الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الثاني : في قيام اللقطة وفواتها

                                                                                                                وفي الكتاب : إذا بيعت بعد السنة لم يفسخ صاحبها البيع ، وإن بيعت بغير أمر الإمام لتقدم إذن الشرع في ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فشأنك بها ) وله الثمن ممن قبضه لأنه بذل ( . . . ) قال التونسي : قال أشهب : له في الدابة نقض البيع إذا بيعت بغير أمر السلطان ، فإن ماتت فالثمن إن بيعت خوف الضياع ، فأما إن باع الثياب فله تضمينه القيمة ، وله إجازة البيع لعدم الضرر في بقائها إلا أن يكون البيع بأمر الإمام ، فليس له إلا الثمن ، فلم يجعل أشهب البيع له إلا بإذن الإمام ، ثم فرق في الثياب وغيرها ، ولم يذكر تضمين المشتري ، فإن كان تعديا جاز أن يضمن المشتري قيمتها يوم لبسها ، وجعل ابن القاسم شبهة تمنع نقض البيع ، ووجوده غير شبيه يمنع التضمين ، فإن أكلها المساكين ضمن قيمتها ولم يضمن المساكين شيئا ، وقال أشهب : إن تصدق بها عن ربها أخذها من المساكين ، كقول ابن القاسم ، فإن نقصت فله أخذها ناقصة أو قيمتها من المتصدق بها ثم يرجع المتصدق فيأخذها من المساكين فلك تضمنهم مثلها أو قيمتها عن ملتقطها يوم التصدق ، لأن تعريفه بعد السنة مشروط بضمان البدل ، فجعل أشهب صدقته بها عن نفسه كغاصب وهب ، ومن مذهبه رجوع المستحق على أيهما شاء ، فمن رجع عليه فلا رجوع له على الآخر . فإن تصدق بها فالإشكال هل [ ص: 128 ] يغرم المسكين أم لا ؟ قال ابن القاسم : ولو وجدها بيد من ابتاعها من المساكين أخذها ويرجع المبتاع الذي تصدق بها عليهم ، وكذلك لو ماتت ، وقال غيره : يرجع بالأقل من الثمن الذي دفع للمساكين ، أو قيمتها يوم تصدق الملتقط إن كان الثمن أكثر ، ثم ترجع بالقيمة على المساكين ، فجعل ابن القاسم لك أخذها من المشتري ، ولو باعها الملتقط نقض بيعه ، ولم يجعل المساكين كالوكلاء على البيع ، فيمضي بيعهم ويغرم الملتقط القيمة ، قال : وفيه نظر ، إذا وجب أخذها من يد المشتري كان الرجوع بالقيمة يوم الصدقة على الملتقط أولى من الرجوع على المساكين ، وهم أخذوه على باب الملك ، وملكهم عليه من له شبهة ، وهم لو أكلوا اللقطة ما ضمنوا ، وفي الجواهر : متى وجدها قائمة أخذها من يد الملتقط نوى تمليكها أم لا ، وكذلك بيد المساكين تصدق عن نفسه أو عنك ، وكذلك بيد المبتاع من المساكين ، وفي يد المبتاع من الملتقط ، بخلاف ابن القاسم وأشهب المتقدم ، وإن وجدها بيد المساكين ناقصة وقد تصدق بها عنك خيرت في أخذها ولا شيء لك عليه ، أو قيمتها منه ويأخذها الملتقط من المساكين ، ولا شيء له عليهم في نقصها ، لأنه سلطهم ، ومتى عينها والملتقط أكلها أو أتلفها فالقيمة يوم الأكل أو التصدق ، لأن يد السابقة له أمانة إن أكلها المساكين تصدق بها عنك أو عنه ، قال ابن القاسم : وقال أشهب : إن تصدق بها عنه فأكلها المساكين ، فلك تضمينهم المثل والقيمة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية