( 3923 ) فصل : ويجوز أن يستعير عبدا ليرهنه . قال : أجمعوا على أن ابن المنذر أن ذلك جائز ; وذلك لأنه استعاره ليقضي به حاجته ، فصح ، كسائر العواري . ولا يعتبر العلم بقدر الدين وجنسه ; لأن العارية لا يعتبر فيها العلم . الرجل إذا استعار من الرجل شيئا يرهنه عند رجل ، على شيء معلوم ، إلى وقت معلوم ، فرهن ذلك على ما أذن له فيه ،
وبهذا قال ، وأصحاب الرأي . وقال أبو ثور : يعتبر ذلك ; لأن الضرر يختلف بذلك . ولنا ، أنها عارية لجنس من النفع ، فلم تعتبر معرفة قدره ، كعارية الأرض للزرع . ولا يصير المعير ضامنا للدين . وقال الشافعي في أحد قوليه : يصير ضامنا له في رقبة عبده ; لأن العارية ما يستحق به منفعة العين ، والمنفعة هاهنا للمالك ، فدل على أنه ضمان . الشافعي
ولنا ، أنه أعاره ليقضي منه حاجته ، فلم يكن ضامنا ، كسائر العواري ، وإنما يستحق بالعارية النفع المأذون فيه ، وما عداه من النفع فهو لمالك العين . وإن عين المعير قدر الدين الذي يرهنه به وجنسه ، أو محلا ، تعين ; لأن العارية تتعين بالتعيين ، فإن خالفه في الجنس ، لم يصح ; لأنه عقد لم يأذن له فيه ، أشبه ما لو لم يأذن في رهنه . [ ص: 133 ] وكذلك إذا أذن له في محل ، فخالفه فيه ; لأنه إذا أذن له في رهنه بدين مؤجل ، فرهنه بحال ، فقد لا يجد ما يفكه به في الحال ، وإن أذن في رهنه بحال ، فرهنه بمؤجل ، فلم يرض أن يحال بينه وبين عبده إلى أجل ، لم يصح .
وإن رهنه بأكثر مما قدره له ، لم يصح ; لأن من رضي بقدر من الدين لم يلزم أن يرضى بأكثر منه . وإن رهنه بأنقص منه ، جاز ; لأن من رضي بعشرة ، رضي بما دونها عرفا ، فأشبه من أمر بشراء شيء بثمن ، فاشتراه بدونه . وللمعير مطالبة الراهن بفكاك الرهن في الحال ، سواء كان بدين حال أو مؤجل ; لأن للمعير الرجوع في العارية متى شاء . وإن حل الدين ، فلم يفكه الراهن ، جاز بيعه في الدين ; لأن ذلك مقتضى الرهن ، فإذا بيع في الدين ، أو تلف ، رجع السيد على الراهن بقيمته ; لأن العارية تضمن بقيمتها .
وإن تلف بغير تفريط ، فلا شيء على المرتهن ; لأن الرهن لا يضمن من غير تعد . وإن استعار عبدا من رجلين ، فرهنه بمائة ، ثم قضى خمسين ، على أن تخرج حصة أحدهما ، لم تخرج ; لأنه رهنه بجميع الدين في صفقة ، فلا ينفك بعضه بقضاء بعض الدين ، كما لو كان العبد لواحد .