وقد أورد بعضهم على هذا سؤالا، فقال: "إذا كانت الآحاد ممكنة، ومعناه افتقار كل واحد إلى علته، وكانت الجملة هي مجموع الآحاد، فلا مانع من إطلاق الوجوب وعدم الإمكان عليها، بمعنى أنها غير مفتقرة إلى أمر خارج عنها، وإن كانت أبعاضها مما يفتقر بعضها إلى بعض.
قال "وهذا ساقط، لأنه الآمدي: إذا كانت الجملة غير [ ص: 174 ] ممكنة، كانت واجبة بذاتها، وهي مجموع الآحاد. وكل واحد من الآحاد ممكن، فالجملة أيضا ممكنة بذاتها، والواجب بذاته لا يكون ممكنا بذاته".
قلت: وهذا السؤال يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها أن يقال: إنها واجبة بالآحاد والاجتماع جميعا، ومعلوم أن الجملة هي الآحاد واجتماعها، فإذا كان ذلك ممكنا، كانت الذات ممكنة، فيكون السؤال ساقطا كما قال الآمدي.
الثاني: أن يقال: المجموع واجب بآحاده الممكنة، ولا يجعل المجموع نفسه ممكنا، بل يقال: المجموع واجب بالآحاد الممكنة، وهذا هو السؤال الذي يقصده من يفهم ما يقول، وحينئذ فسيأتي جوابه بأن الاجتماع الذي للممكنات أولى أن يكون ممكنا لكونه عرضا لها، والعرض محتاج إلى موارده، فإذا كانت ممكنة كان هو أولى بالإمكان، وغير ذلك.
الاحتمال الثالث: أن يقال: كل واحد من الآحاد يترجح بالآخر، والمجموع ممكن أيضا، لكنه يترجح بترجح الآحاد المتعاقبة
وهذا السؤال ذكره موردا له على هذه الحجة في كتابه المسمى "بدقائق الحقائق". [ ص: 175 ] الآمدي
قال: "ما المانع من كون الجملة ممكنة الوجود، وبكون ترجحها بترجح آحادها، وترجح آحادها كل واحد بالآخر، إلى غير النهاية".
قال: "وهذا شكال مشكل، وربما يكون عنده غيري حله".