الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكذلك لو أوصى للمفقود ومات الموصي ) ثم الأصل أنه لو كان مع المفقود وارث لا يحجب به ولكنه ينتقص حقه به يعطى أقل النصيبين ويوقف الباقي [ ص: 150 ] وإن كان معه وارث يحجب به لا يعطى أصلا . بيانه : رجل مات عن ابنتين وابن مفقود وابن ابن وبنت ابن والمال في يد الأجنبي وتصادقوا على فقد الابن وطلبت الابنتان الميراث تعطيان النصف لأنه متيقن به ويوقف النصف الآخر ولا يعطى ولد الابن لأنهم يحجبون بالمفقود ، ولو كان حيا فلا يستحقون الميراث بالشك ( ولا ينزع من يد الأجنبي إلا إذا ظهرت منه خيانة ) [ ص: 151 ] ونظير هذا الحمل فإنه يوقف له ميراث ابن واحد على ما عليه الفتوى ، ولو كان معه وارث آخر إن كان لا يسقط بحال ولا يتغير بالحمل يعطى كل نصيبه ، وإن كان ممن يسقط بالحمل لا يعطى ، وإن كان ممن يتغير به يعطي الأقل للتيقن به كما في المفقود وقد شرحناه في كفاية المنتهى بأتم من هذا ، والله أعلم . .

التالي السابق


( وكذلك ) لو ( أوصى له ومات الموصي ) في حال فقده قال محمد : لا أقضي بها ولا أبطلها حتى يظهر حال المفقود : يعني يوقف نصيب المفقود الموصى له به إلى أن يقضي بموته ، فإذا قضي به جعل كأنه الآن ، وفي استحقاقه لمال غيره كأنه مات حين فقد ، وهذا معنى قولنا المفقود ميت في مال غيره ( قوله ثم الأصل أنه إذا مات من بحيث يرثه المفقود إن كان مع المفقود وارث لا يحجب بالمفقود ) حجب حرمان ( ولكنه ينتقص حقه به يعطي ) ذلك الوارث ( أقل نصيبه ويوقف الباقي ) حتى يظهر [ ص: 150 ] حياة المفقود أو موته أو يقضى بموته ( وإن كان معه وارث يحجب به لا يعطي ) لذلك الوارث شيئا ( بيانه : رجل مات عن ابنتين وابن مفقود وابن ابن أو ابنة ابن والمال ) الموروث ( في يد أجنبي وتصادقوا ) أي الأجنبي والورثة ( على فقد الابن وطلبت البنتان الميراث تعطيان النصف لأنه متيقن به ) لأن أخاهما المفقود إن كان حيا فلهما النصف ، وإن كان ميتا فلهما الثلثان ، فالنصف متيقن فتعطيانه .

( ويوقف النصف الآخر ) في يد الأجنبي الذي هو في يده ( ولا يعطى ولد الابن شيئا ) لأنهم يحجبون بالمفقود لو كان حيا ، ولا يستحق الميراث بالشك ولا ينزع من يد الأجنبي ( إلا إذا ظهرت منه خيانة ) بأن كان أنكر أن للميت عنده مالا حتى أقامت البنتان البينة عليه فقضى بها ، لأن أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقين فإنه حينئذ يؤخذ الفضل الباقي منه ويوضع في يد عدل لظهور خيانته ، ولو كانوا لم يتصادقوا على فقد الابن بل قال الأجنبي الذي في يده المال مات المفقود قبل أبيه فإنه يجبر على دفعه الثلثين للبنتين لأن إقراره معتبر فيما في يده ، وقد أقر أن ثلثيه للبنتين فيجبر على دفعه لهما ولا يمنع إقراره قول أولاد الابن أبونا أو عمنا مفقود ، لأنهم بهذا القول لا يدعون لأنفسهم شيئا ويوقف الثلث الباقي في يده ، ولو كان المال في يد البنتين واتفقوا على الفقد لا يحول المال من موضعه ولا يؤخر شيء للمفقود بل يقضى للبنتين بالنصف ميراثا ويوقف النصف في أيديهما على حكم ملك الميت ، فإن ظهر المفقود حيا دفع إليه .

وإن ظهر ميتا أعطي [ ص: 151 ] البنتان سدس كل المال من ذلك النصف والثلث الباقي لولد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين .

ولو قالت البنتان مات أخونا وليس بمفقود وقال ولد الابن بل مفقود والمال في أيديهما أعطيتا الثلثين ووقف الثلث ، لأنهما في هذه يدعيان الثلثين والمال في أيديهما ، فإن ظهر حياته أخذ منهما السدس له ، ولو كان المال في يد ولد المفقود واتفقوا أنه مفقود يعطى البنتان النصف ، لأنهما إنما ادعياه بالإقرار بفقده ويوقف النصف الآخر في يد من كان في يده . ولو ادعى ولد المفقود أن أباهما مات لم أدفع إليهما شيئا حتى تقوم البينة على موته قبل أبيه أو بعده ، فإذا قامت على موته قبله يعطى لهم الثلث والثلثان للبنتين لأن الميت على هذا مات عن بنتين وأولاد ابن ، وإن قامت عليه بعده يعطى لهم النصف لأن الميت مات عن بنت وابن ثم مات الابن عن ولد .

قال المصنف ( ونظيره ) أي في وقف الميراث عند الشك في النصيب ( الحمل فإنه يوقف له ميراث ابن واحد على ما عليه الفتوى ) واحترز به عما روي عن أبي حنيفة أنه يوقف له ميراث أربع بنين لما قال شريك : رأيت بالكوفة لأبي إسماعيل أربع بنين في بطن واحد وعما ، عن محمد ميراث ثلاثة بنين ، وفي أخرى نصيب ابنين ، وهو رواية عن أبي يوسف ، وعن أبي يوسف نصيب ابن واحد وعليه الفتوى ( ولو كان مع الحمل وارث آخر لا يسقط بحال ولا يتغير بالحمل ) يعطى كل نصيبه للتيقن به على كل حال وكذا إذا ترك ابنا وامرأة حاملا تعطى المرأة الثمن ( وإن كان ممن يسقط بالحمل لا يعطي ) شيئا ( وإن كان ممن يتغير ويعطي الأقل للتيقن به ) مثاله ترك امرأة حاملا : وجدة تعطى السدس لأنه لا يتغير لها ، ولو ترك حاملا وأخا وعما لا يعطي شيئا لأن الأخ يسقط بالابن ، وجائز أن يكون الحمل ابنا فكان بين أن يسقط ولا يسقط ، فكان أصل الاستحقاق مشكوكا فيه فلا يعطي شيئا .

ولو ترك حاملا وأما أو زوجة تأخذ [ ص: 152 ] الأم السدس والزوجة الثمن ، لأنه لو كان ميتا أخذت الأم الثلث أو حيا أخذت السدس والزوجة الثمن ، لأنه لو كان ميتا أخذت الربع ، والله الموفق للصواب .




الخدمات العلمية