الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5353 - فإن قال قائل : فما معنى اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بني هاشم بالنهي عن إنزاء الحمير على الخيل ؟

                                                        قيل له : لما حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو عمر الحوضي ، قال : ثنا المرجى - هو ابن رجاء - قال : ثنا أبو جهضم ، قال : حدثني عبد الله بن عبيد الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : ما اختصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بثلاث : أن لا نأكل الصدقة ، وأن نسبغ الوضوء ، وأن لا ننزي حمارا على فرس .

                                                        قال : فلقيت عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت ، فحدثته ، فقال : صدق ، كانت الخيل قليلة في بني هاشم ، فأحب أن تكثر فيهم .

                                                        فبين عبد الله بن الحسن - بتفسيره هذا - المعنى الذي له اختص رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم أن لا تنزوا الحمار على فرس ، وأنه لم يكن للتحريم ، وإنما كانت العلة قلة الخيل فيهم ، فإذا ارتفعت تلك العلة ، وكثرت الخيل في أيديهم ، صاروا في ذلك كغيرهم .

                                                        وفي اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك دليل على إباحته إياه لغيرهم .

                                                        ولما كان صلى الله عليه وسلم قد جعل في ارتباط الخيل ما ذكرنا من الثواب والأجر ، وسئل عن ارتباط الحمير ، فلم يجعل في ارتباطها شيئا . والبغال التي هي خلاف الخيل مثلها - كان من ترك أن تنتج ما في ارتباطه وكسبه ثواب ، وأنتج ما لا ثواب في ارتباطه وكسبه ، من الذين لا يعلمون .

                                                        فقد ثبت بما ذكرنا إباحة نتج البغال لبني هاشم وغيرهم ، وإن كان إنتاج الخيل أفضل من ذلك ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية