - رضي الله عنه - أجاز
nindex.php?page=treesubj&link=16339القافة في ولد الزوجات ، ولأن الشبه مرجح ، فإذا تعادلت الأسباب رجح به .
والجواب عن الأول : أنه إنما فعل ذلك في أولاد الحرائر من الزنا في الجاهلية .
وعن الثانــي : أنه لا بد أن يكون أحدهما أقوى بخلاف الملك .
قاعــدة : قول العلماء : منشأ الخلاف في اشتراط العدد ، هل هو من باب الشهادة أو من باب الرواية ؟ في غاية الإشكال في الخفي ، وطلبته نحو ثمانية سنين فلم أجده إلا بعد ذلك ، وجدت
المازري بينه في شرح البرهان ، ووجه الإشكال : أن قولنا : هل هذا من ذلك الباب أو من هذا الباب ، فـرع تصور حقيقة كل واحد منهما وضابطه ، كما أن قولنا : العبد ، متردد بين المالية والآدمية ، فـرع تصورهما ، فما ضابطهما ؟ وبعضهم يجيب بأن الشهادة التي فيها العدد ، والحرية لا تفتقر لذلك ، وهو باطل ; لأن اشتراط العدد
[ ص: 246 ] والذكورية فـرع كونهما شهادة أو رواية ، فتعريفهما بذلك دور ، والذي قاله
المازري - رحمه الله - أن متعلق الخبر إن كان خاصا مطلقا فهو شهادة اتفاقا ، كإثبات الحكم على زيد لعمرو ، أو عاما مطلقا فهي رواية إجماعا ، نحو : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348440الأعمال بالنيات ) فإنه يشمل الأمصار والأعصار إلى يوم القيامة ، وتقع صورة عامة من وجه ، خاصة من وجه يختلف فيها وجود الشائبتين ، فمن غلب إحداهما ألحق تلك الصورة بباب تلك الشائبة ، كالشهادة على هلال رمضان ; لأنه لا يتعدى تلك السنة ، عام لأنه يشمل جملة الإقليم ، وكالقائف ، والمقدم ، والترجمان ، ونحوهم من جهة أن الحاكم نصبهم للناس ، جهة عموم لا يخص النصب أحدا دون أحد ، ومن جهة أن قضاءهم إنما يقع على معين هو جهة خصوص ، فصار العموم هو ضابط الخبر ، والخصوص ضابط الشهادة ، وحينئذ يتجه
nindex.php?page=treesubj&link=16032_16152اشتراط العدد لتوقع التهمة بالعداوة بين العدل وبين ذلك الخاص ، فاستظهر بآخر معه ومع العبد لتوقع منه الأنفقة لنفاستها ، والنسا غير موثوق بحفظهن لضعف عقلهن ، وإليه الإشارة بقوله تعالى (
أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) .
[ ص: 240 ] الْـــبَابُ السَّابِـــعُ
فِــي
nindex.php?page=treesubj&link=16032_16001اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ
قَاعِدَةٌ : الشَّهَادَاتُ لَمَّا كَانَتْ أَخْبَارًا عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ عَلَى مُعَيَّنٍ ، وَهُوَ مَظَنَّةُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ وَلَوْ عَلَى وَجْهٍ يُخْفِي إِسْقَاطَهَا صَاحِبُ الشَّهَادَةِ [ . . . ] بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ [ . . . ] يَتَّهِمُ أَحَدًا فِي مُعَادَاةِ الْخَلْقِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَاكْتَفَى بِعَدَاوَةِ الشَّخْصِ ، وَأَمَّا [ . . . ] الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ عَنْ عِلْمِهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ التَّرْجَمَةُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ ، يُجَوِّزُ
عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ تَرْجَمَةَ النِّسَاءِ ، وَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : يُقْبَلُ الطَّبِيبُ الْوَاحِدُ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ ; لِأَنَّهُ عِلْمٌ يُؤْخَذُ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ ، مَرْضِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَرْضِيٍّ مَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا ، فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ انْتَقَلَ إِلَى بَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ
عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ : قُبِلَ فِيهِ قَوْلُ امْرَأَةٍ ، فَإِنْ غَابَتِ الْأَمَةُ أَوْ فَاتَتْ : لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ إِلَّا امْرَأَتَانِ . قَالَ صَاحِبُ الْبَيَــانِ : قَالَ
مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ : لَا بُدَّ فِي الْقَافَةِ مِنَ الْعَدَالَةِ ، وَاشْتَرَطَ
ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ اسْتِحْسَانًا ; لِأَنَّ الْقَائِفَ عِنْدَهُ عِلْمٌ يُخْبَرُ بِهِ ، فَهُوَ كَالطَّبِيبِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا ، وَعَنْ
مَالِكٍ : يُقْبَلُ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ .
فَـرْعٌ مُرَتَّـبٌ
فِي الْبَيَــانِ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : إِذَا اسْتَوْدَعَ صَبِيَّةً مَمْلُوكَةً فَمَاتَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ ،
[ ص: 241 ] فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِصَبِيَّةٍ وَدِيعَةً لَكَ ، وَعِنْدَهُ ثَلَاثُ صَبَايَا ، وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ الْمُقَرَّ بِهَا : قَالَ : بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا حُكِمَ فِيمَا إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُكَ مَعَ حَوَامِلَ وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ ، فَقِيلَ : اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ ، وَقِيلَ : الْفَرْقُ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ نَسَبٌ ، فَدَخَلَتِ الْقَافَةُ ، وَالْأُولَى مَالٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=16339وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ ; لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ وَلَدَ أَمَةٍ فَقَالَ : زَوَّجَتْنِيهَا فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي ، وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ زِنًى ، لَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِمُدَّعِيهِ بِالْقَافَةِ .
تَنْبِيهٌ : وَافَقْنَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنَ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ ( ح ) : الْحُكْمُ بَاطِلٌ ، قَالَ
ابْنُ الْقَصَّارِ : إِنَّمَا يُجِيزُهُ
مَالِكٌ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ يَطَؤُهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا ، وَالْمَشْهُورُ : عَدَمُ قَبُولِهِ ، وَأَجَازَهُ ( ش ) فِيهِمَا لِقَوْلِ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349755دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ : أَلَمْ تَرَ أنَّ مُجَزَّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ وَزَيْدٍ عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُؤسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) وَسَبَبُ ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ تَبَنَّى
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، وَكَانَ أَبْيَضَ وَابْنُهُ
أُسَامَةُ أَسْوَدَ ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَكَانِهِمَا مِنْهُ ، فَلَمَّا قَالَ
مُحَزَّزٌ ذَلِكَ سُرَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْحَدْسِ الْبَاطِلِ شَرْعًا لَمَا سُرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُسَرُّ بِالْبَاطِلِ ، وَثَانِيهُمَا : أَنَّ إِقْرَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ ، وَقَدْ أَقَرَّ
مُجَزَّزًا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَقًّا مَشْرُوعًا ، لَا يُقَالُ : النِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ ، وَهَذَا كَانَ مُلْحَقًا بِأَبِيهِ بِالْفِرَاشِ ، فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ ، وَأَيْضًا سُرُورُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَكْذِيبِ الْمُنَافِقِينَ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِحَّةَ الْقِيَافَةِ . فَتَكْذِيبُ الْمُنَافِقِ سَارٌّ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ ; لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349756إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ [ ص: 242 ] الْفَاجِرِ ) فَقَدْ يُفْضِي الْبَاطِلُ لِلْحَسَنِ وَالْمَصْلَحَةِ ، وَأَمَّا عَدَمُ إِنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَلِأَنَّ
مُجَزَّزًا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْقِيَافَةِ ، فَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْفِرَاشِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ بِرِقِّهِمَا ، قَالَ
أَصْبَغُ : لَوْ أَعْتَقْتَ عَبْدَيْنِ ، مُرَادُنَا هَاهُنَا لَيْسَ أَنَّهُ ثَبَتَ النَّسَبُ
بِمُجَزَّزٍ ، إِنَّمَا مَقْصُودُنَا : أَنَّ الشَّبَهَ الْخَاصَّ [ . . . ] ، وَأَمَّا سُرُورُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَكْذِيبِ الْمُنَافِقِينَ : فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ السُّرُورُ مَعَ [ . . . ] عِنْدَ التَّكْذِيبِ ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ كَذِبِهِمْ رَجُلٌ كَذَّابٌ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ كَذِبُهُمْ إِذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ حَقًّا ، فَيَكُونُ الشَّبَهُ حَقًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ قَوْلُكُمْ : إِنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يَأْتِي بِالْحَسَنِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَا أَتَى بِشَيْءٍ ، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : أَخْبَرَ بِهِ لِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الْفِرَاشِ ، فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ بِاخْتِصَاصِ السُّرُورِ بِقَوْلِهِ لَوْلَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ طَعْنُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتًا مَعَهُ ، وَلَا كَانَ لِذِكْرِ الْأَقْدَامِ فَائِدَةٌ ، وَحَدِيثُ
الْعَجْلَانِيِّ قَالَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّلَاعُنِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349757إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ ، فَلَمَّا أَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ : قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ ) ، فَصَرَّحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ وُجُودَ صِفَاتِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا نَسَبٌ وَاحِدٌ ، وَلَا يُقَالُ : إِنَّ إِخْبَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ ; لِأَنَّ الْقِيَافَةَ لَيْسَتْ فِي
بَنِي هَاشِمٍ ، إِنَّمَا هِيَ فِي
بَنِي مُدْلِجٍ ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ : إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَائِفًا ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْكُمْ بِهِ
لِشَرِيكٍ ، وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=16339الْحُكْمَ بِالشَّبَهِ ، وَأَيْضًا : لَمْ يَحُدَّ الْمَرْأَةَ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ ; لِأَنَّا نَقُولُ : إِنْ جَاءَ الْوَحْيُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَمْ يُشْبِهْهُ ، فَهُوَ
[ ص: 243 ] مُؤَسِّسٌ لِمَا يَقُولُهُ ، وَصَارَ الْحُكْمُ بِالشَّبَهِ أَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ ; لِأَنَّ الْفِرَاشَ يَدُلُّ مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ ، وَالشَّبَهَ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطَ عِلْمَ الْقِيَافَةِ فَمَمْنُوعٌ ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْطِيَ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، سَلَّمْنَاهُ ، لَكِنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ ضَابِطِ الْقَيَّافِينَ : أَنَّ الشَّبَهَ مَتَى كَانَ كَذَا فَهُمْ يَحْكُمُونَ بِكَذَا ، لَا أَنَّهُ ادَّعَى عِلْمَ الْقِيَافَةِ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ : الْأَطِبَّاءُ يُدَاوُونَ الْمَحْمُومِينَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَبِيبًا ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَلَدِ
لَشَرِيكٍ ; لِأَنَّهُ زَانٍ ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْوَلَدِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِمِلْكٍ ، كَمَا إِذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ ، وَأَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ : فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَتِهَا شُبْهَةً أَوْ مُكْرَهَةً ، أَوْ لِأَنَّ التَّعَيُّنَ يُسْقِطُ الْحَدَّ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ) الْآيَةَ ؛ أَوْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ . وَلَنَا أَيْضًا : أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا مَوْلُودًا فَاخْتَصَمَا
لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، فَاسْتَدْعَى لَهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِهِمَا ، فَعَلَاهُمَا بِالدِّرَّةِ ، وَاسْتَدْعَى حَرَائِرَ مِنْ
قُرَيْشٍ فَقُلْنَ : خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ ، وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ ، فَاسْتَحْشَفَ الْحَمْلُ ، فَلَمَّا وَطِئَهَا الثَّانِي انْتَعَشَ بِمَائِهِ فَأَخَذَ شَبَهًا بِهِمَا ، فَقَالَ
عُمَرُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ ، وَلِأَنَّهُ عِلْمٌ عِنْدَ الْقَافَةِ مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ كَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُتْلَفَاتِ ، وَتَقْدِيرِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ ، وَخَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ ، وَتَحْدِيدِ جِهَةِ
الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَوَاتِ ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ . فَكُلُّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَتَقْرِيبٌ ، وَلَمَّا قَالَ ( ح ) : الشَّبَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، قَالَ : يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِجَمِيعِ الْمُنَازِعِينَ خِلَافًا لَنَا وَلِـ ( ش ) . وَيَدُلُّ لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) أَيْ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، وَلِأَنَّهُ الْعَادَةُ ، وَقَوْلُهُ
[ ص: 244 ] تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ ) يَقْتَضِي جَمِيعُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ آبَاءٌ ، وَقَوْلُهُ تَعَــالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) . احْتَجُّوا : بِمَا فِي الصِّحَاحِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349758أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا أَسْوَدَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : هَلْ فِي إِبِلِكَ مِنْ أَوْرَقَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : وَمَا أَلْوَانُهَا ؟ فَقَالَ : سُودٌ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : فَمَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَ بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَلَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَ ) فَلَمْ يَعْتَبِرْ حُكْمَ الشَّبَهِ ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349660الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ) وَلَمْ يُفَرِّقْ ، وَلِأَنَّ خَلْقَ الْوَلَدِ مَغِيبٌ عَنَّا ، فَجَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ
سُقْرَاطُ فِي كِتَابِ [ . . . ] الْحَمْلُ عَلَى الْحَمْلِ ، وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَبَطَلَتْ مَشْرُوعِيَّةُ اللِّعَانِ وَاكْتَفَى بِهِ وَلَا
زَيْدًا حُكِمَ لَهُ مَعَ الْفِرَاشِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْدَ عَدَمِهِ كَغَيْرِهِ ، وَلِأَنَّ الْقِيَافَةَ لَوْ كَانَ عِلْمًا لَأَمْكَنَ اكْتِسَابُهُ كَسَائِرِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ .
وَالْجَــوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَيْسَتْ صُورَةَ نِزَاعٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ ، إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ ، فَعَرَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـمَ - السَّبَبَ .
وَعَــنِ الثَّانِــي : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَادَةِ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14343الْوَلَدَ لِفِرَاشٍ وَاحِدٍ .
وَعَـــنِ الثَّالِثِ : أَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ ، وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَأْبَاهُ .
وَعَــــنِ الرَّابِعِ : أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ مُضَافًا إِلَى شَاهِدٍ مِنْ شَبَهِ الْإِنْسَانِ يُجْمَعُ مِنَ النَّاسِ ، إِنَّمَا يُضَافُ لِخَاصِّيَّةٍ أُخْرَى يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْقَافَةِ .
[ ص: 245 ] وَعَنِ الْخَامِسِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16339الْقِيَافَةَ إِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ يَسْتَوِي الْفِرَاشَانِ ، وَاللِّعَانُ يَكُونُ لِمَا شَاهَدَهُ الزَّوْجُ ، فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ ، لَا يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ .
وَعَنِ السَّادِسِ : الْفَرْقُ : أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ وَحْدَهُ سَالِمٌ عَنِ الْمَعَارِضِ يَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهُ ، بِخِلَافِ تَعَارُضِ الْفِرَاشَيْنِ .
وَعَنِ السَّابِعِ : أَنَّهُ قُوَّةٌ فِي النَّفْسِ ، وَقُوَى النَّفْسِ وَخَوَاصُّهَا لَا يُمْكِنُ اكْتِسَابُهَا ، وَأَمَّا عَنْ قَوْلِ ( ش ) : إِنَّ الْأَمَةَ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا جَمَاعَةٌ مِلْكًا صَحِيحًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَيَطَأَهَا جَمِيعُهُمْ بِالشُّبْهَةِ فَقْدِ اسْتَوَوْا ، فَاحْتَاجُوا إِلَى الْمُرَجِّحِ ، وَالنِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ إِلَّا بِاللِّعَانِ ، فَهُوَ أَقْوَى ، فَلَا تَنْدَفِعُ بِالْقَافَةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لَا يُشْرَعُ فِيهِ اللِّعَانُ .
احْتَجُّــوا : بِأَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=16339الْقَافَةَ فِي وَلَدِ الزَّوْجَاتِ ، وَلِأَنَّ الشَّبَهَ مُرَجِّحٌ ، فَإِذَا تَعَادَلَتِ الْأَسْبَابُ رَجَحَ بِهِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ مِنَ الزِّنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
وَعَنِ الثَّانِــي : أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى بِخِلَافِ الْمِلْكِ .
قَاعِــدَةٌ : قَوْلُ الْعُلَمَاءِ : مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ ، هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ ؟ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ فِي الْخَفِيِّ ، وَطَلَبْتُهُ نَحْوَ ثَمَانِيَةِ سِنِينَ فَلَمْ أَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَجَدْتُ
الْمَازَرِيَّ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ : أَنَّ قَوْلَنَا : هَلْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، فَـرْعُ تَصَوُّرِ حَقِيقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضَابِطِهِ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا : الْعَبْدُ ، مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ ، فَـرْعُ تَصَوُّرِهِمَا ، فَمَا ضَابِطُهُمَا ؟ وَبَعْضُهُمْ يُجِيبُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِيهَا الْعَدَدُ ، وَالْحُرِّيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ ، وَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ
[ ص: 246 ] وَالذُّكُورِيَّةِ فَـرْعُ كَوْنِهِمَا شَهَادَةً أَوْ رِوَايَةً ، فَتَعْرِيفُهُمَا بِذَلِكَ دَوْرٌ ، وَالَّذِي قَالَهُ
الْمَازَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ إِنْ كَانَ خَاصًّا مُطْلَقًا فَهُوَ شَهَادَةٌ اتِّفَاقًا ، كَإِثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو ، أَوْ عَامًّا مُطْلَقًا فَهِيَ رِوَايَةٌ إِجْمَاعًا ، نَحْوَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348440الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْأَمْصَارَ وَالْأَعْصَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَتَقَعُ صُورَةٌ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ ، خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا وُجُودُ الشَّائِبَتَيْنِ ، فَمَنْ غَلَّبَ إِحْدَاهُمَا أَلْحَقَ تِلْكَ الصُّورَةَ بِبَابِ تِلْكَ الشَّائِبَةِ ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى تِلْكَ السَّنَةَ ، عَامٌ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ جُمْلَةَ الْإِقْلِيمِ ، وَكَالْقَائِفِ ، وَالْمُقْدِمِ ، وَالتُّرْجُمَانِ ، وَنَحْوِهِمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ نَصَّبَهُمْ لِلنَّاسِ ، جِهَةَ عُمُومٍ لَا يَخُصُّ النَّصْبُ أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ قَضَاءَهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ هُوَ جِهَةُ خُصُوصٍ ، فَصَارَ الْعُمُومُ هُوَ ضَابِطَ الْخَبَرِ ، وَالْخُصُوصُ ضَابِطَ الشَّهَادَةِ ، وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16032_16152اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ لِتَوَقُّعِ التُّهْمَةِ بِالْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْخَاصِّ ، فَاسْتَظْهَرَ بِآخَرَ مَعَهُ وَمَعَ الْعَبْدِ لِتَوَقُّعٍ مِنْهُ الْأَنْفِقَةُ لِنَفَاسَتِهَا ، وَالنِّسَا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِحِفْظِهِنَّ لِضَعْفِ عَقْلِهِنَّ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (
أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) .