الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ويسن وفاءه ) أي الزوج ( به ) أي الشرط ، ومال الشيخ تقي الدين إلى وجوب الوفاء ( ك ) اشتراط المرأة أو وليها على زوجها ( زيادة مهر ) قدرا معينا وكذا لو شرطت عليه نفقة ولدها وكسوته مدة معينة وتكون من المهر ( أو ) اشتراط كون مهرها من ( نقد معين ) فيتعين كثمن مبيع ( أو ) اشتراطها أن ( لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يتزوج ) عليها ( أو ) لا ( يتسرى عليها أو لا يفرق بينها وبين أبويها أو ) لا يفرق بينها وبين ( أولادها أو أن ترضع ولدها الصغير أو ) أن ( يطلق ضرتها أو ) أن ( يبيع أمته ) لأن لها فيه قصدا صحيحا .

                                                                          ويروى صحة الشرط في النكاح وكون الزوج لا يملك فكه عن عمر وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ويؤيده حديث { إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج } متفق عليه ، وحديث { المسلمون على شروطهم } وهو قول من سمي من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ، وروى الأثرم " أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها ثم أراد نقلها فتخاصموا إلى عمر . فقال عمر : لها شرطها ، فقال الرجل : إذن يطلقننا فقال عمر : مقاطع الحقوق عند الشروط " وأما حديث { كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل } أي : ليس في حكم الله وشرعه وهذا مشروع لما تقدم من الدليل على مشروعيته وعلى من نفاها الدليل . وقولهم إنه يحرم الحلال ليس مسلما وإنما يثبت للمرأة إذا لم يف لها به خيار الفسخ ، وقولهم ليس من مصلحة العقد ممنوع فإنه من مصلحة المرأة وما كان من مصلحة العاقد فهو من مصلحة العقد كاشتراط الرهن والضمين في البيع ويصح جمع بين شرطين هنا بخلاف البيع كما أوضحته في الحاشية عن ابن نصر الله .

                                                                          ( فإن لم يف ) زوج لها بما شرطته ( فلها الفسخ ) لما تقدم من قول عمر " مقاطع الحقوق عند الشروط " ولم يلتفت إلى قول الزوج إذن يطلقننا وكالبيع ( على التراخي ) لأنه لدفع ضرر أشبه خيار القصاص ( بفعله ) أي الزوج ما شرطت عليه الزوجة أن لا يفعله كالتزوج والتسري والسفر بها و ( لا ) فسخ لها ب ( عزمه ) على الفعل قبله لعدم تحقق المخالفة .

                                                                          ( ولا يسقط ) ملكها الفسخ لعدم وفائه بما اشترطته ( إلا [ ص: 666 ] بما يدل على رضا ) منها ( من قول أو تمكين ) كأن مكنته من نفسها ( مع العلم ) بفعله ما اشترطت أن لا يفعله فإن مكنته قبل العلم لم يسقط فسخها ; لأنه لا يدل على رضاها بترك الوفاء فلا أثر له كإسقاط الشفعة قبل البيع ( لكن لو شرط ) لها ( أن لا يسافر بها فخدعها وسافر بها ثم كرهته ولم تسقط حقها من الشرط لم يكرهها بعد ) ذلك على السفر لبقاء حكم الشرط فإن أسقطت حقها من الشرط سقط مطلقا قال في الإنصاف أنه الصواب .

                                                                          ( ومن شرط ) لزوجته ( أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات أحدهما ) أي أحد أبويها ( بطل الشرط ) لأن المنزل صار لأحد الأبوين بعد أن كان لهما فاستحال إخراجها من منزل أبويها فبطل الشرط وكذا إن تعذر سكنى المنزل لنحو خراب فله أن يسكن بها حيث أراد سواء رضيت أو لا ; لأنه الأصل والشرط عارض وقد زال فرجعنا إلى الأصل وهو محض حقه ( ومن شرطت ) على زوجها ( سكناها مع أبيه ثم أرادتها ) أي السكنى ( منفردة فلها ذلك ) أي طلبه بإسكانها منفردة ; لأنه لحقها لمصلحتها لا لحقها لمصلحته فلا يلزم في حقها ، ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره لزمه تسلمه .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية