الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فإن أتلف ) من حرم عليه ما ذكر ( صيدا ) مما ذكر وإن لم يكن مملوكا ( ضمنه ) بما يأتي لقوله تعالى { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا } الآية ، وقيس بالمحرم الحلال في الحرم ، ولا فرق في الضمان بين الناسي للإحرام أو كونه في الحرم وجاهل الحرمة وإن عذر بقرب إسلام أو نحوه ، وقيد المتعمد في الآية ومنكم خرج مخرج الغالب فيحرم التعرض لشيء من أجزائه من لبن وبيض وشعر ويضمنها بالقيمة ، وإنما لم يجب في ورق شجر الحرم جزاء ; لأنه لا يضر الشجر ، وجز الشعر يضر الحيوان في الحر والبرد ، ولو حصل مع تعرضه لنحو اللبن نقص في الصيد ضمنه أيضا ، فقد سئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عمن حلب عنزا من الظباء وهو محرم فقال : تقوم العنز بلبن وبلا لبن وينظر نقص ما بينهما فيتصدق به وهذا النص لا يقتضي اختصاص الضمان بحالة النقص كما فهمه الإسنوي بل هو لبيان كيفية التقويم ومعرفة المغروم [ ص: 345 ] ومحل ضمان البيض ما لم يكن مذرا أو مذرا من النعام ، وإن كان مذرا منه ضمن قشره ; لأن له قيمة إذ ينتفع به ، بخلاف المذر من غيره ، ولو كسره عن فرخ فمات وجب مثله من النعم أو طار وسلم لم يجب شيء ، ولو نفره عن بيضه أو أحضن بيضه دجاجة وفسد ببعض الصيد ضمنه حتى لو تفرخ كان من ضمانه حتى يمتنع ، فإن كان الصيد مملوكا لزمه مع الضمان لحق الله تعالى الضمان للآدمي وإن أخذه منه برضاه كعارية ، لكن المغروم لحق الله ما يأتي من المثل ثم القيمة ، والمغروم لحق الآدمي القيمة مطلقا .

                                                                                                                            وقد ألغز ابن الوردي بذلك فقال :

                                                                                                                            عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا     قابض شيء برضا مالكه
                                                                                                                            ويضمن القيمة والمثل معا

                                                                                                                            وخرج بما مر الصيد المملوك في الحرم بأن صاده في الحل فملكه ثم دخل به الحرم فلا يحرم على حلال ، التعرض له ببيع أو شراء أو غيرهما من أكل أو ذبح ، بخلاف المحرم لإحرامه ، ويزول ملك المحرم عن صيد أحرم وهو في ملكه بإحرامه فيلزمه إرساله ، وإن تحلل حتى لو قتله بعد التحلل ضمنه ويصير مباحا فلا غرم له إذا قتل أو أرسل ، ومن أخذه ولو قبل إرساله وليس محرما ملكه ; لأنه لا يراد للدوام فتحرم استدامته كاللباس بخلاف النكاح ولو مات في يده ضمنه وإن لم يتمكن من إرساله إذا كان يمكنه إرساله قبل الإحرام ، ولو أحرم أحد مالكيه تعذر إرساله فيلزمه رفع يده عنه .

                                                                                                                            قال الإمام : ولم يوجبوا عليه السعي في ملك نصيب شريكه ليطلقه لكن ترددوا في أنه لو تلف هل يضمن نصيبه ا هـ .

                                                                                                                            تردد الزركشي فيما لو كان يملك الصبي صيدا هل يلزم الولي إرساله ويغرم قيمته كما يغرم قيمة النفقة الزائدة بالسفر ؟ والأوجه أخذا مما مر أنه يلزمه كفارة محظورات إحرامه أنه يلزمه إرساله [ ص: 346 ] ويغرم قيمته ; لأنه المورط له في ذلك ومن مات عن صيد وله قريب محرم ورثه كما يملكه بالرد بالعيب ، ولا يزول ملكه عنه إلا بإرساله كما في المجموع ، ويجب إرساله كما لو أحرم وهو في ملكه ، ولو باعه صح وضمن الجزاء ما لم يرسل حتى لو مات في يد المشترى لزم البائع الجزاء ، وفرق ابن المقري بين ما كان في ملكه قبل الإحرام حيث توقف على الإرسال بأنه دخل في ملكه قهرا بالإرث فلا يزول قهرا ، ودخوله في الإحرام رضا بزوال ملكه .

                                                                                                                            وما اعترض به الجوجري من كون المملوك قبل الإحرام بالإرث يزول ملكه عنه بالإحرام قهرا مع أنه دخل في ملكه قهرا ، فكونه في الإحرام لا تأثير له ، ومن أن دخوله في الإحرام رضا بزوال ملكه عما في ملكه وعما سيملكه وهو محرم يرد بمنع ما ذكره إذ الابتداء أقوى من الدوام ، فكان ابتداء طرو الإحرام على المملوك ولو بالإرث مزيلا لملكه ; لأنه أقوى منه ، بخلاف ما تجدد حال الإحرام بنحو الإرث فإن الإحرام ضعف عن منع دخوله في الملك فليضعف عن إزالة الملك بعد وجوده بالأولى .

                                                                                                                            وقوله دخوله في الإحرام إلخ ممنوع أيضا إذ ما سيملكه غير محقق ولا مظنون غالبا فلا أثر لهذا الرضا إن سلم وجوده ، وكما منع الإحرام دوام الملك يمنع ابتداءه اختيارا كشراء وهبة وقبول وصية وحينئذ فيضمنه بقبض نحو شراء أو عارية أو وديعة لا نحو هبة ، ثم إن أرسله ضمن قيمته للمالك وسقط الجزاء بخلافه في الهبة لا ضمان ; لأن العقد الفاسد كالصحيح في الضمان ، والهبة غير مضمونة ، وإن رده لمالكه سقطت القيمة وضمنه بالجزاء حتى يرسله فيسقط ضمان الجزاء ، ولو باعه ثم أحرم ثم أفلس المشتري لم يكن له الرجوع فيه لكن يبقى حقه حتى يتحلل فحينئذ يرجع فيه كما نقله الزركشي عن الماوردي فيكون تعذر الرجوع في الحال عذرا في التأخير ، وعليه لو وجد المحرم بثمن الصيد الذي باعه قبل عيبا كان له الرد بعد تحلله ، وشرط الضمان فيما مر بمباشرة أو غيرها على خلاف القاعدة في خطاب الوضع كون الصائد مميزا ليخرج المجنون والمغمى عليه والنائم والطفل الذي لا يميز ، ومن انقلب على فرخ وضعه الصيد في فراشه جاهلا به وأتلفه .

                                                                                                                            والسبب في خروج ذلك عن القاعدة المذكورة أنه حق الله تعالى ففرق بين من هو من أهل التمييز وغيره ، ومعنى كونه حقا لله تعالى : أي أصالة وفي بعض حالاته ، إذ منها الصيام فلا نظر لكون الفدية تصرف للفقراء ، ثم [ ص: 347 ] ضمان السيد هنا : إما بمباشرة أو سبب أو وضع يد ، فالأول كالقتل ونحوه ، والثاني هو ما أثر في التلف ولم يحصله فيضمن ما تلف من الصيد بنحو صياحه أو وقوع حيوان أصابه سهم عليه أو وقوعه بشبكة نصبها في الحرم أو وهو محرم وإن نصبها بملكه أو وقع الصيد بها بعد موته أو بعد التحلل كما أفتى به البغوي ، قال لتعديه حال نصبها ، وأخذ منه الأذرعي أنه لو نصبها بغير الحرم وهو حلال لم يضمن ما تلف بها وإن أحرم ; ولو أرسل محرم كلبا معلما على صيد أو حل رباطه والسيد حاضر ثم أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في الحرم ، وكذا يضمن لو انحل رباطه بتقصيره في الربط فقتل صيدا حاضرا أو غائبا ثم ظهر ، وفارق ما ذكر عدم الضمان بإرسال الكلب لقتل آدمي بأن الكلب معلم للاصطياد فاصطياده بإرساله كاصطياده بنفسه وليس معلما لقتل الآدمي فلم يكن القتل منسوبا إلى المرسل بل إلى اختيار الكلب ، ولهذا لو أرسل كلبا غير معلم على صيد فقتله لم يضمنه كما جزم به الماوردي والجرجاني والقاضي أبو الطيب وعزاه إلى نصه في الإملاء ، وحكاه في المجموع عن الماوردي فقط ، ثم قال : وفيه نظر وينبغي أن يضمنه ; لأنه سبب ا هـ .

                                                                                                                            قال في الخادم : قضية إطلاق غيرهم التسوية بين المعلم وغيره ، وظاهر أن محل كلام هؤلاء إذا لم يكن الكلب ضاربا ، وقضية الفرق السابق : أنه لو كان الكلب معلما لقتل الآدمي فأرسل عليه فقتله ضمن كالضاري ، وهو ظاهر ، ولو استرسل كلب فزاد عدوه بإغراء محرم لم يضمنه ; لأن حكم الاسترسال لا ينقطع بالإغراء ويضمن ما تلف منه بحفر بئر حفرها وهو محرم بالحل أو الحرم وهو متعد بالحفر كأن حفر في ملك غيره من غير إذنه ، أو وهو حلال في الحرم وإن لم يكن متعديا به كأن حفرها بملكه ، أو موات ; لأن حرمة الحرم لا تختلف فصار كنصب شبكة فيه في ملكه ، بخلاف حرمة المحرم فلا يضمن ما تلف من ذلك بما حفره خارج الحرم بغير عدوان كما لو تلف به بهيمة أو آدمي ، ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله أو أعانه بآلة أو نحوها أثم ولا ضمان ، أو بيده والقاتل حلال ضمن المحرم ; لأن حفظه واجب عليه ولا يرجع على القاتل ، ولو رماه قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا الإحرام فيهما وإنما أهدر مسلم رماه فارتد لتقصيره ، ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر ضمنهما والثالث التعدي [ ص: 348 ] بوضع اليد عليه فيضمن المحرم صيدا وضع يده عليه بتلف حصل له وهو في يده ولو بنحو وديعة كالغاصب أو بما في يده كأن تلف بنحو رفس مركوبه كما لو هلك به آدمي أو بهيمة ، ولو كان مع الراكب سائق وقائد فالأوجه اختصاص الضمان بالأول ; لأن اليد له ، ولا يضمن ما تلف بإتلاف بعيره وإن فرط أخذا مما في المجموع عن الماوردي وأقره ، أنه لو حمل ما يصاد به فانفلت بنفسه وقتل لم يضمن ، وإن فرط وفارق انحلال رباط الكلب بتقصيره بأن الغرض من الربط غالبا دفع الأذى فإذا انحل بتقصيره فوت الغرض بخلاف حمله ، ولو رماه بسهم فأخطأه أو أرسل عليه كلبا فلم يقتله أثم ولا جزاء ، ولو كان المتلف لما في يد المحرم محرما ضمن وكان ذو اليد طريقا على الأصح ، بخلاف ما لو كان حلالا فإن الضامن وهو ذو اليد ولا رجوع له على المتلف بشيء ; لأنه ليس من أهل ضمان الصيد ولو أكره محرم على قتله ضمنه ورجع بما غرمه على مكرهه وإنما يضمن ما تلف في يده إن كان أخذه لغير مصلحة الصيد لا إن أخذه لمصلحته كمداواته أو تخليصه من نحو سبع أو هرة اختطفته فمات في يده ، قال الرافعي : لأنه قصد المصلحة فجعلت يده يد وديعة كما لو أخذ المغصوب من الغاصب ليرده إلى مالكه فتلف في يده وكان الغاصب حربيا أو رقيقا للمالك ، ولا ينافى هذا قولهما أن الوديع يضمن كما مر ، إذ معنى هذا أن قصده مصلحة الصيد أخرج اليد عن وضعها الأصلي في هذا الباب وألحقها بيد الوديع المبحوث عنها في باب الوديعة ، فليس معنى قول الرافعي فجعلت يده يد وديعة أن يده صارت كاليد المستودعة صيدا بل كالمستودعة غيره في عدم الضمان للمعنى المذكور ، ولا يضمن أيضا بإتلافه لما صال عليه أو على غيره لأجل دفع له عن نفس محترمة أو عضو كذلك أو مال بل أو اختصاص فيما يظهر ; لأن الصيال ألحقه بالمؤذيات ، ولو قتله للدفع راكبه الصائل عليه ضمنه ، وإن كان لا يمكن دفع راكبه إلا بقتله ; لأن الأذى ليس منه كما في إيجاب الفدية بحلق شعر رأسه لإيذاء القمل .

                                                                                                                            نعم يرجع بما غرمه على الراكب ولا ضمان ولا إثم بقتل جراد عم طريقه ، ولم يطأ إلا ما لا بد له من وطئه ; لأنه ملجأ إلى ذلك فأشبه دفعه لصياله ، وكالجراد ما لو باض بفراشه ولم يمكنه دفعه إلا بالتعرض لبيضه فإذا نحاه وفسد لم يضمنه [ ص: 349 ] ومنه يؤخذ تنفيره إذا أضر بأكله متاعه مثلا أو ببوله ، ويضمن حلال فرخا حبس أمه حتى تلف والفرخ في الحرم دون أمه ; لأن حبسها جناية عليه ، ولا يضمنها ; لأنه أخذها من الحل أو هي في الحرم دونه ضمنهما ، أما هو فكما لو رماه من الحرم إلى الحل ، وأما هي فلكونها في الحرم والفرخ ، مثال إذ كل صيد وولده كذلك إذا كان يتلف لانقطاع متعهده وخرج بالحلال المحرم فيضمن مطلقا ، ولو نفر محرم صيدا ولو في الحل أو نفره حلال في الحرم فهلك بسبب التنفير بنحو صدمة أو أخذ سبع أو قتل حلال له في الحل ضمنه ويستمر في ضمانه حتى يسكن ، ولو تلف به في نفاره صيد آخر ضمنه أيضا ، ويضمن حلال أيضا بإرساله وهو في الحل إلى صيد في الحل أيضا سهما مر في الحرم فأصابه وقتله أو بإرساله وهما في الحل أيضا كلبا معلما تعين الحرم عند الإرسال لطريقه وإن لم تكن هي الطريق المألوفة ; لأنه ألجأه إلى الدخول ، بخلاف ما إذا لم يتعين ; لأن له اختيارا ولا كذلك السهم .

                                                                                                                            ولو دخل صيد رمي إليه أو إلى غيره وهو في الحل الحرم فقتله السهم فيه ضمنه ، وكذا لو أصاب صيدا فيه كان موجودا فيه قبل رميه إلى صيد في الحل ، ولا يضمن مرسل الكلب بذلك إلا إن عدم الصيد ملجأ غير الحرم عند هربه . ونقل الأذرعي أنه لو أرسل كلبا أو سهما من الحل إلى صيد فيه فوصل إليه في الحل وتحامل الصيد بنفسه أو نقل الكلب له في الحرم فمات فيه لم يضمنه ، ولم يحل أكله احتياطا لحصول قتله في الحرم ، ولو رمى في الحل صيدا كله أو قوائمه في الحرم واعتمد عليها أو عكسه ضمنه تغليبا للحرمة ، وإنما لم يضمن من سعى من الحرم إلى الحل أو من الحل إلى الحل ، لكن سلك في أثناء سعيه الحرم فقتل الصيد من الحل ; لأن ابتداء الصيد من حين الرمي أو نحوه لا من حين السعي ، فإن أخرج يده منه ونصب شبكة لم يضمن ما ينعقل بها ، وقياسه أنه لو أخرج يده من الحرم ورمى إلى صيد فقتله لم يضمنه ، ولا أثر لكون غير قوائمه في الحرم كرأسه إن أصاب ما في الحل وإلا ضمنه كما ذكره الأذرعي والزركشي ، هذا في القائم فغيره العبرة بمستقره ، ولو كان نصفه في الحل ونصفه في الحرم حرم [ ص: 350 ] كما جزم به بعضهم تغليبا للحرمة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويضمنها بالقيمة ) هذا واضح فيما له قيمة ، فلو لم يكن له قيمة هل تسقط أو لا ؟ الظاهر الأول ، وينبغي أن المراد قيمته في محل الإتلاف وزمانه ( قوله : ومعرفة المغروم ) أي فلو لم تنقص الأم قوم اللبن مستقلا وغرم قيمته .

                                                                                                                            [ ص: 345 ] قوله : فإن كان مذرا منه ) أي من النعام ( قوله : أو طار وسلم لم يجب شيء ) أي بدل الفرخ أما البيض فإن كان من النعام ضر قشره كما مر ( قوله : حتى يمتنع ) أي يستقل بنفسه ( قوله فرع على أصلين ) أي قاعدتين ( قوله : حتى لو قتله بعد التحلل ) وانظر هل يصير ميتة كمذبوح المحرم أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لانتفاء إحرام الذابح وكون الصيد ليس حرميا ( قوله : فتحرم استدامته ) أي بإحرام مالكه فلا غرم بإرسال غيره له أو قتله ( قوله فيلزمه رفع يده عنه ) أي وعليه فالقياس أن الشريك غير المحرم له الاستيلاء عليه بتمامه فيملكه ويتصرف فيه بما أراد أخذا من قوله قبل ومن أخذه ولو قبل إرساله وليس محرما ملكه وأما لو استولى عليه غير الشريك فيصير مشتركا بينه وبين الشريك القديم ( قوله في ملك نصيب شريكه ) بأن يتملكه منه ( قوله ليطلقه ) أي مالكه ( قوله : هل يضمن نصيبه ) الظاهر عدم الضمان لعدم استيلائه على حصة شريكه لكن قال سم على حج ما نصه : قال الشارح في شرحه : والذي يتجه ترجيحه منه أخذا مما قررته آنفا أنه يضمن نصيبه ; لأنه كان يمكنه إزالة ملكه عن نصيبه قبل الإحرام ، وتعبير الإمام بلزوم الدفع يقتضي ذلك ، إذ الأصل في مباشرة ما لا يجوز الفدية ، ولا نظر لما ذكر من عدم تأتي إطلاق حصته على ما بقي ; لأنه كان يمكنه إزالة ملكه عن نصيبه قبل الإحرام ولو بنحو وقفه فلا يقال قد لا يجد من يهبه له أو يرضى بشرائه مثلا .

                                                                                                                            ( قوله : ويغرم قيمته ) أي وإن لم يرسله ; لأنه سبب في خروجه [ ص: 346 ] عن ملكه بالإحرام ( قوله : ومن مات ) أي شخص غير محرم ( قوله : ورثه ) أي المحرم ( قوله : حيث توقف إلخ ) أي حيث لم يتوقف زوال ملكه على إرسال ، بخلاف ما لو دخل في ملكه بعد الإحرام حيث إلخ ، ولعل في العبارة سقطا ، والأصل قبل الإحرام حيث لم يتوقف زوال ملكه على إرسال وبين ما دخل في ملكه وهو محرم ( قوله : وما اعترض به ) أي على الفرق ( قوله : وعليه لو وجد المحرم بثمن الصيد ) : أي المعين في العقد أما ما في الذمة فلا يتوقف رده على التحلل ، وليس رده فوريا ; لأن ما في الذمة لا يملك إلا بالتراضي ( قوله : وضعه الصيد في فراشه ) أي أو وقع ذلك بنفسه ( قوله : وفي بعض حالاته ) جواب عما يقال كيف كان الصيد حقا لله مع أن بدله يصرف للفقراء ؟ وحاصل الجواب أنه وجب أصالة لله تعالى وقد جعله الشارع للفقراء فكأنه تعالى أمر بدفع ما ملكه للفقراء ، ومن ثم لا يسقط بإسقاطهم كالوكيل في القبض إذا أسقط الدين عن المدين ، وهذا الجواب يطرد في كل ما وجب [ ص: 347 ] لله تعالى من الحقوق المالية كالزكاة والكفارات وغيرهما .

                                                                                                                            ( قوله : إما بمباشرة أو سبب ) أراد به ما يشمل الشرط بدليل ما يأتي من أنه لو أمسكه محرم حتى قتله حلال لزمه الجزاء ولا رجوع له به على القاتل ( قوله : أصابه ) صفة حيوان ، وقوله عليه : أي على الصيد ( قوله : أنه لو نصبها بغير الحرم إلخ ) يؤخذ منه أيضا أنه لو صاح لدفع صائل مثلا فمات صيد أو رمى سهما لبعير ند فوقع البعير على صيد فقتله عدم الضمان ، والفرق بين هذه وبين ما مر في قوله أو وقوع حيوان أصابه سهم عليه أن تلك مصورة بما إذا تعدى المحرم برمي الحيوان بالسهم أخذا من قوله الآتي ولو تلف به في نفاره صيد ضمنه أيضا ، بخلاف هذه فإنه لم يتعد فيها برمي السهم ( قوله : وإن أحرم ) هو المعتمد ( قوله : فقتله لم يضمنه ) هو المعتمد ( قوله : وعزاه إلى نصه ) أي الشافعي ( قوله : ولو استرسل كلب ) أي بنفسه ( قوله أثم ولا ضمان ) على الدال والمعين .

                                                                                                                            وأما المدلول والمعان ، فإن كان محرما ضمن وإلا فلا ( قوله : أو بيده ) أي الدال [ ص: 348 ] قوله فالأوجه اختصاص الضمان بالأول ) أي الراكب ( قوله : ولا يضمن ) أي المحرم وقوله لما تلف : أي من الصيد ( قوله : فإن فرط ) أي أو أغراه ( قوله : ولو أكره محرم على قتله ) أي الصيد ، وقوله ضمنه : أي المحرم ( قوله على مكرهه ) ظاهره وإن كان المكره حلالا ، ويفرق بينه وبين ما قبله بما ذكره من أن الحلال ليس من أهل ضمان الصيد ( قوله : ولا ينافي هذا ) أي عدم الضمان فيما لو أخذ الصيد لمصلحته ( قوله : أو اختصاص ) أي له أو لغيره ( قوله ; لأن الصيال ألحقه بالمؤذيات ) وعليه فلو كان الحيوان مأكولا وصادف أن دفعه بآلة قطعت حلقومه ومريئه فهل يكون ميتة أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ثم رأيت سم على حج تردد في ذلك وكتب على ميتة مر ، ثم رأيت قول الشارح الآتي ومذبوح المحرم إلخ وما يأتي بهامشه عن حج ( قوله : نعم يرجع بما غرمه على الراكب ) أي ; لأن الراكب بصياله ألجأه إلى قتل المركوب فيضمن ( قوله : ولا إثم بقتل جراد ) أي ولو وجد [ ص: 349 ] طريقا غيره على ما هو الظاهر من هذه العبارة ( قوله : ومنه يؤخذ تنفيره ) أي جواز تنفيره إلخ ( قوله : إذا أضر بأكله متاعه إلخ ) عبارة حج : في جملة ما يجوز التنفير لأجله أو كان ينجس متاعه بما ينقص قيمته لو لم ينفره ، فأفهم أنه لو لم تنقص قيمته لم يجز تنفيره وإطلاق الشارح يخالفه وفي سم على منهج في أثناء كلام ما نصه : وهل يلحق بذلك أيضا ما لو استوطن المسجد الحرام وصار يلوث المسجد بروثه فيجوز تنفيره عن المسجد صونا له عن روثه وإن عفي عنه بشرطه أو لا ؟ فيه نظر ا هـ رحمه الله .

                                                                                                                            أقول : الأقرب أنه كذلك ولو مع العفو ; لأنه قد لا توجد شروطه وتقذير المسجد منه صيال عليه فيمنع منه ( قوله : مطلقا ) أي سواء أخذ أمه من الحل أو الحرم كانت أمه في الحرم أم لا ( قوله : ويستمر في ضمانه حتى يسكن ) أي فلو انفلت ولم يعرف له حالا بعد فينبغي عدم الضمان لكونه الأصل ( قوله : كلبا معلما ) قضيته أنه لا يضمن بإرسال غير المعلم وهو موافق لكلام الماوردي السابق وتقدم ما فيه من الخلاف والمتبادر منه عدم الضمان ( قوله : ضمنه ) وإن أصابه السهم خارج الحرم ( قوله : كان موجودا فيه ) أي واستمر واحترز به عما لو رمى إلى صيد في الحل فدخل بعد الرمي صيد الحرم فأصابه السهم في مروره فلا ضمان لعدم تقصير الرامي ، إلا أن هذا يشكل على ما اقتضاه قول الشارح فقتله السهم فيه ضمنه ( قوله تغليبا للحرمة ) [ ص: 350 ] أي حرمة الحرم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لقوله تعالى { لا تقتلوا الصيد } إلخ ) ليس فيه دليل للحلال بالحرم ، فهو إنما قيس على المحرم كما يأتي وبه تعلم ما في كلامه الآتي ( قوله : ومنكم خرج مخرج الغالب ) أي وإلا فالكافر حكمه كذلك كما مر ، وصرح الشهاب حج أن المراد من قوله كالشارح ومنكم خرج مخرج الغالب [ ص: 345 ] لكن لك منعه بأن الآية في خصوص المحرم وعامة في صيد الحرم وغيره فتأمل ( قوله : ويصير مباحا ) يعني يستمر على إباحته المستصحبة من حال الإحرام ( قوله لأنه لا يراد للدوام ) تعليل لقوله فيلزمه إرساله [ ص: 346 ] قوله : كما لو أحرم وهو في ملكه ) التشبيه في مجرد وجوب الإرسال ( قوله حتى لو مات في يد المشتري لزم البائع الجزاء ) كأن هذه الغاية بيان للمراد من الضمان المذكور قبلها فليراجع ( قوله : وحينئذ فيضمنه بقبض بنحو شراء إلخ ) عبارة الروض وإن قبضه بشراء أو عارية أو وديعة لا هبة وأرسله ضمن قيمته للمالك وإن رده لمالكه سقطت القيمة لا الجزاء ما لم يرسل انتهت .

                                                                                                                            ( قوله : بثمن الصيد ) أي المعين ( قوله : منها الصيام ) بيان لبعض حالاته [ ص: 347 ] قوله : أو سبب ) مراده به ما يشمل الشرط كما يعلم من أمثلته ( قوله : وهو متعد ) مفهومه سيما مع قوله الآتي في الحلال وإن لم يكن متعديا أنه إن كان محرما وحفر في الحرم لا يضمن إلا إذا كان متعديا وليس مرادا إذ كيف يضمن الحلال بالحفر في الحرم وإن لم يكن متعديا ولا يضمن المحرم بالحفر في الحرم إلا مع التعدي مع تعدد المقتضي فيه وسيأتي [ ص: 348 ] أن حرمة الحرم لا تختلف ( قوله فيضمن المحرم صيدا وضع يده عليه ) أي بالجزاء كما هو ظاهر ( قوله : أو بما في يده ) لا يخلو إما أن يكون معطوفا على بتلف أو وهو في يده ، وأيا ما كان فهو يقتضي أنه لا يضمن الصيد الذي رفسته دابته مثلا إلا إن كان الصيد في يده أيضا ، وظاهر أن الحكم أعم ، ويجوز أن يكون قوله بتلف إلخ تفسيرا لوضع اليد ويدعي أن رفس الدابة مثلا وضع يد بالقوة ، وعبارة الروض : ويضمن الصيد باليد أو بالذي فيها انتهت [ ص: 349 ] قوله : فقتله السهم فيه ) إن كانت الصورة أن السهم أصابه خارج الحرم ثم دخل الحرم فسيأتي فيما نقله الأذرعي أنه لا ضمان ، وإن كانت الصورة أنه إنما أصابه في الحرم فلا حاجة إلى ذكر المسألة من أصلها لعلمها بالأولى من قوله فيما مر ويضمن حلال أيضا بإرساله وهو في الحل إلى صيد في الحل أيضا سهما مر في الحرم فلتحرر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية