فصل : إذا  كان قبل المعركة جنبا   فليس  للشافعي   نص في إيجاب غسله ، لكن اختلف أصحابنا فيه بعد اتفاقهم أنه لا يصلى عليه ، فقال  أبو العباس بن سريج      : يجب غسله للجنابة لا للموت ، وبه قال  مالك      . فمن أوجب غسله استدل بما روي  أن  حنظلة بن الراهب   قتل يوم      [ ص: 37 ] أحد   فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الملائكة تغسله فبعث إلى أهله فسأل عن شأنه فقالوا : لا علم لنا به غير أنه كان واقع أهله ثم خرج إلى الحرب جنبا     " ، فلما غسلته الملائكة ، والملائكة لا تغسله إلا عن أمر الله سبحانه دل على أن غسله مأمور به ، ولأنه لزمه غسل جميع بدنه في حال حياته فوجب أن لا يسقط بالقتل ، كما إذا كان على جميع بدنه نجاسة ثم قتل شهيدا .  
ومن قال لا يجب غسله استدل بأنها طهارة عن حدث فوجب أن تسقط بالقتل كالطهارة الصغرى ، ولأن الحي الجنب إنما يغسل ؛ لأن يصلي ، والميت إنما يغسل ؛ لأن يصلى عليه ، وإذا كان هذا القتيل الجنب لا يصلى عليه فلا معنى لغسله ، فأما  إزالة النجاسة من بدنه   فإن كانت من جهة الشهادة لم يجب إزالتها ، وإن كانت من غير جهة الشهادة كالبول والخمر وجب إزالتها ، والفرق بينها وبين الجنابة أنه لما وجب إزالة قليل النجاسة وجب إزالة كثيرها ، ولما لم يجب إزالة الحدث الأصغر لم يجب إزالة الأكبر .  
				
						
						
